يتمسك الدكتور صلاح عبدالمؤمن وزير الزراعة بالتفاؤل في انفراجة وشيكة لازمة توريد القطن, واعتبر الاجراءات التي اتخذها بالاتفاق مع الجهات المعنية كافية لإيجاد حلول عاجلة تقبل التطبيق علي أرض الواقع وضمانة حقيقية للمحصول من أنواء السوق. ووجد في موقف الحكومة مايعينه علي توفير أسعار عادلة للفلاح تتفق مع الاسعار العالمية السائدة وتحقق له هامش ربح معقول.. لكنه عاد يدق جرس انذار من تكرار الازمة العام المقبل اذا سادت السياسة المتبعة مع محصول القطن دون أدني تغيير. وعقد عزمه للسعي جاهدا صوب ارساء قواعد جديدة تكفل توفير مظلة حماية قوية للمحصول من ابتزاز الشركات المسوقة, وتشجع الفلاح علي الاستمرار في زراعته. في هذا الحوار يكشف الدكتور صلاح عبدالمؤمن الوجه الأخر لأزمة توريد القطن القلق يسيطر علي الفلاحين أمام اتجاه أزمة توريد القطن إلي مزيد من التعقيد؟ اتخذنا خطوات جادة صوب التعامل مع الأزمة ووضعها في إطار يساعد علي تجاوز العقبات التي تحول دون توريد القطن, وتم الاتفاق مع الشركة القابضة للغزل والنسيج علي تسلم المحصول وفق الضوابط والأسعار التي حددتها الحكومة مسبقا. المشكلة في الأساس مشكلة مالية ولابد من توفير الدعم الذي حددته الحكومة, وهذا هو عصب الأزمة, وأتصور أن الاجراءات التي اتخذت في سبيل ذلك ستمنع تفاقمها لتتم السيطرة علي الأوضاع, ويستطيع الفلاح توريد محصوله حسب الأسعار المحددة والمقرر أن تتسلم بها الشركة القابضة للغزل والنسيج.. والأمور تسير في طريقها الطبيعي الآن ولايوجد ما يدعو لقلق الفلاحين علي بيع محصول القطن وكل الاجراءات اتخذت ولم تعد المشكلة قائمة بالصورة التي يروج لها البعض.. ونحن لدينا مسئولية في هذا الشأن ولن نتخلي عنها. الحكومة أوجدت حلولا لعمليات التوريد.. تراها كافية؟ تعامل الحكومة مع الأزمة كان هدفه اتخاذ اجراءات سريعة ووضع حلول مناسبة حرصا علي مصلحة الفلاح وعدم تعرضه لخسائر مالية جراء عدم توريد انتاجه, والحكومة استطاعت تحقيق ذلك علي أرض الواقع, ووفرت مظلة حماية للفلاح خلال هذا الموسم وايجاد ضمانات لبيع محصوله وما تم في هذا الشأن في تقديري يكفي للتعامل مع الأزمة التي بدأت في الزوال تدريجيا عبر اتفاق علي قواعد واضحة مع الشركة القابضة للغزل والنسيج. لكن حجم الاجراءات المتبعة في هذا الشأن لن يستطيع توفير ضمانات دائمة للتعامل مع قضية توريد القطن الأعوام المقبلة.. لأن الأزمة ستعود للظهور مرة أخري, لذلك أوجب الواقع اتخاذ تدابير جديدة تكفل حماية حقيقية للفلاح في توريده للقطن بأسعار عادلة وتحميه من تقلبات السوق, وهذا ما بدأنا في ارساء حجر الأساس له عبر صندوق لدعم موازنة أسعارالقطن ونضع له التصور الكامل وسبل التمويل. كيف نترك الشركات المسوقة للقطن تضغط علي الفلاح لشراء محصوله بأسعار أقل من المعلنة؟ تخضع عمليات البيع والشراء لقواعد وضوابط حاكمة يتعين علي الجميع الالتزام بها, وقد أعلنا عنها خلال الأيام الماضية بوضوح شديد وبقرار قاطع لا يحتمل التأويل, والزراعة أدت ما عليها في هذا الشأن ووضعت أسس وقواعد التسعير, وهنا ينتهي دورها وأصبحت عملية البيع بالأسعار المعلنة مسئولية الفلاح الذي يتعين عليه التمسك بها وعدم بيع محصوله بأقل من الأسعار المعلنة من جانب الحكومة وألزمت بتنفيذها الشركة القابضة للغزل والنسيج. الصورة واضحة وليس من حق الشركات المسوقة للقطن ممارسة ضغوط علي الفلاح لبيع محصول القطن بأسعار تقل عن تلك التي حددتها الحكومة ويتعين عليها الالتزام بها... كما يتعين علي الفلاح التمسك بحقه في الحصول علي السعر المعروف والمتداول وتلك قضيته التي لابد له ان يدافع عنها لضبط عمليات البيع داخل السوق. تفتقد الزراعة أدوات الرقابة التي تعينها علي ضبط أسواق القطن؟ نملك الأدوات التي تحقق ضبطا لإيقع أسواق القطن ولا توجد أدني مشكلة في ذلك, ومن المقرر البدء علي الفور في عمليات المتابعة للسوق والتأكد من تدفقات التوريد وفق المعدلات المحددة وضمان عدم تعرض الفلاح لخسائر مالية في أثناء ذلك.. لكنني أعود وأجدد قولي بأن الرقابة لن تأتي فقط من خلال وزارة الزراعة وإنما الوضع يتطلب نوعا من الوعي لدي الفلاح في حرصه علي تسليم محصوله بالأسعار المعلنة. والزراعة لن تجبر الفلاح علي عدم بيع القطن بأسعار ارتضاها لمحصوله.. والشركات لن تستطيع تسلم المحصول بأسعار غير الأسعار المعلنة ولا نملك ابتزاز الفلاح لأنه إذا تمسك بحقه فلن تتمكن أي شركة أو تاجر من التأثير عليه وإجباره علي بيع محصوله بأسعار تخالف الأسعار المحددة والمعلنة, وهذه مسئولية الفلاح بالدرجة الأولي. الأسعار المحددة لشراء القطن يراها فلاحونا غير كافية؟ خضعت عمليات تسعير القطن هذا الموسم لإجراءات حقيقية وجرت في مناخ يتسم بالدقة والحرص علي تحقيق مصلحة الفلاح وضمان عدم تعرضه لخسائر مالية, وتمت دراسة الأسعار العالمية وفي ضوء ذلك وضع السعر الذي تشتري به الحكومة الأقطان من الفلاحين عبر الشركة القابضة للغزل والنسيج واعتمادها الهيئة المسئولة عن تولي تلك المهمة بضبط الأسعار وضمان حقوق الفلاح. الحكومة عندما وجدت الفلاح سيتعرض لخسائر مالية جراء بيع المحصول ب009 جنيه وفق المحدد سابقا, عملت علي رفع السعر بصورة أخري وربطته بالسعر العالمي, علي أن تسدد الفارق مباشرة إلي الشركة القابضة للغزل والنسيج..ونحن أمام ظروف مالية صعبة ويتعين علي الفلاج تفهم الأوضاع, ويكفي أن الحكومة تعاملت مع الموقف بنوع من المسئولية حرصا علي توفير مظلة حماية لمحصوله وتجنب تعرضه للخسائر. الزراعة تراخت في اتخاذ تدابير سريعة لشراء محصول القطن من الفلاح. وزارة الزراعة ليست الحلقة الرئيسية في الموضوع أو التي تمسك في يدها مقاليد القضية.. هي حلقة ضمن مجموعة حلقات أخري تسهم في ايجاد الحلول اللازمة.. نحن جهة تشرف علي رعاية وانتاج المحاصيل الزراعية وتعاون الفلاح علي مواجهة أعباء قد يواجهها.. لقد بذلنا طوال الأيام الماضية جهودا شاقة من أجل الوصول إلي صيغة يرضي عنها الفلاح وتوفر له ضمانات لتسويق محصوله بأسعار عادلة. لست أمسك في يدي عصا سحرية تضع الحلول والعلاجات في ذات اللحظة وانما هناك جهات تقع علي عاتقها مسئولية مؤثرة في هذا الشأن واذا حدث خلل في دور من الأدوار فإن ذلك يخلف وراءه مشكلات والأداء الذي جاء في التعامل مع التوريد تدارك تفاقم الأزمة كون التحرك تجاهها جاء في الوقت المناسب ولم تحدث علي إثرها اضرار للفلاح. الفلاح العام الماضي تكبد خسائر علي خلفية توريده لمحصول القطن وفرت له مظلة حماية هذا العام؟ لدي مسئولية تقع فوق عاتقي تجاه الفلاح بشأن توفير مظلة حماية له حتي يبيع محصول القطن بأسعار عادلة وأعتقد أنني أرسيت القاعدة في هذا الشأن ولم نتخل عن دور يناط بالزراعة.. والعام الماضي له ظروفه وملابساته ولست في معرض للحديث عما حدث خلاله لمحصول القطن.. وهذا العام تعاملنا مع الأزمة واتخذنا التدابير اللازمة التي تضمن انتهاء موسم التوريد دون وجود مشكلات جديدة والأمور أصبحت تسير في مجراها الطبيعي ولا يوجد ما يلوح في الأفق حتي اللحظة ما يسمي ببوادر تجدد للازمة.. وكل القواعد تم الاستقرار عليها ويتعين علي الجهات المشاركة في عمليات التوريد الالتزام بما اتفق عليه والتعامل مع محصول القطن في ضوء القواعد المحددة.. والقضية برمتها الآن أصبحت في ذمة تلك الجهات وعلي رأسها الشركة القابضة للغزل والنسيج. المسئولية تضيع بين جهات عديدة يناط بها عمليات بيع وشراء القطن؟ من الصعب تجميع تلك الجهات في كيان واحد ولسنا في حاجة الي ذلك.. فكل جهة لديها مسئولية محددة ودور يناط بها وتحقيق حسن الأداء يعد الضمانة الحقيقية لعدم وجود مشاكل تواجه الفلاح في عملية تسويق محصول القطن.. تلك هي المشكلة الحقيقية التي نحاول التغلب عليها بتحديد قاطع لأدوار كل من هذه الجهات ومحاولة ايجاد تعاون جاد يرتكز علي المرونة في اتخاذ القرار والتحرك بجدية لتدارك المشاكل وقت حدوثها. الزراعة لن تتنصل من مسئوليتها تجاه الوفاء برعاية كاملة للفلاح حتي يحصل علي أمواله من بيع محصول القطن ولا تلقي بالمسئولية علي أطراف أخري وانما لها دور فاعل في رعاية انتاج المحصول وتؤديه علي نحو جاد من منطلق ما تحمله فوق عاتقها من مسئولية. الوضع لا يحتاج أكثر من قيام كل جهة بأداء دورها علي اعتبار أن الخلل في دور واحد يؤثر علي بقية الأدوار. السياسات الزراعية المتبعة مع انتاج وبيع محصول القطن تحتاج لمراجعة؟ لن يسير وضع الفلاح علي النحو السائد وسنوليه اهتماما ورعاية خاصة خلال الفترة المقبلة عبر بناء رؤي وأفكار جادة تقبل التطبيق علي أرض الواقع وتدفع بالفلاح نحو تحسين نوعية الانتاج في شتي المحاصيل الزراعية وتوفر له الأدوات التي يحتاج اليها وتزوده بالخبرات التي تعينه علي رعاية محاصيله رعاية كاملة وهذا لن يكون فيه أدني مشكلة. وأتصور أن القضية التي يتعين التعامل معها بكل جدية وايجاد تصور لها.. قضية تكوين كيان يقوم علي تسويق المحاصيل الزراعية التي ينتجها الفلاح.. فهذا يعد في تقديري التحدي الأكبر والمعضلة الأساسية التي تواجه الفلاح.. الفلاح ليست لديه مشكلة يكابدها سوي عدم تمكينه من تسويق محصوله وتحقيق العائد المالي منه وهذا التوجه يستغرق تفكيري ونعمل علي ايجاده. لدي الفلاح يقين بأن الحكومة تدفعه صوب هجرة زراعة القطن؟ التعجل في الحكم علي الأمور يفقدها المصداقية وعندما نصدر احكاما علي توجهات الحكومة بشأن سياسات زراعة القطن.. فإنه من الضروري الاستناد الي أدلة توحي بذلك.. والحكومة تريد اعادة بناء انتاج القطن حتي يسترد عرشه ويعود انتاجه يتدفق والتعامل الذي جاء مع أزمة التوريد والتحرك السريع تجاهها يرسخ لتلك الحقيقة ويكشف عن رغبة بتوفير مزايا ورعاية كاملة للفلاح عند زراعته القطن, والموسم المقبل نوفر فيه ضمانات أكثر قوة. الحكومة توفر كل السبل للفلاح حتي لا يتخلي عن زراعة محصول القطن ولديها استعداد من أجل ايجاد أدوات تعينه علي ذلك والقرار الذي جري اتخاذه بتخفيض مصاريف المكافحة بما قيمته مائة جنيه وبتكلفة اجمالية35 مليون جنيه.. والحكومة لن تتأخر في منح الفلاح مزايا جديدة لتشجيعه علي الاستمرار في زراعة محصول القطن لتتدارك السياسات السابقة الخاطئة.