من واقع الخبرة والحرص علي أن يظل ميزان العدالة متوازنا لتفعيل الأداء القضائي, قررت أن أفصح عن خواطري لتعديل السلبيات في قانون السلطة القضائية إلي إيجابيات. بداية أوضح أن تعيين أعضاء النيابة العامة عن طريق إدارة التفتيش القضائي بجهاز النيابة ومجلس القضاء الأعلي من خريجي الحقوق عن عمر24 سنة, ويستمر العمل بها حتي درجة وكيل نيابة فئة ممتازة تعادل درجة قاضيا بالمحاكم الابتدائية, وبلوغ العضو(30 سنة) فينقل تلقائيا إلي العمل قاضيا بالمحاكم الابتدائية, ويتم تعيين القضاة بالمحاكم الابتدائية(30 سنة) ويستمر حتي سن(40 سنة), حيث يرقي إلي درجة رئيس محكمة, ثم قاض بمحاكم الاستئناف العالي, ويظل حتي درجة رئيس استئناف وبلوغه سن المعاش, ونتيجة لذلك فإن جهاز النيابة العامة يكون90% من أعضائه حديثي التخرج, ويحتاجون إلي المزيد من الخبرة القانونية, ولكي يكتسبوا أعمال النيابة بحاجة لمدة3 سنوات ليتقنوا هذه الأعمال, ولأن النيابة العامة خصم شريف فينبغي الاعتراف بدورها في منظومة العمل القضائي, واستقلالها عن قضاة الحكم. أما عن التعيينات لقضاة الحكم فإنها تأتي من مصدر وحيد هو النقل التلقائي من النيابة العامة( وكيل نيابة فئة ممتازة), فيكون قاضي بالمحاكم الابتدائية, ثم يرقي إلي رئيس محكمة, ثم إلي درجة قاض بالمحاكم الاستئنافية عند بلوغه سن ال40 من عمره, يننتقل خلال هذه السنوات العشر من دوائر مختلفة داخل المحاكم الابتدائية بمختلف المحافظات دون أن تكون لديه الخبرة أو التخصص في فرع محدد من فروع القانون, والتعيينات لقضاة محاكم الاستئناف ليس لها إلا مصدر واحد هو الترقي من قضاة المحاكم الابتدائية عند عمر40 سنة, ويظل بمحاكم الاستئناف حتي الإحالة إلي المعاش, وما يقال بشأن التنقل بين المحافظات والدوائر المختلفة بالمحاكم الابتدائية, هو نفسه ما يحدث في محاكم الاستئناف, مشيرا إلي أن العمل يكون3 أيام أسبوعيا بالمحكمة الابتدائية, بينما يعمل قاضي الاستئناف أسبوعا وحيدا شهريا. بالمقارنة للأعداد الهائلة من القضايا المتداولة أمام الدوائر في المحاكم الابتدائية يتلاحظ أن أعداد القضاة في هذه المحاكم ضئيل بشكل ملحوظ, بالإضافة إلي حاجاتهم إلي المزيد من الخبرة, مما ينعكس علي سرعة الفصل والدقة في إصدار الأحكام, ولتوضيح ذلك فإن محاكم الاستئناف العالي تشغلها30 دفعة تخرج من سن40 سنة حتي الإحالة للمعاش عند بلوغ ال70 عاما, بينما المحاكم الابتدائية تشغلها10 دفعات تخرج من سن30 حتي40 سنة, وهذا يفسر تراكم القضايا بالمحاكم الابتدائية, والنتيجة عدم الرضاء عن أداء جهاز النيابة العامة في مباشرة أعماله, فكيف يطلب من النيابة العامة أداء قوي ومتميز في الوقت الذي تحتاج فيه القاعدة إلي المزيد من الخبرات المتراكمة. ويترتب علي ذلك التوتر الشديد بين قضاة المحاكم الابتدائية عند بدء العمل بهذه المحاكم, حيث يحتاجون للتدريب أو الخبرة التراكمية, في الوقت الذي تزداد فيه أعداد قضاة الاستئناف العالي في الدوائر الاستئنافية مقارنة بالكم المتداول من القضايا, مما يؤدي إلي ظهور دوائر رباعية وأحيانا خماسية, وتلاحظ عدم التناسب بين احتياجات العمل القضائي النوعي بالمحافظات المختلفة, مع تعيين القضاة بالمحاكم الابتدائية, ويرجع ذلك لعدة أسباب, منها عدم وجود دراسات مسبقة عن الاحتياجات, وعدم الوقوف علي القدرات المهنية القانونية لأعضاء النيابة الذين يتم نقلهم دون رغبتهم في العمل بهذه المحاكم, ثم التوزيع الجغرافي الذي يبدو عشوائيا, بل إن التوزيع بالدوائر المختلفة بالمحكمة يكون دون معايير موضوعية, وفي محاكم الاستئناف تعاني زيادة عدد قضاة الاستئناف مقارنة بالكم المتداول بها من القضايا, مما أدي إلي وجود دوائر رباعية وأحيانا خماسية. لذا أقترح استقلال جهاز النيابة العامة وتشكيل مجلس أعلي لقيادته مستقلا تماما عن مجلس القضاء الأعلي لقضاة الحكم, كل منهما يختص بشئون أعضائه من حيث التعيين, والتدريب, والترقية, والتنقلات, ومتابعة الأداء, والتقويم الفني, فيظل عضو النيابة العامة منذ التعيين وحتي الإحالة للمعاش كما يظل القاضي متخصصا بنظر نوع معين من المنازعات داخل حدود جغرافية تشمل المحافظات المجاورة لمحل إقامته, وبذلك يكون حلم المتقاضين قد تحقق بأن من يتعامل معه في النيابات الجزئية لديه من الحكمة والخبرة لإصدار قرارات صائبة في الدعاوي التي يجري التحقيق فيها, وفي تمثيل النيابة أمام المحاكم, وأن تتم التعيينات بجهاز النيابة العامة عن عمر لا يقل عن28 سنة بعد اجتياز اختبارات ومسابقات بمعيار الكفاءة, وليس التوريث, مع فتح باب التعيينات ابتداء من درجة مقبول, والعلة في ذلك أن الاختيار بعد مرور عدة سنوات من التخرج يكون فيها خريج الجامعة قد مارس العمل القانوني أو الدراسات العليا حتي تزداد خبراته الفنية. من الضروري أن تبدأ التعيينات لقضاة المحاكم عن عمر لا يقل عن30 سنة, وأيضا بمعيار الكفاءة عن طريق المسابقات, والأمر يختلف لقضاة الحكم, فيحدد في المسابقة نوعية العمل القضائي والتخصص المطلوب, علاوة علي الالتزام بالمنطقة الجغرافية التي سوف يعمل فيها السيد القاضي طوال حياته. وكذلك استمرار عمل قضاة المحاكم الاستئنافية من درجة مستشار ونائب رئيس محكمة استئناف, مع الاحتفاظ بالدرجات والحقوق المالية الكاملة بالعمل بالمحاكم الابتدائية فترة انتقالية وحتي انتهاء الكم الهائل المتراكم بالمحاكم الابتدائية, والعودة إلي ثكناتهم الطبيعية.