لئن كان الانتصار في حرب أكتوبر1973 علي الكيان الصهيوني وكسر شوكته وجعله يجرجر أذيال خيبة الأمل في حد ذاته نصرا مبينا مؤزرا, إلا أن النصر االأكبر الذي تحقق آنذاك هو ظهور المعدن الأصيل للشعب المصري باختلاف طوائفه وتباين مشاربه: بعماله وفلاحيه, بمسيحييه ومسلميه, بمثقفيه وبغيرهم, هذا المعدن الأصيل الذي جعل االشعب بأسره يلتف حول قائده ليندمجا معا في بوتقة واحدة, ويحاربا في خندق واحد. وإذا كان العدو حينئذ قد تفوق من الناحية العسكرية تسليحا وتعبئة وأموالا, إلا أنه لم يفطن لحقيقة دامغة وهي أن الغلبة في الحروب لايظفر بها إلا من اعتصم بشيئين: أولهما التسليح الجيد الذي يكفي لإحراز الهدف تلو الآخر في مرمي العدو امتثالا لقوله تعالي( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) وثانيهما وأهمهما الإيمان الراسخ الذي يتعدي مجرد العزيمة الي اليقين بوجوب تطهير الأرض من يد الاحتلال الغاصب الذي تلطخت أياديه بدماء أبناء هذا الوطن, ذلك الإيمان الذي شحذ همم الجنود البواسل فحاربوا وانتصروا, وهو ذاته الذي جعل قائدهم يذهب الي عقر دار العدو ليمد احدي يديه بالسلام وحاملا بالأخري سيفه ودرعه, كما قال الرئيس السادات الذي جلس علي طاولة المفاوضات ناظرا لأعدائه نظرة الليث بعد ان ينال من فريسته ويقضي عليها, تلك النظرة الواثقة في نصر تحقق جعل صاحبه يملي شروطه في استعلاء المنتصر بعد ثقته في شعب أصيل يقف خلف ظهره حاميا ومدافعا. ولكي يتحول الماضي إلي حاضر ومستقبل نتمثله كل يوم, فلنبادر جميعا بجعل هذا النصر المبين نبراسا في حياتنا ودافعا ملهما لتحقيق المزيد من آيات النصر في شتي مناحي الحياة بذات العزيمة والإيمان الراسخ بقوتنا. سمير علي حسنين المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة