الأزمة السورية المتفاقمة التي تزداد ترديا يوميا بعد يوم, تكشف التخاذل العربي, وعدم القدرة العربية علي احتواء أزماتها, أو فرض حلول عربية لأزمات غابت عنها القوي الخارجية. والأمر المحزن أن العالم العربي يمكنه بقدر يسير من التوحد من إحراج روسيا والصين, بل الأمر المؤكد أن هاتين الدولتين لن يمكنهما مواجهة الغضبة العربية لو أعلنت بوضوح أن نظام بشار الأسد قد فقد صلاحيته, وعليه أن يرحل اليوم وليس غدا. وتبدو اللحظة الراهنة الآن كاشفة لواقع الحال, وقد عبر العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز بوضوح بتأكيده إن المشهد الحاضر قد بلغ حدا مأساويا قياسيا, وباءت كل الجهود بالإخفاق في مواجهته, وأضاف الملك عبدالله في كلمته أمام مؤتمر رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة أخيرا: إن المشهد كشف مع الأسف الشديد عن ضعف الأمة في احتواء أزماتها وحل مشكلاتها ومعالجة قضاياها. وبينما تتردد الأنظمة العربية في فرض حل للأزمة السورية, فإن الحلول السلمية تنفذ واحدا وراء الآخر نظرا لأن حجم الدماء وأعداد الضحايا التي تتساقط يوميا تجعل من الصعب, بل من المستحيل, احتواء الأزمة سلميا بعيدا عن الحلول العسكرية, فها هي تركيا تتراجع عن دعواتها لحل أزمة سوريا وفقا للحل اليمني الخاص بتنحي الرئيس لمصلحة نائبه, وقالت تركيا علي لسان وزير خارجيتها داود أوغلو: إن الحل اليمني كان مناسبا قبل تسعة أشهر, لكن الآن لا, لأن كل بلد له ظروفه الخاصة, وبسبب التطورات الأخيرة علي الساحة السورية التي شهدت استخدام المدفعية والقوة الجوية في قصف المدن السورية, أصبحت الفرصة ضيقة أمام تطبيق مثل هذا الحل. ويبدو أن النظام السوري بقيادة بشار الأسد, يراهن علي التخاذل العربي, والتردد الدولي, وأيضا يعتقد أنه بمزيد من إراقة الدماء البريئة للشعب السوري, فإنه يمكن أن يستمر, إلا أن هذه المجازر الوحشية بالتأكيد تعجل من زوال النظام السوري أسرع مما يظن, وإذا لم يكن مصدقا.. فعليه أن يمد عينيه ليري من رحلوا قبله!