هناك أزمة بين الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور, وهيئة قضايا الدولة حول وضع الهيئة والنص عليها في الدستور الجديد كهيئة مستقلة, الأزمة بدأت عندما اقترحت لجنة نظام الحكم بالجمعية إنشاء النيابة المدنية من رحم هيئة قضايا الدولة. هذه النيابة المقترحة لتيسير إجراءات التقاضي, وسرعة الفصل في القضايا, وهي أشبه بمهمة هيئة المفوضين بمجلس الدولة, حيث تقوم ببحث القضايا المدنية والتجارية وإعدادها في مراحلها الشكلية والإجرائية, وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها لعرضها جاهزة علي المحكمة, تخفيفا للعبء عن القضاة, سعيا لتحقيق العدالة الناجزة. وعندما أحيل هذا الاقتراح إلي لجنة الصياغة, اعترضت عليه تحت تأثير رأي المستشار حسام الغرياني رئيس الجمعية, الذي كان قد اعتنقه إبان عمله بمحكمة النقض, ومؤداه أن تلك الهيئة ليست من الهيئات القضائية التي عنتها المادة (88) من دستور 71, وإنما هي فرع من فروع السلطة التنفيذية ممثلة في وزارة العدل! برغم أن المحكمة الدستورية العليا أصدرت قرارا تفسيريا بجلسة 7 مارس 2004 بأن هيئة قضايا الدولة هيئة قضائية مستقلة. فلماذا هذا التعنت, وهذا التعصب, وهذه الأهواء الشخصية البعيدة تماما عن الموضوعية, والتي لن تساعد علي النهوض بمصر التي تحتاج إلي نزع فتيل الأهواء الشخصية, والنظر بعين الاعتبار للمصلحة العامة؟ والمستشار الغرياني يعلم جيدا أن هذه الهيئة أنشئت عام 1875, وهي أقدم وأعرق هيئة قضائية في مصر, وهي الأب الروحي لسائر الهيئات القضائية, حيث إن الرعيل الأول لقضاة المحاكم الأهلية المنشأة في عام 1883 ومستشاري مجلس الدولة كان من مستشاري الهيئة, وأول رئيس لمحكمة النقض, وكذا مجلس الدولة كان من مستشاري الهيئة. قاضينا الجليل حسام الغرياني.. لا تقف أمام رغبة زملائك في هيئة قضايا الدولة لتحويل هيئتهم إلي النيابة المدنية. المزيد من أعمدة عبد المعطى أحمد