عقد مركز الأهرام للدراسات الاجتماعية والتاريخية أمس حلقة نقاشية بعنوان نماذج للتطور من النظم التسلطية للنظم الديمقراطية.. رؤية مقارنة بالتعاون مع رئاسة الجمهورية . ممثلة في سمير مرقس مساعد رئيس الجمهورية لشئون التحول الديمقراطي والدكتورة باكينام الشرقاوي مساعد الرئيس للشئون السياسية, واستهدفت كما قال مرقس توسيع مساحة النقاش الوطني حول سبل تعزيز الديمقراطية الوليدة من خلال تأمل تجارب التحول الديمقراطي من حولنا لتحقيق عملية انتقال سلس وسلمي نحو تلك الغاية. فيما أكد نبيل عبدالفتاح مدير المركز أهمية عقد مثل هذه الحلقات النقاشية في توقيت حرج تشهد فيه مصر صراعات متزايدة بين أركانه السياسية والاجتماعية والقانونية, مما يهدد عملية التطور الديمقراطي الناشئة, وترأس الحلقة عمرو موسي أمين عام جامعة الدول العربية السابق مقدم البروفيسور فيليب شميتر أستاذ العلوم السياسية وأبرز المهتمين بتجارب التحول الديمقراطي, الذي وضع أيدينا علي بعض مفاتيح التحول الديمقراطي التي تساعدنا لتحقيق المرور الآمن نحو الاستقرار السياسي والتوافق المجتمعي. وأكد في بداية حديثه أن ظاهرة عدم اليقين أو الفوضي التي تشهدها مصر حاليا شيء طبيعي شهدته جميع تجارب الانتقال للديمقراطية وتحديدا في أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية, ولكون عملية التحول الديمقراطي لا يمكن لها أن تتم عبر نقلة واحدة, وإنما هي عملية طويلة ومتدرجة, وقياسا للتجارب الديمقراطية حول العالم من الصعب تصور مسار واحد للتحول يمكن الاسترشاد به في مصر وإنما هناك مسارات متعددة تتفق جميعها في النهايات المشتركة. وحول رؤيته لنمط التطور الديمقراطي في مصر, أكد شميتر أنه أكثر انسجاما مع نموذج الانتقال بالتراضي وأقرب تجسيد له يكمن في النموذج الإسباني, وهذا النموذج يعتبر نموذجا وسطا ما بين النموذج الثوري الراديكالي الحاد الذي يجد مرجعيته بالنموذج الفرنسي ونقيضه البريطاني الذي يتسم بالبطء والتدرج والطويل زمنيا. وقال شميتر إن هذا النموذج الذي تسير عليه مصر الآن أفضل من نموذج الانتقال القسري القادم من قسمة السلطة للمجتمع, ولكنه لا يمكمن له أن يغزو نظاما ديمقراطيا وإنما نظاما سلطويا بأشكال أخري. ولكي نفهم ما يحدث في مصر, يجب أن نعلم أن عملية الانتقال لا يمكن أن تثبت نظاما ديمقراطيا كليا, وإنما تعمل علي تثبيت ما سماه الجزئيات الديمقراطية التي تثبت دعائمها وتنتشر كي يتحقق لها في النهاية نظام ديمقراطي, والرشادة هنا تكمن في القدرة علي إعادة تجميع تلك الجزئيات الديمقراطية لكي تكون أسس وركائز النظام الديمقراطي المنشود.وخلال تلك العملية يجب تأكيد الفعل الإنساني, سواء كان فردا أو جماعة ودوره في الإسهام بعملية التحول الديمقراطي, وضمن هذا السياق كما يقول شميتر وجود جانبين للعملية الديمقراطية.. الأول: اكتساب السمات العالمية للديمقراطية( أشكال الممارسة الديمقراطية), والثاني: نابع من خصوصية النظام الناشئ وملاقاته بالمحيط الإقليمي والدولي أو ما سماه التفرد, وهنا يمكن للمصريين بلورة نموذج ديمقراطي يصلح للمنطقة العربية, لكون هذا التفرد عاملا مهما وحيويا يساعد علي البناء الديمقراطي, حيث إن الاستنساخ الغربي في بيئات غير مواتية يمكن أن يقود إلي حرب أهلية. فالديمقراطية حسب توصيف شميتر لم تعد خيارا, وإنما باتت مطلبا حيويا, لكون السياقان الدولي والوطني يدفعا بقوة لمصلحة الاستجابة لتلك الحاجة الإنسانية الضرورية, إلا أنه أكد أن حقيقته قد تصدم الكثير, وهي أن الديمقراطية لا تمنح تلقائيا فرص الرخاء الاقتصادي للشعوب, وأنها من المؤكد تمنع الأسوأ.