تعيش البلد هذه الأيام حالة إحتقان وإستقطاب شديدين, ينذران في حال استمرارهما علي هذا النحو بخطر كبير علي كافة الأصعدة, ومايزيد الأزمة حدة هو غياب لغة الحوار وقبلهما الإعتراف بالآخر وإحترام التعدد والقانون. والخلاف الأساسي بين تيارين أساسيين هم الإسلاميون ومن عداهم, والتيار الأخير يسعي لتشكيل جبهة مضادة للإسلاميين الذين يتهمونهم بالسعي للهيمنة والإستحواذ وتهميش الآخرين,والإتهامات ذاتها يكيلها الإسلاميون لخصومهم. وعقلاء البلد اليوم من كل التيارات مدعوون لتغليب لغة الحوار والمنطق والعقل, لأن كل ساعة تمر علي البلد في هذه الحالة تجلب لها المزيد من الخسائر, وتراكم الأخطاء في تعامل القوي السياسية مع بعضها البعض قد يؤدي إلي إنسداد عملية الحوار, التي تحتاج إلي التهدئة أولا وتخلي كل طرف عن منطق الغطرسة والإستقواء والإدعاء بتملك الحقيقة وتمثيل مصر, التي هي في واقع الأمر أكبر من أي تيار أو حزب, ويجب أن تظل لجميع المصريين بكافة إنتماءاتهم وطوائفهم وتوجهاتهم. وفي الحقيقة إن الإنقسام الحادث لن يتوقف عند هذين التيارين وهذا ماشهدناه أمس الأول في ميدان التحرير ومن قبل في صفوف الإسلاميين, وستكون البلد عرضة لمزيد من الإنقسامات والتشرذم إن لم تكن هناك طرائق وآليات جديدة لإدارة الأزمة, وصنع توافق وطني حقيقي لن يتحقق إلا بفتح أبواب حوار مجتمعي واسع حول مختلف القضايا, بشرط ألا يكون حوار طرشان, أو حوار يفتقد للحد الأدني من شروطه, ويحكم فيه كل طرف علي الآخر من خلال الخندق الذي يقف فيه أو الأفكار التي يعتنقها أو شكله أو طول ملابسه... لماذ لاتكون جمعتنا القادمة جمعة الحوار, ليكون عيدنا في مصر عيدين. المزيد من أعمدة أسماء الحسينى