جمع سمسار التسفير للخارج جوازات عدد من الشباب الراغبين في الهجرة ولا يستطيعون الحصول علي تأشيرة.. طلب منهم نحو50 ألف جنيه عن كل فرد.. طمأنهم علي أنهم لن يتعرضوا للغرق في عرض البحر كما حدث لضحايا سبقوهم.. فهم سوف يسافرون بالطائرة إلي دول غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي لأنها لا تتشدد في إجراءات السفر والهجرة, قال لهم: ستهبط الطائرة في ترانزيت في إحدي الدول وهناك جمع جوازات سفرهم وقال لهم انطلقوا خارج المطار وابدأوا حياتكم الجديدة! خلال عام من الهروب من أعين رجال الشرطة بالدولة التي وصلوا إليها أنفقوا كل مدخراتهم, وادعي بعضهم أنه فلسطيني أو عراقي أو سوري عندما ضبطته الشرطة حتي يتمكن من البقاء لأنه لن يستطيع العودة إلي وطنه.. بعض الشباب عملوا بنصيحة السمسار ويختفي من الملفات الأمنية بالعمل في المزرعة أو مطعم أو البناء.. لكن خلال أعوام معدودة من الأشغال الشاقة في الغربة يقع في قبضة الشرطة ويتم استخراج وثيقة من سفارة بلده لترحيله. من بين الضحايا الذين مروا بهذه التجربة صلاح أحمد من البحيرة الذي قال: رغم ذلك فالتجربة مجزية بعد السنة الأولي والأجور مناسبة ويكفي أنني استطعت ادخار خمسة يورو في كل يوم بعد خصم مصروفاتي ومن الضحايا أيضا مصطفي العليمي الذي خاض التجربة وتم ترحيله لمصر ليشتري مزرعة ويعمل لديه شباب كثيرون باليومية التي تصل إلي80 جنيها, لكن المشكلة أنه عمل غير دائم.. لكنه أفضل من الغربة والهروب والعمل في أي شيء بأي أجر! ظاهرة الهجرة غير الشرعية لا جنسية لها ولا تختص بها دولة بعينها والتقديرات العالمية المتاحة تشير إلي أن هناك200 مليون شخص يهاجرون سنويا نصفهم يبحث عن عمل و7% منهم يطلبون اللجوء السياسي و2% يلتحقون بمؤسسات جامعية و41% الباقية هم عائلات مهاجرين أرادوا جمع الشمل. ثقافة ومعتقدات سيئة وفي حصر للدول المهاجر إليها بصورة غير شرعية تقول د. ماجدة شلبي أستاذ الاقتصاد والمالية العامة بحقوق الزقازيق: تعد الجزائر من الدول التي تعاني كثيرا من تداعيات ظاهرة الهجرة غير الشرعية نظرا لقربها من سواحل أوروبا عبر البحر المتوسط وكانت الجزائر في السابق دولة معبر وأصبحت الآن من الدول المصدرة والمرسلة للهجرة غير الشرعية ويهدف المهاجرون غير الشرعيين إلي التوجه نحو إسبانيا, إيطاليا, بريطانيا, فرنسا, وسويسرا ويقدر عدد المهاجرين غير الشرعيين إلي منطقة الاتحاد الأوروبي بنحو4000 إلي5000 مهاجر ويقدر عدد المقيمين بشكل غير شرعي في أوروبا بنحو2.5 مليون شخص أو مهاجر وقد واجهت الجزائر نوعا آخر من مشكلات الهجرة وهي مشكلة المهاجرين غير الشرعيين المتدفقين من إفريقيا وخاصة من النيجر بنسبة33% ومالي13% ونيجيريا10% والمغرب تستخدم الجزائر كدولة ترانزيت للحاق بأوروبا. وتواجه المغرب أيضا مشكلة الهجرة غير الشرعية منذ بداية القرن وتعتبر دولة معبر للهجرة غير الشرعية إلي اوروبا من جانب الأفارقة ويوجه إليها الاتهام دائما من جانب منظمات حقوق الإنسان بأنها غير قادرة علي الإدارة الحكيمة والحصفية لظاهرة الهجرة غير الشرعية. أما إيطاليا فقد كانت من الدول المصدرة للهجرة إلي فرنسا وبلجيكا والولاياتالمتحدة حتي بداية الستينيات من القرن العشرين ولكن مع تحسن الأوضاع الاقتصادية وتزايد معدلات النمو الاقتصادي والتنمية أصبحت إيطاليا دولة مقصد أو مهجر تتوجه إليها تدفقات الهجرة الخارجية من الصومال وإثيوبيا وإريتريا. وتقوم الولاياتالمتحدةالأمريكية بمواجهة هذه الظاهرة من خلال إجراءات مشددة تجاه الهجرة من جنوب البلاد خاصة المكسيك في ظل الفوارق الكبيرة في الأوضاع الاقتصادية والنمو الاقتصادي, وفي مواجهة هذه الظاهرة فقد اعتمد مجلس الشيوخ أو الكونجرس الأمريكي في29 سبتمبر2007 قرارا يقضي بإنشاء حائط عازل بطول1100 كيلو متر علي الحدود الجنوبية للبلاد بتكلفة قدرها18 مليار دولار لمواجهة هذه الكارثة, وقد رفضت دول أمريكا الوسطي والمكسيك فكرة إنشاء هذا الحائط. حقيقة وواقع مشكلة الهجرة غير الشرعية في مصر وتري د. ماجدة شلبي عقد الكثير من الشباب المهاجرين الآمال العريضة علي الهجرة غير الشرعية التي يمكن أن تحقق لهم الثراء السريع في أرض وموطن الثورة الEldorado دون التيقن لاختلاف القيم والعادات السائدة في دول المهجر أو المجتمع الأوروبي, ورغم تعرض الكثير من شباب المهاجرين للكوارث والمخاطر الكبيرة في رحلات الهجرة والموت بسبب استخدام قوارب غير آمنة وغير مهيأة في مواجهة بحار وأمواج عاتية والتعرض لمصير مأسوي, وتشير الإحصاءات لتعرض أكثر من8966 مواطن للموت علي السواحل الأوروبية منذ عام1988 منهم3079 مواطنا أو شخصا قد اختفوا تماما في مياه البحر. هذا وقد قدر عدد المهاجرين غير الشرعيين بنحو6495 شخصا تعرض منهم نحو2023 شخصا للموت ما بين مصر وليبيا وتونس ومالطا وإيطاليا منهم1209 أشخاص قد اختفوا تماما في مياه البحر. وقد تعرض نحو3086 شخصا للموت عند جزر الكناري بين المغرب وإسبانيا منهم1277 شخصا قد اختفوا تماما. وعلي الرغم من هذه المخاطر التي يتعرض لها المهاجرون غير الشرعيين عبر البحر المتوسط, فإن هذا لم يمنعهم من محاولة العبور وتعرض الكثير منهم للموت والغرق لم يثن الآخرون عن خوض التجربة. والسؤال الذي يطرح نفسه دائما هو: كيف يتمكن هؤلاء الشباب من الهجرة؟ والإجابة تتمثل في نقص الخبرات والوعي الكافي لدي الكثير منهم وهم ضحايا لاستغلال بعض الوسطاء والخارجين علي القانون ومكاتب الهجرة غير الشرعية التي تقوم باستغلال جميع الإمكانيات المادية لديهم مما يدفعهم في النهاية للمخاطرة ومواجهة المصير المجهول أو الموت من أجل استعادة تكلفة هذه الهجرة.. وتتميز محافظة الفيوم بأعلي نسب للهجرة غير الشرعية.. ويقوم هؤلاء الشباب بالمغامرة ومواجهة المجهول دون أوراق رسمية تؤكد هويتهم. وعن كيفية مواجهة هذه الكارثة تقول: إنه من السياسات المطبقة في هذا المجال لمواجهة الهجرة غير الشرعية قيام السلطات العامة بوضع واتخاذ بعض الإجراءات مثل الرقابة المشددة والمتزايدة علي الحدود خاصة في دول الاتحاد الأوروبي من خلال نظام السجلات الإلكترونية والضبط والتنظيم القانوني ضد كل من يستخدم عمالة غير شرعية, ومن المنظمات المتخصصة في مجال محاربة الهجرة غير الشرعية lmmigrationandnaturalizationservices التي حققت إنجازات حقيقية وقامت برصد ميزانيات ضخمة التي توظف نحو11000 شخص وتقوم بمضاعفة ميزانياتها منذ عام1993, وتقوم بوضع استراتيجيات ذات آثار إيجابية, مما أدي إلي انخفاض عدد المهاجرين غير الشرعيين بشكل ملموس. كما قام الاتحاد الأوروبي بتطبيق نظام الترخيص الإلكتروني للسفر من خلال الإنترنت ليحل تدريجيا محل نظام الفيزا أو تأشيرات الدخول. وتوضح أن جهود الحكومة والمجتمع المدني لمواجهة الظاهرة تشمل بعض رجال الأعمال في المجتمع المصري بإطلاق مب ادرة مصر في حاجة لأبنائها, واقتراح فرص للعمل للناجين من مخاطر الهجرة والذين تعرضوا لمواجهة الغرق والموت والذين فقدوا الأمل في الحصول علي فرص العمل المناسبة في وطنهم. ومن أجل توضيح الرؤي لدي الشباب حول مخاطر الهجرة, فإن إنشاء المجلس القومي للهجرة يعد أحد الحلول المهمة من أجل وضع أطر وسياسات قومية واضحة المعالم لتوحيد الجهود للمنظمات المختلفة التي تعمل في هذا المجال والهدف الأساسي لهذا المجلس هو إقامة صناعة موجهة ضد الهجرة. ويشكل التعاون بين مصر وإيطاليا في مواجهة هذه الظاهرة مثالا يحتذي به مع سائر الدول الأوروبية الأخري, حيث قامت إيطاليا عام2007 بمنح مصر7000 فرصة عمل من خلال نظام الحصص وبالرغم من ذلك فقد تقدم5000 شخص فقط كما تم تأهيل نحو200 شخص فقط ولذلك يجب تناول هذه القضية كقضية أمن قومي خاصة وأن المهاجرون المصريون يشكلون مصدرا رئيسيا للدخل القومي من النقد الأجنبي حيث تقدر تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنحو8.5 مليار دولار عام2007/2008 تراجعت إلي نحو7.8 مليار دولار عام2008/.2009 ولمحاربة الهجرة غير الشرعية عبر البحار يجب أن تقوم القوات البحرية بعمل إشراف دائم علي الشواطيء والمواني المنعزلة. الطلب علي العمالة الماهرة الدكتور مصطفي كامل السيد( استاذ العلوم السياسية بالقاهرة) والمدير التنفيذي لشركاء التنمية يري أن في الوقت الحاضر يمر العالم بأزمة اقتصادية خاصة في أوروبا والولايات المتحدية وهذه الأزمة تنعكس في ارتفاع معدلات البطالة في هذه البلدان وقياما لحكومات هناك بإصدار وإقامة الأجانب تحت دعاوي أضرب مثل الدراسة, ولذلك حتي لو كانت هناك اتفاقات أو تأهيل للعمالة المصرية, فإن ذلك لا يمكن أن هناك فرض للعمل في هذه البلاد. ومن ناحية أخري إذا كان هناك نقص في الأيدي العاملة في بعض هذه البلدان فإن النقص المؤكد هو الأيدي العاملة عالية المهارة مثل العاملين في خدمات الاتصال والخدمات الإلكترونية وهذا يقتضي الإعداد العالي المستوي في مصر ورفع مستوي معرفتهم باللغة الأجنبية, ومثل هذه المهارات لا تتوافر في العادة للمقبلين علي المشاركة في الهجرة الغير رسمية لأن أصحاب هذه المهارات يجدون بالفعل عمل في الدول المتقدمة, ولذلك لا يحتاجون لتدخل حكومي في هذا المجال.