قال الرئيس الإريتري آسياسي أفورقي إن مصر قادمة بعد ثورة25 يناير لتتبوأ مكانتها في إفريقيا, واصفا سياسات النظام السابق تجاه القارة السمراء ب غير واقعية. وفي الوقت الذي رأي فيه أفورقي أن الأزمات العربية الحالية هي نتيجة الاختلالات المحلية والإقليمية والدولية, فقد حذر من أن سيناريو انفصال جنوب السودان قابل للتكرار. وأضاف الرئيس الإريتري في حواره لمجلة السياسة الدولية ينشره الأهرام بالتزامن: إن مصر والسعودية مهيأتان الآن للدفع باتجاه تعاون إقليمي مشترك لتشكيل آلية فعالة لأمن البحر الأحمر, بما يمكن من الاستغناء عن أي قوي خارجية. وعبر الرئيس الإريتري عن تطلعه للقاء الرئيس المصري محمد مرسي, قائلا: نطمح في أن تكون هناك علاقات ثنائية لمناقشة الأمور الاستراتيجية الإقليمية والدولية التي تربط إريتريا بمصر, فالبلدان لديهما قواسم مشتركة تفرض عليهما التعاون, وأرجو أن تكون هناك زيارة إلي مصر قبل نهاية العام الحالي للقاء الرئيس مرسي. فالإرادة موجودة, والمبادرات والاتفاقيات أيضا, وزيارات الوفود مستمرة. وفي ظل هذه المتغيرات, يجب أن تكون هناك حوارات, وآمل في أن تكون هناك خطوات جادة قريبا. وأكد الرئيس أسياسي أفورقي أن النظام السابق في مصر اعتمد سياسة غير واقعية تجاه إفريقيا, وأهمل منطقتي القرن الإفريقي وحوض النيل. وحول توقعاته لدور مصر بعد ثورة يناير, قال أفورقي: هناك عملية تحول كبري في مصر, ولا يمكن الحكم الآن علي ما سيحدث فيها خلال السنوات المقبلة, هل ستعود مصر فعلا لأصلها ولمكانتها, أم سيكون غير ذلك؟. ويري الرئيس الإريتري أن ثورة25 يناير2011 جاءت نتيجة الأوضاع الأمنية والسياسية والثقافية في مصر, في ظل ظروف إقليمية مواتية, وبسبب الضغوط الدولية التي مارست دورا في فقدان مصر لدورها ومكانتها في المنطقة. وحول إنشاء طريق يربط بين إريتريا والسودان, وطريق آخر يربط بين السودان ومصر, قال أفورقي: هذا نموذج للتعاون في شمال وشرق إفريقيا, ويمكن أن يكون ذلك بداية بين الدول الثلاث, ستفتح لها آفاق الاستثمار والتجارة, والمشاريع الزراعية المرتبطة بالنيل لتأمين الغذاء. ورفض الرئيس الإريتري الحكم علي مسار التغيرات في الصومال, بعد الإعلان عن فوز الرئيس الجديد حسن شيخ محمود, وقال: لا يمكن الحكم علي التغيير الذي حدث, وقد يكون تغييرا شكليا أو جزئيا, وقد لا يكون شاملا. وأضاف: السياسة الخارجية الإريترية مبنية علي فهمنا للواقع المعقد للصومال, وأن التدخلات الخارجية التي تعقد المسألة هي سبب أساسي في المشكلة الصومالية. وفي تقويمه لأداء الاتحاد الإفريقي تجاه قضايا القارة, قال: يجب أن نكون صرحاء مع أنفسنا, ونعترف بأننا أخفقنا وفشلنا في إيجاد البديل لمنظمة الوحدة الإفريقية. وحول مسألة انضمام إريتريا للجامعة العربية, كشف أفورقي عن أنه كان هناك رفض من جانب بعض القوي والحكومات لطلب انضمام إريتريا للجامعة العربية, ولكننا لم نتأثر بهذه المواقف, فهناك حوار مستمر مع الجامعة, فانضمامنا أو عدم انضمامنا لا يهم, ولكن المهم أن تكون الجامعة العربية قوية بكل المواصفات, وهذا لم يحدث. ووصف الرئيس أفورقي الجامعة العربية بأنها ناد غير فعال, مرجعا ذلك إلي سياسة التجاذبات والمحاور مشيرا إلي أن علاقات بلاده بالعالم العربي تتطور ببطء. ورأي أن المدخل الصحيح لمواجهة المشكلات في منطقة حوض النيل هو التعاون الاقتصادي, منتقدا سياسة المحاور والابتزاز التي تقوم بها بعض البلدان. موضحا أن إريتريا, كعضو مراقب في دول حوض النيل, ينظر لمياه النيل بأنها جزء أساسي من علاقات تعاون اقتصادية بين هذه الدول. ولو أن الحوار يتم في هذا الإطار, فسيكون هناك تقدم في العملية, فالمياه ليست شحيحة, بل موجودة حتي في البلدان التي لديها موارد مائية أخري. كما أن كثيرا من البلدان التي تعد منابع لمياه النيل لها خيارات مطرية يمكن الاستفادة منها, لكن مصر تختلف ظروفها عن البلدان الأخري في دول حوض النيل, والسودان أيضا بالقدر نفسه. إذن, يجب أن يكون هناك اتفاق وتكافل في الاستفادة من هذه الموارد. وحول رؤيته للنزاعات بين شمال وجنوب السودان, قال أفورقي: يجب أن تعود الأمور أولا إلي نصابها قبل كل شيء, فاتفاق السلام الشامل لم يحل مشكلة جنوب السودان, خاصة أن هناك قضايا عالقة موجودة, مثل أبيي, والحدود, والنفط, وجنوب كردفان, والنيل الأزرق, مع وجود مشكلات أخري في أكثر من موقع, وموقفنا هو يجب أن يكون هناك حل محلي, وأن تكون هناك استراتيجية للخروج من التدويل. وعن علاقات بلاده مع أديس أبابا, بعد رحيل ميليس زيناوي رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل, قال الرئيس الإريتري: إن المشكلة مع أديس أبابا تكمن في الحدود التي هي نتاج لمشكلات داخلية إثيوبية, وتدخلات خارجية, خاصة الولاياتالمتحدة التي وقفت أمام حل المشكلة لحسابات استراتيجية. وحول توقعاته لليمن, بعد خروج الرئيس علي عبدالله صالح من السلطة, قال الرئيس الإريتري: يجب ألا ننظر إلي أن كل مشكلات اليمن هي علي عبدالله صالح, ولست مقتنعا بأن انفصال الجنوب اليمني سيضع حلا للمسألة إطلاقا. وفي سياق آخر, ثمن أفورقي علاقات بلاده بقطر, معتبرا أنها ليست مبنية علي استخبارات, ولا علي مصالح انتهازية أو مبنية علي مصالح آنية, بالعكس العلاقة تقوم علي قيم مشتركة. وأشار إلي أن بلاده لديها علاقات مع كل من تركيا وإيران وإسرائيل وغيرها خارج مفهوم المحاور والمصالح مع طرف ضد آخر أو مواقف انتهازية تأخذ في الحسبان تكتيكات معينة ومصالح آنية. وشن أفورقي هجوما علي سياسة واشنطن في إفريقيا, معتبرا أن الفتور بين بلاده والولاياتالمتحدة هو نتاج السياسات الخاطئة للولايات المتحدة. وقال واشنطن تسيطر علي حكم البلدان من خلال تمكين قوي سياسية معينة علي حساب الآخرين, فالسياسات الأمريكية تقوم علي اختيار حكومات ضعيفة, أو حكومات مستعدة لخدمة أجندة واشنطن.