فجأة إنفجر تسونامي الكشف عن الفساد, وكأننا كنا نحيا حياة اهل الكهف طوال العقود الماضية.. فقط كنا حريصين علي رفع شعار ضرورة التصدي للفساد, ولكننا في حقيقة الأمر عجزنا عن تعقبه وملاحقته, وذلك هو ما تؤكده وقائع محددة ابرزها تصريح معلن للدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء بأن الفساد انتشر, وابرزها ايضا صدور الحكم بتغريم احمد عز مبلغ مالي قيمته19.5 مليار جنيه.. هل لنا ان نتخيل ان هذا المبلغ يختص به شخص وحده و ليس بندا في الموازنة العامة للدولة او تختص به مؤسسة يكفي راسمالها لانقاذ الآف بل ملايين الاسر من قاطني المقابر و العشوائيات ؟!.. ومن بين الحقائق ما تضعه امامنا الأرقام لتفاجئنا بأنه يوجد في مصر36 جهة رقابية. بالقطع السطور السابقة ليست مجموعة من الكلمات المتقاطعة ولكنه زمن التناقضات الذي نعيشه الآن بكل آلياته والذي تفرض فيه مفردات قاموس الفساد نفسها علي السطح والذي يعرفه البرنامج العالمي للامم المتحدة لمكافحة الفساد, بأنه اساءة استعمال السلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة, وهو ما حدث بالفعل في مصر فمنذ بداية ثورة يناير تم فتح العديد من ملفات الفساد القديمة وتم تخصيص ارقام تليفونات للابلاغ عن الفساد وكأنه سواء المالي منه او الاداري قد تم الكشف عنه الان.. رغم التقارير الرقابية العديدة فالمستشار جودت الملط الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات قال انه قدم1000 تقرير رقابي الي مؤسسة الرئاسة ومجلس الشعب ورئيس مجلس الوزراء والوزراء المعنيين والرقابة الادارية لتتبع المخالفات المرتبطة بالافراد ولكنه لايملك عصا موسي ليحرك به الجهات الاخري للقبض علي الفاسدين!! وقد اكدت احدي الدراسات مؤخرا ان مشكلة تعدد الأجهزة الرقابية وتداخل اختصاصاتها يؤثر علي مواجهة الفساد الاداري في مصر وليس ادل علي ذلك مما اثير مؤخرا من اتهام رئيس هيئة الرقابة الادارية لجهاز الكسب غير المشروع بان الهيئة قدمت للجهاز ادلة في625 قضية فساد وان الجهاز تعامل مع3 منها فقط, وعلي الجانب الآخر نفي المسئول السابق للجهاز ذلك مؤكدا ان الجهاز يقوم بالتحقيق في597 قضية منها45 قضية تخص رموز النظام السابق و359 قضية في انتظار تحريات الرقابة. قضية الاسبوع تفتح ملف الأجهزة الرقابية وتتناول بالتفصيل ثلاثة نماذج منها ولا نغفل هنا ان نتساءل ماذا لو توحدت الأجهزة جميعها في هيئة واحدة شاملة كافة اوجه الرقابة للتصدي للفساد بكل صوره علي ان تتلافي أية عقبات صادفت لجنة الشفافية والنزاهة التي انشأتها وزارة التنمية الادارية قبل5 سنوات تقريبا ولا احد يعرف مصيرها الان.