كان أسبوعا صاخبا, بيد أنه توج مرحلة, امتدت إسابيع كانت فيها الاستعدادات تجري علي قدم وساق, كي يخرج عرس العدالة والتنمية والذي تجسد في المؤتمر الرابع الطارئ له، في صورة تليق بصاحب الاغلبية المطلقة بالبرلمان, وفي نفس الوقت, ترضي زعيمه رجب طيب أردوغان الطامح إلي المزيد من السلطة, رغم ما يدعيه من زهد فيها. وفي ضاحية بلجت تلألأت الأضواء تحيط بمقر الحزب, وحسنا أختار القائمون, الأحد, حيث العطلة الأسبوعية, للفاعليات التي إستمرت يوما واحد, حتي لا يثير حفيظة أبناء الوطن المستائين أصلا من موجات ارتفاع لأسعار بأرتال الحافلات التي اصطفت بوسط العاصمة لمسافات طويلة حاجبة الاشجار, ولون الاسفلت الأسود, لنقل الحشود إلي هذا المكان الفسيح التابع للبلدية والمعنون ب صالة أنقرة الرياضية أما الوفود الاجنبية, فتولتها مصفحات من فولاذ حماية لها من إرهابيين زادت أعمالهم بطشا وترويعا في الفترة الأخيرة. وبالتوازي بلغت الحملات الإعلامية( مرئية ومقروءة ومسموعة) قمة توهجها ولازال بعضها مستمر بإسهاباتها المسترسلة, محللة وكاشفة أبعاد ودلالات الحدث التاريخي, مشيدة بالتوازي, بنهج المستقبل الذي وضعه العدالة الحاكم, وكل هذا لم يكن ليحدث, لولا الجهود المضنية التي تنوء عنها الجبال, غير أن الباشبكان أردوغان, واستجابة لنبض الجماهير حملها علي عاتقه دون شكوي أو تبرم. في المقابل إكتنفت الأجواء, ظلال, ومعها كثرت سحب داكنة, اسقطت بدورها أمطارا من همهمات التشكيك, وقد تناثرت في أركان وأروقة الحياة السياسية التي اراد لهما رئيس الحكومة عبثا ألا ينشغلا بشئ سوي بمؤتمره وضيوفه. ولكن هيهات, فقد تمرد شخوص فيهما, وراحوا يطلقون العنان لانتقاداتهم وعلامات استفهامهم, منها علي سبيل المثال لا الحصر, ما تعلق بفاتورة نفقات الحشد والتحشيد ومن تحملها ؟ ثم كيف لدستور جديد للبلاد, يحدد القيادة بالمدتين, ولائحة الحزب الحاكم تحددها بالثلاث لزعمائه وبإجمالي خمسة عشرة سنة,؟ أيضا قيل إن اردوغان فاز برئاسة الحزب باكتساح, وهل كان هناك من منافس؟ ثم ما فائدة تصعيد القيادات الشابة, طالما أن اردوغان وانطلاقا من إلحاح مؤيديه سيقود المسيرة حتي2023, وهو العام الذي سيوافق قيام الجمهورية, في التاسع والعشرين من أكتوبر.1923 صحيح أنه تعهد لا لرئاسة الحكومة, عندما يفوز الحزب كما العادة بالأغلبية, إلا أنه لمح إلي ما هو أهم, منصب رئيس الجمهورية, إعتبارا من2014 مزاحما صديقه الرئيس الحالي الذي اعطته المحكمة الدستورية صك بأن يتقدم لفترة رئاسة ثانية, إنطلاقا من التعديلات التي أدخلت علي الدستور عام2007 وجعلت إنتخابات الرئاسة بالاقتراع المباشر, ولمدة خمسة اعوام قابلة للتجديد مرة واحدة, وهو ما ينطبق علي حالة جول, الذي لمح بدوره بإمكانية خوض السباق. وإذا انتقلنا إلي الاحزاب السياسية المعارضة نجدها قد رفضت الدعوة التي وجهت إليها وإن اختلفت في أسباب الإحجام عن المشاركة, فالحركة القومية اليميني اعترض علي مشاركة البرزاني زعيم كردستان العراق والذي يحلم بدولة كردية, وبما أن الأمر كذلك فمن غير المستعبد مشاركة اوجلان زعيم منظمة حزب العمال الكردستاني الانفصالية والذي يقضي عقوبة السجن مدي الحياة بجزيرة إمرالي, مؤتمر العدالة المقبلة. أما الشعب الجمهوري فاعتبر منع مراسلي ستة صحف معارضة من متابعة أعمال المؤتمر صفحة سوداء, لطخت الديمقراطية التركية, ولأن الأخيرة صارت الشكوك تحيط بها فعلا, عضددت ذلك مفوضية الاتحاد الأوروبي التي عادت وجددت في تقرير لها مخاوفها من تقلص حرية التعبير والقيود المفروضة علي الإعلام المرئي وإطالة فترة سجن المتهمين علي ذمة التحقيق في قضيتي المطرقة وارجينكون, الخاصتان بالتخطيط لإنقلاب ضد حكومة اردوغان اضافة الي إستمرار ممارسات التعذيب داخل السجون وخارجها من قبل قوات الشرطة. وفي جمل ذات مغزي قالت ميلليت أن كلمة التقدم علي صعيد الانسجام السياسي التركي مع الاتحاد الأوروبي في ذلك التقرير بالكاد تكررت مرتين أو ثلاث مقابل سيل من مفردة التراجع.