عزة سامي : هدأت المشاعر الغاضبة التي أخرجت الآلاف الي الشوارع والميادين في العالم كله من مشرقه لمغربه للاحتجاج علي مقاطع من فيلم أمريكي فاشل وعدة رسوم كاريكاتيرية نشرتها مجلة فرنسية أرادت رفع مبيعاتها باللعب علي عواطف المسلمين. وكما هي الحال دائما عندما تشتعل الأوضاع فجأة فانها غالبا ما يشوبها أعمال عنف تصل أحيانا الي القتل وهذه المرة كان مقتل السفير الأمريكي في ليبيا, هكذا انقلب المشهد رأسا علي عقب وتم التسويق للأحداث باعتبار المسلمين شعوبا متطرفة متعصبة لا تعترف بحرية الرأي و التعبير, فبدلا من ان نحكم العقول ونبحث عن حل عملي لعمليات الإساءة المتكررة لعقيدتنا كمقاضاة مرتكبي الإساءة والسعي لاستصدار قرار دولي بمنع ازدراء الأديان علي نفس نمط القوانين الموجودة في عدد من الدول الأوروبية ضد معاداة السامية حيث تصل العقوبة الي السجن والغرامة لمن يثبت عليه هذا الجرم, اندفع البعض الي مثل هذه الأعمال. ورغم مرور أكثر من أسبوعين علي هذه الأحداث والمظاهرات,فانها مازالت حديث الصحف الغربية,فعلي سبيل المثال, أفردت مجلة الاكسبريس الفرنسية تحقيقا مطولا من عدة صفحات لبحث ما يطلقون عليه الآن في الغرب الاسلاموفوبيا اي الخوف المرضي من الإسلام وهي ظاهرة تجعل المجتمع الفرنسي علي شفا كارثة اجتماعية محققة خاصة إذا عرفنا ان الدين الاسلامي يحتل في فرنسا المرتبة الثانية بعد المسيحية حيث يبلغ عدد المسلمين خمسة ملايين نسمه معظمهم من الجزائريين والمغاربة والتونسيين والماليين والغالبية العظمي منهم يحملون الجنسية الفرنسية. ويتناول التحقيق جوانب عديدة من ظاهرة الاسلاموفوبيا في فرنسا والتي يبدو أنها انعكست علي قرارات السلطات المحلية التي لم تعد تعطي تراخيص بناء المساجد بسهوله بحجة ان عددها قد تزايد خلال العشر سنوات الماضية من ألف الي ألفين وأربعمائة مسجد هذا بالإضافة الي ان سكان الأحياء الفرنسيين أصبح لديهم شعور عدائي تجاه فكرة وجود تجمعات مسلمة تمارس الشعائر الدينية. ويؤكد التحقيق هذه الهواجس من خلال سرد أقوال إحدي السيدات ممن يعشن في الحي الرابع عشر بباريس والتي تشير الي ان( الحي يتأسلم بسرعة كبيرة وقريبا جدا سنصبح نحن أقلية) بل ان البعض يري في انتشار محلات بيع اللحوم الحلال وذبح الأضحية والمطالبة بيوم للنساء في حمامات السباحة وارتداء الحجاب والنقاب أدلة علي ان الجالية المسلمة في فرنسا تصر علي فرض أسلوب حياتها علي الآخرين بدلا من الاندماج في المجتمع الفرنسي وهو ما عبر عنه ساركوزي أثناء حملته الانتخابية بأننا نريد أسلاما فرنسيا وليس إسلاما في فرنسا. ويركز التحقيق أيضا علي ظاهرة السلفيين التي ظهرت بصورة مكثفة في العالم وخاصة في دول الربيع العربي مشيرا الي ان ما تم نشره علي مدي الأسابيع الماضية من صور لسلفيين يقفون علي أبواب السفارات الغربية أو في الساحات وتبدو عليهم ملامح الشدة والتطرف لعب دورا كبيرا في تزايد المخاوف تجاه كل ما هو اسلامي. ويتساءل البعض إذا كان الفيلم قد تم إعداده في أمريكا فلماذا يخرج الناس في استراليا أو غيرها من البلدان للاحتجاج. ويقول احد المتخصصين في الشئون الإسلامية ان الغرب عادة ما يخلط بين الإسلام المعتدل والمتشدد في حين ان الفارق بينهما كبير بل ان المتطرفين يخيفون المسلمين المعتدلين في الدول الإسلامية نفسها. وأخيرا يكشف التحقيق عن ان بعض الآراء تري في الرسوم المسيئة نوعا من إلقاء الزيت علي النار وان حرية التعبير يجب ان تأخذ في الاعتبار ضرورة الحفاظ علي السلام والأمن الاجتماعي هذا بالإضافة الي ان وسائل الأعلام الغربية تصر علي إظهار المسلمين جميعا كما لو كانوا مشروع إرهابيين. فاذا كان بوش الابن منذ11 عاما وجد نفسه مضطرا للتساؤل بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر لماذا يكرهوننا فيبدو ان الدور قد جاء علي المسلمين اليوم لكي يطرحوا نفس التساؤل لكن بصياغة اخري لماذا يخشوننا؟