بقلم: حسن احمد الحسن أديس أبابا في اللغة الأمهرية الحبشية تعني الوردة الجديدة أو البيضاء في إحساسي وإثيوبيا أو ما تعرف بأرض الحبشة التي تمتد عبر الهضبة الإثيوبية شرق السودان تمثل عمقا حيويا بالنسبة للسودان ومصر أو لدولتي المجري والمصب حيث تغذي الهضبة الإثيوبية مياه النيل بأكثر من ثمانين في المئة من حجم مياه نهر النيل بينما يرفد النيل الأبيض القادم من الجنوب نهر النيل بعشرين في المئة فقط من المياه. وأرض الحبشة التي تشكل إحدي صفحات التاريخ الإسلامي باعتبارها أرض الهجرة الأولي للصحابة في صدر الإسلام حيث يتسم شعبها بالبساطة والتسامح والتعايش السلمي بين جميع الأعراق والقبائل وقد اكتسبت إثيوبيا ببعدها الديني وولائها للكنيسة القبطية في مصر عنصر خصوصية روحيا يربطها بالعالم العربي. ورغم أن السودان بحكم احتكاكه المباشر بإثيوبيا قد أرسي علاقات شعبية راسخة وتاريخية مع الحبشة عبر جميع الأنظمة التي تواترت علي البلدين, فإن ضعف التواصل المصري مع إثيوبيا في الماضي قد أضاع فرصة ذهبية لتعاون مشترك وبناء بين مصر والسودان من ناحية وإثيوبيا من ناحية أخري, لاسيما أن مصر ترتبط ارتباطا حيويا بإثيوبيا التي تعتبر أهم مصادر منابع نهر النيل علي الإطلاق. لقد تنامي في الفترة الأخيرة وعي مصري بضرورة الانفتاح علي أفريقيا خاصة في ضوء الخلافات بين دول حوض النيل التي بدأت أخيرا تلتفت لاستثماراتها حول حوض النيل مما أثار بعض المخاوف من مطالبات لتلك الدول بحقوق في المياه لم تكن واردة من قبل. هذا الاهتمام لابد ان يتجه في المقام الأول إلي إثيوبيا لدورها الحيوي والقيادي في القارة الإفريقية ولبقية دول حوض النيل الأخري وذلك في شكل مشروعات تعاون حقيقية يحس المواطن الإفريقي من خلالها بأهمية العلاقات المشتركة بين دول حوض النيل مشروعات تتجاوز الجانب الاقتصادي إلي الفني والثقافي والاجتماعي لكي تكون رصيدا حقيقيا لاحتواء أي أزمات مستقبلية ولإرساء وعي وإدراك متبادل بين شعوب المنطقة ولمصر بثقلها الثقافي دور أكبر يمكن ان تلعبه بمؤازرة السودان من خلال مد حبال الوصل الثقافي عبر الصحف الناطقة بالإنجليزية وتبني المهرجانات الفنية والثقافية الإفريقية ومن خلال التبادل الثقافي ومجالات التدريب المختلفة. ولن يتأتي ذلك بالطبع إلا من خلال تطوير نظرة النخبة في مصر وتطوير ثقافة التعامل مع الإنسان الإفريقي وإعادة اكتشافه من جديد فأن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا. واقترح في هذا المجال علي سبيل المثال توزيع صحيفة الأهرام ويكلي بأسعار رمزية في إثيوبيا وعدد من دول الحوض ليتزامن ذلك مع ضروب المشروعات الأخري. وأن يبدأ الاهتمام بصورة جدية من خلال المراكز الإفريقية المختصة في مصر في ابتكار أشكال من التعاون اقتصاديا وثقافيا وفنيا للتعرف عن قرب علي إفريقيا فالحقيقة الوحيدة التي لا ينبغي تجاهلها هي أن النيل يأتي من الجنوب وأن مصر جزء من إفريقيا.