انزعجت من تصريحات مليس زيناوي رئيس وزراء اثيوبيا وقد وضح انه غير مقدر للعلاقات الوطيدة التي تربطه بدول حوض النيل وفي مقدمتها مصر. ** اثيوبيا أم النيل. تلده فوق هضابها الشماخة بالسيول الصيفية الهائجة الجامعة فتلقي بنسبة 85% من مياه النهر انها نافورة المياه السماوية التي تلقي بمياهها إلي السودان.. فمصر بل إلي جارتها الصومال شرقا. * وعند مساحتها الشاسعة التي تتجاوز 1.2 مليوم م2 تزدهر الغابات علي الروابي والسهول وهذه الغابات تضاءلت من 40% إلي 10% من مساحتها مع دورة جفاف يري البعض من العلماء انها مؤقتة وهي بقاع جبلية وعرة استحكمت طوالا علي الغزاة ليتميز الحبشي عن عناصر الزنوج والعرب الأفارقة بأجساد قرية وعراقة في التقاليد وملامح خاصة مميزة. انها بلاد حصينة تعلو جبالها حتي تناطح جبال الألب بارتفاع 4620 مترا فوق سطح البحر في قمة رأس داسا نفي سلسلة جبال سيمي شرق بحيرة تانا والمغطاة دائما بالثلوج ومن عجائب افريقيا ان كما هائلا من مياه تلك الأعالي يصب الي الصومال ولكن معظمه ينساب الي المحيط الهندي ويظل الصومال في فقر مدقع حتي اللحوم الصومالية من أبقار وخراف لم نعد نراها في مصر وبسد متوسط يمكن للصومال أن تزرع مليوني فدان ليت الغرب يهبها وينقذ العالم والصومال من القرصنة الصومالية المروعة..!! * والحبشة أغني بلاد حوض النيل في مصادر المياه وتتدفق مياه الفيضان في شهور الصيف بين أول يونيو حتي نهاية سبتمبر بمتوسط هائل 1200مم في العام ونصف هذه الأمطار تحملها الأنهار والنصف في الأرض ليكون مخزونا أرضيا متجددا بمتوسط 20 مليار م3 في السنة ولذا يصبح المتوفر لها من المياه 110 مليارات م3 في العام معظمه تحمله الأنهار الداخلية المغلقة داخل الأخدود الاثيوبي الغائر ويتركز معظم السكان عند سفوح الجبال والهضاب حيث يبلغ متوسط درجة الحرارة حوالي 20 درجة مئوية صيفا وشتاء وهناك مؤشرات الي انفراج أزمة الجفاف وعودة مواسم الأمطار الغزيرة لتزدهر غاباتها بالإخضرار. * اثيوبيا وتوليد الكهرباء.. توليد الكهرباء يكلف باهظا أيا كانت الطاقة المستخدمة ولكن انحدارات المياه الشديدة في اثيوبيا يمكنها عبر عدد من السدود من توليد كميات ضخمة من الكهرباء مطلوبة لرفع مستوي السكان وايضا للتصدير ولقد أقاموا هنالك مؤخرا سد موين بتكلفة حوالي 800 مليون دولار قدمها البنك الدولي مع عدد من البنوك الأوروبية السد يقع عند نهرين موين وانحداره العكسي الي كينيا يتردد ان مناطق المرتفعات تعاني من ارتفاع منسوب المياه مع تضاؤلها في المناطق الكينية المستوية وقد اقيمت شبكة كهربائية صارت تغذي مناطق جنوب الحبشة. ومصر قد عرضت اعداد ودراسات نهائية لهذه السدود مع عمل شبكة كهرباء تمتد الي السودان ومصر. ** اثيوبيا والاستصلاح الزراعي ہہ قام مكتب استصلاح الأراضي بالحكومة الأمريكية بين عامي 1959 1964 بدراسة حوض النيل الأزرق لبحث امكانية تنمية حوضه علما بأنه يسري في خندق سحيق ولا توجد أراض عليه يمكن زراعتها ولكن هناك بعض الهضاب المحيطة يمكن توصيل المياه اليها وزراعتها خاصة حول بحيرة تانا وعلي الحدود الاثيوبية السودانية.. وتبلغ مساحات هذه الأراضي حوالي مليون فدان تحتاج حوالي 6 مليارات م3 في السنة والمشاكل أمام هذه المشروعات والسدود كالتالي: * ضخامة إجمالي الاطماء السريع للسدود والمجاري المائية فماء النيل الأزرق سريع التدفق ويحمل الغرين البركاني من أعالي الهضبة ولكن تباطؤ السريان فاحتمال الاطماء قد يهدد هذه المجاري المائية كما تؤكد البحوث الهيدروليكية. * التكلفة الباهظة لهذه المشروعات وتبلغ التكلفة المؤكدة ما يفوق 50 مليار دولار. أما السدود الصغيرة مثل فنشا ودينة وبليس وديدينا والجار وإماراتي فلن تساعد إلا علي استصلاح مائة ألف فدان ايضا مع تكلفة تتجاور الملياري دولار وقد قامت السوق الأوروبية المشتركة ببناء خزان عند مدينة جميلا واستصلاح 100 ألف فدان. * اثيوبيا مع استكمال كل المشروعات المائية فإنها ستستقطع من مياه النيل الأزرق حوالي 6 مليارات متر مكعب ولكن يجب اشتراك دول المنبع واطلاعها علي هذه المشروعات لسبب بسيط ان هذه الخرانات والسدود يجب هندسيا أن تطلق ثانية الي النيل حوالي 4 مليار متر مكعب في الشهر وطوال العام فتحقق فائدة هامة جدا لمصر والسودان. ولذا يمكن عمل هذه الدراسات في مصر والسودان. المياه الجوفية في إثيوبيا ** وتوجد بكميات متجددة تتجاوز 20 مليار متر مكعب السنة ويمكن بقروض معقولة إقامة محطات رفع تصب في أنسب الوديان وأكثرها انبساطا ويمكن لمصر أن تساهم في هذه الدراسات مع تيسر من دراسات الاستشعار عن بعد والدراسات الميدانية تلك التي أظن ان مهندسي المركز الحكومي الأمريكي لم يتجهوا إليها رغم انها أقل تكلفة والأقل إخطارا من الترسيب الطمي والمياه الجوفية مستخدمة من اثيوبيا منذ ثمانين عاما بشكل موسع وقد وصف ذلك الكاتب الألماني الرائع اميل لودفيج في كتابه عن النيل عن رحلته الطويلة التي قام بها علي نفقة الملك فؤاد الأول في العشرينات. مصر واثيوبيا ** وعلاقة قديمة منذ عهود الفراعنة إذ كانوا يتجهون علي الحبشة من أجل أنياب الفيلة وريش النعام وجلود الحيوانات البرية ويوردون للحبشة الكثير بل لقد أقام الفراعنة مراكز تجارية علي سواحل البحر الأحمر ووصلت هذه المراكز لداخل اثيوبيا في عهد الحكم البلطمي وقد دخلت المسيحية عن طريق تاجر سكندري في سنة 33 ميلادية وظلت المسيحية رباطا بين مصر والكنيسة الحبشية حتي اليوم..! وعن قانونية العلاقة النيلية فهناك معاهدة مبرمة بين بريطانيا والحبشة في 15 مايو 1902 حررت باللغة الأمهرية وقد تعهد ملك الحبشة "المستقلة وقتها" بألا يصدر تعليمات فيما يتعلق بأي عمل علي النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط يمكن أن يسبب اعتراض سريان لمياه النيل دون موافقة حكومة بريطانيا وحكومة السودان هذه الاتفاقية وقعتها بريطانيا نيابة عن مصر وقد أقر مجمع فيينا في عام 1978 هذه الاتفاقيات بينما تري اثيوبيا انها باطلة وغير ملزمة لأنها كانت معاهدة مؤقتة. ** ورغم ان مصر والسودان حاولتا ومنذ الثلاثينيات اقامة خزان علي بحيرة تانا فقد رفضت اثيوبيا المشروع بعد عشر سنوات من دراسته.. ** ولا يزال الأمل قائما في دراسة جادة وعاجلة تبني علي دراسات تفصيلية قائمة للاستخدام الممكن لمياه أعالي الحبشة.. لتنفيذ مصر والسودان.. والحبشة بالماء والكهرباء معا..!! اثيوبيا ومصر ومشروعات مشتركة في الفترة الأخيرة مدت مصر يديها الي الدول الافريقية بالمعونات فهناك مساعدات طبية اتجهت الي اثيوبيا خاصة ومصر ايضا في أمس الحاجة لبعض ثروتها الحيوانية فإثيوبيا لديها مساحات شاسعة للمراعي لم لا نقيم مشروعات مشتركة لتنمية هذه الثروات وإقامة مزارع وثلاجات خاصة بمصر الدول الان تتقارب من خلال المصالح والمشروعات. وقد تكون هذه المشروعات بابا واسعا لتصدير المنتجات المصرية الي الأسواق الافريقية مقابل استيراد اللحوم الافريقية القريبة..! هذه حقائق تعني مصالح شعوب ولا يجب أن يفسح البعض المجال أمام أصابع دخيلة تعبث بمقدرات البشر فالتقارب والتعاون وحل المشكلات بالطرق السلمية هو الباب الوحيد الذي يطرقه العقلاء..!!