صدرت أخيرا موسوعة الشاشة الكبيرةEncyclopediaoftheBigScreen, التي أعدها الخبير الإعلامي إسماعيل بهاء الدين سليمان,وهي موسوعة للثقافة السينمائية, مكتوبة باللغتين الإنجليزية والعربية, وموجهة إلي دارسي فن السينما, والسينمائيين والنقاد المحترفين, والمثقفين المهتمين بالسينما بشكل عام. جاءت هذه الموسوعة لتشكل إضافة كبيرة إلي المكتبة السينمائية العربية التي تخلو من وجود حتي قاموس سينمائي صغير ثنائي اللغة, وذلك منذ نفاد معجم المصطلحات السينمائية الذي كان قد أصدره الراحلان أحمد كامل مرسي ومجدي وهبة في بداية السبعينيات. تتعامل الموسوعة الجديدة مع السينما كفكر وفن وصناعة, لذلك فهي تتضمن مصطلحات تتعلق بجميع المدارس الفكرية والفلسفية التي استحدثتها السينما أو استلهمتها مما سبقها من أشكال فنية وأدبية, كما تتعامل مع المصطلحات المستخدمة في أوساط صناعة السينما, والمصطلحات المستخدمة في الدراسات النقدية, مع الاهتمام الشديد بمجالين من المجالات التي تفتقر المكتبة العربية إلي مؤلفات تتعامل معها, أول هذين المجالين هو التطبيقات السينمائية للنظريات السيميولوجية أو السيميائية سواء في مجال الإبداع أو في مجال الدراسات النقدية, والسيمياء أو السيميولوجي هو العلم المعني بدراسة الرموز والدلات, أما الثاني فهو مجال التقنيات الرقمية الجديدة التي ترسم ملامح مستقبل السينما, لذلك كان طبيعيا أن تتجاوز المساحة المخصصة لشرح بعض مداخل الموسوعة5 صفحات, وأبرز الأمثلة علي ذلك المداخل التي يتناول كل منها نظرية من نظريات فن المونتاج, حيث يستعرض المؤلف التطور التاريخي لتلك النظرية, ويفصل ملامحها الفنية, من خلال آراء من يتبنونها ومن يرفضونها. أما أبرز ما يميز هذه الموسوعة عن غيرها من المعاجم أو القواميس المتخصصة فهو ما يمكن أن نطلق عليه ثلاثية اللغة, فالمؤلف لم يكتف بتقديم المداخل باللغة الإنجليزية, ثم التعريف بكل مدخل وشرحه شرحا وافيا باللغة العربية, حيث كان حريصا علي أن يكتب أسماء الأعلام والأفلام والمعدات والمذاهب الفنية التي ترد في سياق الشرح باللغة الإنجليزية. استغرق تأليف هذه الموسوعة نحو5 سنوات, كما تطلب تأليفها الرجوع إلي نحو175 مرجعا من المراجع المكتوبة باللغة الإنجليزية, بالإضافة إلي نحو45 مرجعا من المراجع المكتوبة باللغة العربية, فجاءت عملا غير مسبوق بكل المقاييس, إذ يتجاوز عدد صفحاتها1720 صفحة من القطع الكبير, تضم8866 مدخلا, ترافقها أكثر من600 صورةورسما توضيحيا. وقد جاء شمول الموسوعة معبرا عن الخبرة الفنية الكبيرة التي يتميز بها إسماعيل بهاء الدين سليمان, الذي تخرج في المعهد العالي للسينما عام1977, والذي عرفته الحياة الثقافية والفنية في مصر مذيعا ومخرجا وكاتب قصة قصيرة, منذ منتصف السبعينيات. وصدر كذلك حديثا كتاب القتلة بين هيمنجواي وتاركوفسكي للناقدة السينمائية أمل الجمل الذي يقارن بين نص أدبي وعمل سينمائي مقتبس وهو المذكور في عنوان الكتاب. ورغم أن هذا ليس بجديد في مجال الدراسات السينمائية, لكن اللافت للنظر هو أمران; الأول يتمثل في حرص الباحثة علي أن ترفق بدراستها التحليلية المقارنة ترجمة كاملة أعدتها للقصة مصحوبة بإيضاحات لما تم حذفه أو اختصاره أو استبداله أو إضافته من حوارات وشخصيات بعد أن تم تحويلها إلي فيلم قصير أخرجه أندريه تاركوفسكي بمساعدة رفيقه ألكسندر جوردون عام.1956 إلي جانب تخصيص فصل آخر كامل للديكوباج والسيناريو التفصيلي للشريط السينمائي القصير المقتبس عن القصة والذي ترصد فيه الباحثة حركة الكاميرا والممثلين وأحجام اللقطات وزوايا التصوير, والإضاءة والميزانسين, وسبل الانتقال بين اللقطات والمشاهد, والمدد الزمنية لكل لقطة في ظل الحالة النفسية والذهنية المسيطرة علي الشخصيات. الأمر الثاني اللافت في الكتاب أن الباحثة قامت بإدراج الفيلم ضمن الفيلموجرافيا الخاصة بتاركوفسكي, وهو أمر لم يحدث من قبل, إذ عادة لا تتضمن فيلموجرافيا المخرجين مشاريع التدريب, حتي مشاريع التخرج لا يتم إدراجها إلا في حالات نادرة إذا كانت متميزة ولافتة. لكن أمل الجمل من خلال دراستها تناهض كل من يحاول أن يقلل من أهمية فيلم القتلة بحجة أنه أول مشروع تدريبي علي الإخراج ولا يحمل أي ملامح من سينما تاركوفسكي, فالتحليل الذي قدمته الباحثة يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الفيلم رغم بساطته وعدم تعقده يحمل بصمة تاركوفسكي.