في عودة للمرة الثالثة لهذه المواسم المسرحية التي تقام بمسرح روابط بوسط البلد كانت هذه المسرحية التي شاهدتها لك هذا الاسبوع في هذا المسرح وفي بداية الموسم الثالث لهذه المواسم التي تخصص أساسا للفرق المستقلة الشابة التي تدعمها د. هدي وصفي خاصة بعد غلق مركز الهناجر الذي كانت تقدم علي خشبته هذه الفرق عروضها. المعروف أن مركز الهناجر حاليا يعاد بناؤه بالكامل بمعني ليس تجديده أو ترميمه ولكن بداية انشاء والذي أرجو ألا يتأخر لننقذ بذلك شريحة من المتفرجين قبل المسرحيين فمتفرجو الهناجر يبعثون الثقة في متلقي أي متفرج للفن الذي يهتم بالمسرح بصورة كبيرة بحيث لا يثنيه أو تعوقه مباراة كرة قدم عن الحضور للمسرح والاستمتاع بما يعرضه. هذا المتفرج أجد بعضا منه فقط وليس كله في مسرح الروابط الذي انتقل نشاط المسرح المستقل إليه. وكان هذا الاسبوع بداية موسم المسرح المستقل بعرض شعوب مستعملة. قبل الدخول في تفصيلات العرض الذي شاهدته لك أتحدث عن هذا المسرح.. مسرح الروابط لأنه بعيد عن الاهتمام بالمسرح وعن المضي قدما في تقديم العروض بغض النظر عن وجود مسرح من عدمه فمسرح الروابط هو في الأصل جراج يتم استئجاره وقد تم تحويله إلي مسرح بمنتهي البساطة وأيضا الذكاء وهو ما نلمسه في بعض الأماكن التي تخصص للمسرح في الخارج حيث انني شاهدت أن هذه العروض فيما نطلق عليه في مصر خرابة تم وضع مكان المقاعد بها وإلي الأمام خشبة مسرح متواضعة ولكن للحق العرض الذي شاهدته بها لم يكن متواضعا. أعود إلي المسرحية وهي شعوب مستعملة لفرقة تم اطلاق اسم فرقة الغجر عليها. الفرقة بالطبع من الشباب بعضهم شاهدته مرة واحدة أو مرتين علي الأكثر والبعض أشاهده للمرة الأولي. شباب أجده ليس متحمسا ولكن شديد الحماس للمسرح أبو الفنون وإذا كان الأبطال عدد منهم بالنسبة لي يعتبر جديدا إلا أن المخرجة لم تكن جديدة بالمرة بل أعرفها جيدا وشاهدت لها أعمالا كثيرة وهي الفنانة عزة الحسيني. التأليف هنا لسيد فؤاد الجناري الذي يتحدث عن حرب العراق وكيف تم انتهاك كل حقوق الإنسان التي يتغني بها العالم في هذا البلد من خلال الاحتلال الأمريكي. هذا الموضوع بالطبع له أهمية وله أيضا اهتمام من جانب المتلقي لكن ليس المهم الموضوع فقط ولكن المهم كيف تم تناوله. الرؤية هنا إلي جانب الاخراج لعزة الحسيني وكان المطلوب منها أن تستخرج من النص ما يصلح لأن يكون عرضا جاذبا للمتلقي وليس فقط مجرد تذكرة بما تم في العراق. هذا هو البند الأول أما البند الثاني فكان متمثلا في هذا الأداء من جانب الممثلين. هم شباب متحمس.. هذا صحيح ولكن المسألة ليست حماسا واهتماما أو شعورا قويا بما يقوله أو يؤديه الممثل. المهم هو كيفية أدائه وكيفية ايصال الكلمة والمعني للمتفرج المتلقي. هنا أجد الصوت مرتفعا بصورة مبالغ فيها والحماس أيضا من الظالم والمظلوم مبالغ فيه وليس هذا فحسب ولكن أيضا الحركة فيها مبالغة شديدة أفقدت العرض الكثير والكثير. مع هذا أجد الديكور جيدا بل ومتميز لمحمد آدم وأيضا الموسيقي متلائمة لإيمان صلاح الدين. الجمهور في العرض امتلأت به المقاعد ومعظمه من الشباب الذي استشعر بالفعل حبه للمسرح وإيمانه بأن المسرح سيظل وسيبقي برغم أي ظروف تعوقه حاليا وأيضا مؤمن بأن المتفرج سيظل علي ولائه لهذا الفن العظيم.. فن المسرح. كتيب أنيق أجده معدا لهذا الموسم الذي سيستمر حتي أغسطس القادم يضم أسماء المسرحيات ومؤلفيها سواء من العالميين أو المحليين وأيضا المخرجين وهو ما نفتقده في مسرح الدولة لأسباب عديدة يصعب التوقف عندها حاليا. أنا شخصيا أهتم بصفة خاصة بمسرح الشباب الذي لا جدال في أنه مسرح الغد وبعد الغد وأهتم بكل أبطاله من مخرجين ومؤدين وكتاب وفنيين وإذا كان هذا العرض لم يستطع أن يقدم ما نطمح إليه فاعتقد أن القادم مختلف علي الأقل من جانب أسماء أعمال كلاسيكية سيقدمها الشباب في هذا الموسم. وإذا لم يكن العرض الأول قد وصل للدرجة التي تمكننا من امتداحه فهذا ليس انتقاصا من مسرح الشباب ولكنه اهتمام به حتي لا يجنح إلي المبالغة التي تفسد كل شيء سواء في المسرح أو السينما أو التليفزيون. مطلوب وقفة مع الشباب المتحمس والذي لا يهمه الأجر الذي يحصل عليه أو لا يحصل عليه والذي لا يهمه إذا ما أمضي الساعات في البروفات أو في العرض ذاته والذي لا يهمه في النهاية إلا أن يقدم مسرحا.. ولكن الشرط الوحيد هنا هو أن يكون بالفعل مسرحا جاذبا للمتلقي ومضيفا إليه وإلي معلوماته.