كتبت : فاطمة الدسوقي كان يعرفها منذ ان كانت طفلة في حجرة أخته تتصايحان وتلعبان وتذاكران دروسهما... كانت طفله رقيقة وجميلة ومدللة... ومع الأيام حفظ كل تصرفاتها وردود افعالها... وعندما تفتت الانوثة في ملامحها.. كان قد صار فتي احلام الكثيرات لكنه عشقها اكثر من روحه فدائما كان يفضلها علي نفسه حتي جاءها صبيا متسع الصدر والاحلام وزارها الخجل عندما علمت منه انه لم يعشق في الايام غيرها وكان يحصي النجمات اللامعه في السماء وهو يسهر الليل من أجلها ويفوت علي قلبها كل مساء ويأيتها بأحلي الاشياء وبادرته بكلمات ساذجة لكنها صادقة وأنها تتمني ان تمر كل الاعوام وهي معه تستمتع باللحظات الهادئة وتكون رائحته وأحضانه هما الملاذ الاخير لها وان يكون لها الانتماء ونشأت بينهما قصة حب ظللها التفاهم والأمل حتي انتهي من دراسته الجامعية بينما هي كانت علي اعتاب الجامعة وطلب منها ان يكتب الكتاب ويعلي الجواب.. فقد حصل علي وظيفة مرموقة باحد البنوك الكبري في القاهرة وسوف تدر عليه هذه الوظيفة دخلا كبيرا اذن لا حاجة لان تستكمل دراستها وكفي بشهادة الثانوية العامة وامام هذه الوجه الذي احبته وتلك العيون التي سهرت من اجلها وهذه الاحضان التي احتوتها لم تستطع ان ترفض له طلبا, ولم تشنيها لها دموع ابيها وتوسلات أمها وشقيقاتها بألا ترحل من مدينة الاسكندرية وتشد الرحال معه الي القاهرة حيث ستفتك بها والوحشة... والافتقار لقريب أو صديق او حتي زميل في هذه المدينة فسوف تكون مثل عود اخضر نبت في ارض جدباء وقد تمل الحياة وتسأمها واعتقدت ان حبيب القلب سوف يكون الاخ والزوج والاب والام والاصدقاء وانه العالم كله لها فيكفي ان تنام وتستيقظ علي ملامحه وتستدفيء باحضانه وتتعطر بنسائم انفاسه... وعلي مضض وافق والدها علي الزواج وحملت حقائبها واحلامها وطموحاتها وتوجهت في كنف زوجها إلي القاهرة ومعه مضت السنة الأولي والثانية حتي العاشرة كان خلالها وجهه في بحور البراءة وقلبه العاشق زورقا للمعاني الطيبة خاصة عندما انجبت ثلاثه اطفال وسرق الحب العائلة الصغيرة وتمنت الزوجة الحسناء ان تكون قصة حبها آخر الحكايات في موسوعة العشق والغرام حتي مضي من العمر عشر سنوات. بدأ الزوج يسرد لمحبوبته وام ابنائه قصة زميلته في العمل قاسية القلب... منعدمة المشاعر... وكيف انه هانت عليها طفلتها وتركتها لابيها وحصلت علي حريتها بالطلاق لان زوجها كان شديد الغيرة عليها... ولم يقترف إثما او يتركب ذنبا سوي انه رجل شرقي تلفع بشيم وخصال الرجال وتمني ان ترتدي زوجته جلباب أمه المرصع بالطهارة والطيبة والتسامح والحنو علي العش الهاديء وطاعة الزوج وخدمه الصغار لكن تلك الزوجة المتمردة ارادت ان تعيش لنفسها وأهوائها وكان ينقم علي زميلته لزوجته ويرميها بأفظع الالفاظ وانه لايطيق رؤيتها فهي شيطان في عباءة امرأة... وكانت زوجة دائما تطلب منه ان تبتعد عنها ويطلب لها الهداية ولم يدر بخلدها ان ذلك الكره محفوف بالرغبة والتمني. تبدل حال الزوج وبدأ يغيب عن عشه الهاديء بزعم انشغاله في العمل وبزعم قيامه بمهام طويلة ويبعد أياما قد تصل إلي شهر ولم يساور الزوجة المخدوعة الشك لحظة واحدة في ان من سرق عمرها وأحلامها قد تزوج من اخري حتي انكشف المستور بالمصادفة عندما كانت تفتش في اوراقه للبحث عن شهادة ميلاد طفلها الصغير لإلحاقه بالمدرسة فوجدت بين متعلقاته وثيقة زواجة من زميلته في العمل وقعت الصدمة عليها كالكارثة ولم تصدق ان عينيه سوف تحتوي اخري غيرها وانها سوف تسمع بين كلماته أسما غير اسمها واكتشفت انه ضاع منها ومعه ضاعت كل سنوات العمر. ولأن مسلسل اشجان الزوجة كان لايزال به حلقات ناقصة قام خائن العشرة ومحطم القلوب بطردها واولادها في الشارع ليهنأ مع عروسه في شقته الفاخرة...وبيد ملطخة بالغدر والخيانة مد يده الآثمة بأول ورقة تحمل المستحيل وظهر امامها في حجم النملة وطعم الضعف ولملمت اشلاء نفسها المبعثرة وسترت دموعها وهو لم يدرك طعم الألم الذي اشقاها ورحلت بعد ان انهزمت الدنيا كلها داخلها وشاخت وأنمحت كل ملامحه من نفسها. في لمح البصر رأت نفسها مثل قشة في مهب الريح وثلاثه اطفال مكبلين في عنقها وفي يدها ورقة مسطر فيها عبارة مطلقة نفضت عن نفسها الضعف والانكسار وقلة الحيلة واقسمت ان تحصل علي حقوقها كاملة وليرتمي هو وزوجته الثانية. من بين أحضان الشوارع والطرقات واسرعت للمحكمة وأقامت دعوي طالبت فيها باسترداد مسكن الزوجية وأجر حضانه ونفقة لها وأطفالها الثلاثة ونفقة متعه واستشهدت بالجيران وبعض اقارب الزوج والكل أكد ان عشقها له كان يوازي مسافة بين قارتين او اكثر وأنه قهرها واهدر سنوات عمرها وشبابها وانها كانت له السند والرفيق والحبيبة والصديق إلا انه تنكر لها وتزوج من اخري دون علمها وخان سنوات العشق والهوي وبعد مداولات قضت المحكمة برئاسة المستشار محمود خليل رئيس محكمة استئناف القاهرة للاحوال الشخصية بتمكين الزوجة الحاضنة من شقة الزوجية وإلزام الزوج بدفع مبلغ ألفي جنيه شهريا نفقة لها ولصغارها ودفع مائة الف جنيه نفقة متعة لها لانه طلقها بدون رضاها وبدون سبب منها.