سعر الريال السعودي الآن في البنك الأهلي .. أسعار الصرف بيع وشراء وفقًا لآخر تحديث    «الفوقيه والتعالي» سبب فشل مفاوضات الأهلي مع مانشيني.. إبراهيم فايق يكشف (فيديو)    فئة لن يسمح باستمرارها في الدراسة للعام الجديد 2025-2026 بسبب المصروفات.. التعليم توضح    أسعار طبق البيض اليوم الاربعاء 17-9-2025 في قنا    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الاربعاء 17-9-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    خبير أمن معلومات: تركيب الصور بالذكاء الاصطناعي يهدد ملايين المستخدمين    الخارجية الكندية: الهجوم البري الإسرائيلي الجديد على مدينة غزة مروع    مباحثات سعودية إيرانية في الرياض حول المستجدات الإقليمية    فرنسا تدين توسيع العملية الإسرائيلية بغزة وتدعو إلى وضع حد للحملة التدميرية    ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 108 منذ فجر الثلاثاء    رئيس جامعة المنيا يشارك في اجتماع «الجامعات الأهلية» لبحث استعدادات الدراسة    أسعار الخضروات اليوم الاربعاء 17-9-2025 في قنا    السيطرة على حريق هائل نشب بمطعم شهير بمدينة أبو حمص في البحيرة    د.حماد عبدالله يكتب: البيض الممشش يتلم على بعضه !!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 17-9-2025 في محافظة قنا    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    أمين عمر حكما لمواجهة الإسماعيلي والزمالك    الخارجية السورية تكشف تفاصيل الاجتماع الثلاثي واعتماد خارطة طريق لحل الأزمة في السويداء    زيلينسكي: مستعد للقاء ترامب وبوتين بشكل ثلاثي أو ثنائي دون أي شروط    حرق من الدرجة الثانية.. إصابة شاب بصعق كهربائي في أبو صوير بالإسماعيلية    «دروس نبوية في عصر التحديات».. ندوة لمجلة الأزهر بدار الكتب    بالصور- مشاجرة وكلام جارح بين شباب وفتيات برنامج قسمة ونصيب    "يانجو بلاي" تكشف موعد عرض فيلم "السيستم".. صورة    سارة سلامة بفستان قصير وهيدي كرم جريئة .. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    مبابي: مباراة مارسيليا تعقدت بعد الطرد.. ولا أفكر في أن أكون قائدا لريال مدريد    حريق هائل بمطعم شهير بمدينة أبو حمص في البحيرة (صور)    زيارة صرف الأنظار، ترامب يصل إلى بريطانيا ومراسم استقبال ملكية في انتظاره    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    موعد إعلان نتيجة تنسيق جامعة الأزهر 2025 رسميا بعد انتهاء التسجيل (رابط الاستعلام)    بعد تضخم ثروته بالبنوك، قرار جديد ضد "مستريح البيض والمزارع"    نائب رئيس جامعة الأزهر يعلن موعد نتيجة التنسيق (فيديو)    أبرزها الإسماعيلي والزمالك، حكام مباريات الخميس بالجولة السابعة من الدوري المصري    تدريبات فنية خاصة بمران الزمالك في إطار الاستعداد لمباراة الإسماعيلي    انخفاض بدرجات الحرارة، الأرصاد تعلن طقس اليوم    مروان خوري وآدم ومحمد فضل شاكر في حفل واحد بجدة، غدا    مصرع وإصابة 3 شبان بحادث تصادم في محافظة البحيرة    أعراض مسمار الكعب وأسباب الإصابة به    كاراباك يصعق بنفيكا بثلاثية تاريخية في عقر داره بدوري الأبطال    4 أيام عطلة في سبتمبر.. موعد الإجازة الرسمية المقبلة للقطاع العام والخاص (تفاصيل)    رئيس أركان جيش الاحتلال ل نتنياهو: القوات تعمّق الآن «إنجازًا» سيقرب نهاية الحرب    سعر السمك البلطي والسردين والجمبري في الأسواق اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025    عيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع في سعر الذهب اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025    ننشر خريطة موعد بدء الدراسة للتعليم الابتدائي بمدارس الفيوم تدريجيًا.. صور    على باب الوزير    تحريات لكشف ملابسات العثور على جثة شاب طافية بنهر النيل في الوراق    ضبط ومصادرة 2 طن طحينة بمصنع بدون ترخيص بالمنيرة    مي عز الدين تهنئ محمد إمام بعيد ميلاده: «خفة دم الكون»    قبول الآخر.. معركة الإنسان التي لم ينتصر فيها بعد!    داليا عبد الرحيم تكتب: ثلاث ساعات في حضرة رئيس الوزراء    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    يوفنتوس ينتزع تعادلًا دراماتيكيًا من دورتموند في ليلة الأهداف الثمانية بدوري الأبطال    قافلة طبية مجانية بقرية الروضة بالفيوم تكشف على 300 طفل وتُجري37 عملية    حتى لا تعتمد على الأدوية.. أطعمة فعالة لعلاج التهاب المرارة    يؤثر على النمو والسر في النظام الغذائي.. أسباب ارتفاع ضغط الدم عن الأطفال    ليست كلها سيئة.. تفاعلات تحدث للجسم عند شرب الشاي بعد تناول الطعام    أمين الفتوى يوضح حكم استخدام الروبوت في غسل الموتى وشروط من يقوم بالتغسيل    فيديو - أمين الفتوى يوضح حالات سجود السهو ومتى تجب إعادة الصلاة    أمين الفتوى يوضح الجدل القائم حول حكم طهارة الكلاب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحب بعد الزواج يحتاج الى ادارة ذكية
نشر في الواقع يوم 12 - 12 - 2011


الواقع - نعومي بهجت
الجزء‏ الدافئ‏ من‏ فراشي‏ معك‏ فقد‏ دفأه‏, ومكانك‏ بجواري‏ علي‏ المقعد‏ الذي‏ تفضله‏ أمام‏ التليفزيون‏ لم‏ يعد‏ له‏ معني‏ بعد‏ أن‏ غادرت‏ حياتي‏, كان‏ صعبا‏ علي‏ جدا‏ لحظة‏ إنزال‏ صورنا‏ من‏ علي‏ الحائط‏ التي‏ سجلت‏ أجمل‏ اللحظات‏ التي‏ جمعت‏ بيننا‏, صور‏ الخطبة‏ والفرح‏ ورقصك‏ معي‏ وفرحتنا‏ سويا‏, كيف‏ انتهي‏ كل‏ هذا‏ في‏ لحظة‏, كيف‏ نقرر‏ إعدام‏ هذه‏ اللحظات‏ الجميلة‏ أن‏ نلغي‏ هذا‏ التاريخ‏,
‏بدعوي‏ أننا‏ لم‏ نعد‏ نتفاهم‏, ولم‏ نعد‏ نلتقي‏ في‏ فكرة‏ أو‏ إحساس‏, كيف‏ هذا‏ ومتي‏ بدأ‏, ألم‏ يعد‏ هناك‏ علاج‏, طريق‏ آخر‏ غير‏ أن‏ تحمل‏ حقيبتك‏ وتغادرنا‏, أنا‏ والأولاد‏ وهذا‏ المكان‏ الذي‏ كان‏ عبارة‏ عن‏ وطننا‏.. أرضنا‏ وسمائنا‏ .. كيف‏ لم‏ يعد‏ في‏ مقدرونا‏ التفكير‏ وكأننا‏ نساق‏ الي‏ نهاياتنا‏ سوقا‏ , والسؤال‏ ما‏ الذي‏ يجعل‏ قصة‏ حب‏ عظيمة‏ تنتهتي‏ بعد‏ زواج‏ أكثر‏ من‏ عشر‏ سنوات‏, كيف‏ لم‏ يشفع‏ الحب‏ لهذه‏ القصة‏ لكي‏ تطول‏ أكثر‏ وتمتد‏ فصولها‏, كيف‏ في‏ لحظة‏ تتحول‏ سنوات‏ التوهج‏ والتوقد‏ إلي‏ خمود‏ ورماد‏ , كيف‏ تتحول‏ الذكريات‏ الجميلة‏ إلي‏ غصات‏ وشذرات‏ من‏ ماض‏ لها‏ طعم‏ المرارة‏ ؟‏.‏
ليست‏ هناك‏ حتي‏ هذه‏ اللحظة‏ إجابة‏ شافية‏ لسؤال‏ دائما‏ يتردد‏ لماذا‏ ينطفئ‏ الحب‏ بعد‏ الزواج‏ ؟‏.. لا‏ أحد‏ يعرف‏ علي‏ وجه‏ الدقة‏ ما‏ الذي‏ جعل‏ قصة‏ زواج‏ دامت‏ أكثر‏ من‏ عشرين‏ عاما‏ وأثمرت‏ عن‏ أبناء‏ كبار‏ بعضهم‏ شق‏ طريقه‏ في‏ الحياة‏ تنتهي‏ مثل‏ هذه‏ النهاية‏ الحزينة‏ .‏
عندما‏ تجلس‏ الي‏ كل‏ طرف‏ من‏ الزوجين‏ سوف‏ تكتشف‏ أن‏ أهم‏ ما‏ لديه‏ هو‏ ذكرياته‏ العزيزة‏, ذكريات‏ وتفاصيل‏ جميلة‏ ومشاعر‏ رقيقة‏ أحرقت‏ مع‏ الجوابات‏ والصور‏ وأودعت‏ سلة‏ المهملات‏ بزعم‏ أن‏ تلك‏ كانت‏ مرحلة‏.‏
البداية‏ كانت‏ كلاسيكية‏ تماما‏.. في‏ الجامعة‏ شاب‏ مصري‏ ابن‏ بلد‏ دمه‏ خفيف‏, وهي‏ بنت‏ الطبقة‏ المتوسطة‏ مسحة‏ من‏ جمال‏ رائق‏ وإحساس‏ رومانسي‏ رقيق‏, هتف‏ في‏ أذنها‏ في‏ المدرج‏ في‏ أول‏ محاضرة‏ في‏ سنة‏ ثانية‏ حقوق‏ '‏أنا‏ مجنون‏ بك‏' ابتسمت‏ في‏ خجل‏ ولم‏ ترد‏ ' ومنذ‏ هذه‏ اللحظة‏ لم‏ يفترقا‏, في‏ الجامعة‏ في‏ الكافيتريا‏ في‏ الأتوبيس‏ النهري‏ الذي‏ ينقلهما‏ إلي‏ الضفة‏ الأخري‏ من‏ النهر‏ ليفترقا‏ بصعوبة‏ كل‏ إلي‏ منزله‏ ويدخلا‏ من‏ الباب‏ إلي‏ التليفون‏ والرغي‏ والضحك‏ والسهر‏ والأحلام‏, اعترفا‏ بحبهما‏ للعالم‏, لم‏ يكن‏ هناك‏ ما‏ يخجلان‏ منه‏, قبل‏ انتهاء‏ السنة‏ الرابعة‏ من‏ الجامعة‏ تمت‏ الخطبة‏ في‏ جو‏ عائلي‏ وبحضور‏ بعض‏ الأصدقاء‏ وبعد‏ التخرج‏ مباشرة‏ تزوجا‏ في‏ شقة‏ صغيرة‏ تعاونت‏ الأسرتان‏ في‏ تأثيثها‏ ولم‏ يحدث‏ خلاف‏ واحد‏ بين‏ الأسرتين‏ ربما‏ احتراما‏ لقصة‏ الحب‏ الجميلة‏.‏
واستمرت‏ الحياة‏ جميلة‏ هادئة‏ وجاء‏ ابنهما‏ الاول‏ ادهم‏ ثم‏ دينا‏.. وكل‏ طفل‏ يأتي‏ إلي‏ الحياة‏ كان‏ مناسبة‏ لإعلان‏ تجدد‏ الحب‏ وإضافة‏ معني‏ جديد‏ للحياة‏ فيما‏ بينهما‏, امتدت‏ الحياة‏ بينهما‏ خمس‏ سنوات‏, عشر‏, خمس‏ عشرة‏, عشرون‏ وفجأة‏ بدأ‏ كل‏ شيء‏ في‏ التداعي‏ والانهيار‏, لماذا‏ لا‏ أحد‏ يعرف‏, ويبدو‏ أن‏ أحدا‏ لا‏ يريد‏ أن‏ يعرف‏ سوي‏ أن‏ قصة‏ الحب‏ الجميلة‏ انتهت‏ الي‏ نهاية‏ حزينة‏.
أما‏ هذه‏ القصة‏ فبدأت‏ بداية‏ ثورية‏ في‏ مظاهرة‏ للمطالبة‏ بالحرب‏ وتحرير‏ الأرض‏ في‏ بداية‏ السبعينيات‏, كان‏ هو‏ زعيما‏ طلابيا‏ يحمله‏ زملاؤه‏ علي‏ الأعناق‏ للهتاف‏ وإشعال‏ الحماسة‏ في‏ الناس‏, وهي‏ طالبة‏ ثورية‏ وإن‏ كانت‏ ثوريتها‏ لم‏ تخف‏ عذوبة‏ مثل‏ نغمة‏ كمان‏ في‏ ارتجال‏ عفوي‏ لعازف‏ متمكن‏, لمحها‏ وهو‏ علي‏ اكتاف‏ زملائه‏, شعر‏ أن‏ ثمة‏ رابطا‏ بينهما‏, تاهت‏ بين‏ الزحام‏ والحماس‏ , فقرر‏ أن‏ يبحث‏ عنها‏ ووجدها‏ في‏ كلية‏ الحقوق‏ علي‏ بعد‏ خطوات‏ من‏ كلية‏ العلوم‏ التي‏ كان‏ يدرس‏ بها‏, كانت‏ ثورية‏ تنتمي‏ إلي‏ عائلة‏ يسارية‏ وإن‏ كانت‏ غنية‏, أما‏ هو‏ فمثقف‏ فقير‏, يقتات‏ علي‏ سندوتشات‏ الفول‏ وأشعار‏ أحمد‏ فؤاد‏ نجم‏, وكانت‏ أجمل‏ الفسح‏ أن‏ يصحبها‏ مع‏ آخرين‏ من‏ الطلاب‏ لزيارة‏ احمد‏ فؤاد‏ نجم‏ والشيخ‏ إمام‏ في‏ حارة‏ خوش‏ قدم‏ في‏ الغورية‏, وهؤلاء‏ هم‏ الذين‏ غني‏ لهم‏ نجم‏ صباح‏ الخير‏ علي‏ الورد‏ اللي‏ فتح‏ في‏ جناين‏ مصر‏'.‏
إنها‏ السبعينيات‏ بزخمها‏ وأحداثها‏ حيث‏ كانت‏ الجامعات‏ تشهد‏ زيجات‏ ثورية‏, تبدأ‏ شرارتها‏ اما‏ في‏ المظاهرات‏ والاعتصامات‏ ضد‏ الرئيس‏ السادات‏ أو‏ في‏ معسكرات‏ التثقيف‏ السياسي‏, حيث‏ كانت‏ فصول‏ الحب‏ تتطور‏ مع‏ الصفوف‏ الدراسية‏ من‏ أول‏ سنة‏ أولي‏ جامعة‏ إلي‏ سنة‏ ثانية‏ وهكذا‏.. إلي‏ الزواج‏ الذي‏ كان‏ يحدث‏ غالبا‏ بعد‏ الجامعة‏ مباشرة‏, وكانت‏ الثورة‏ والحماس‏ تغلب‏ علي‏ الفوارق‏ الاجتماعية‏ وكان‏ نجم‏ والشيخ‏ إمام‏, وزين‏ العابدين‏ فؤاد‏ يذيبونها‏ بأشعارهم‏, والغناء‏ الثوري‏ يحل‏ محل‏ الغناء‏ العاطفي‏ وتكون‏ الرموز‏ الثورية‏ مثل‏ جيفارا‏ جزءا‏ من‏ قصة‏ الحب‏ والزواج‏, وبعض‏ هذه‏ القصص‏ استمرت‏ حتي‏ الآن‏, ومنها‏ من‏ هو‏ انتهي‏ مثل‏ قصتنا‏ هذه‏.‏
أما‏ لماذا‏ انتهت‏.. فلا‏ أحد‏ يعرف‏, ربما‏ كانت‏ الرومانسية‏ الثورية‏ في‏ ذلك‏ الوقت‏ هي‏ التي‏ كانت‏ تحرك‏ المشاعر‏ , ربما‏ كانت‏ السبب‏ في‏ غض‏ الطرف‏ عن‏ الاختلافات‏ والفوارق‏ الطبقية‏ والاجتماعية‏, ربما‏ أن‏ الزواج‏ بالنسبة‏ للبعض‏ منا‏ يحتاج‏ إلي‏ قضية‏ كبيرة‏ حتي‏ لا‏ نقع‏ فريسة‏ للروتين‏ والملل‏ الزوجي‏, أم‏ أن‏ الحب‏ نفسه‏ يحتاج‏ أحيانا‏ إلي‏ ثورة‏ تعيد‏ له‏ بهاءه‏ ورونقه‏ ولكننا‏ لا‏ نعرف‏ كيف‏ نفعل‏ ذلك‏.. لا‏ أحد‏ يدري‏.‏
أما‏ هذه‏ القصة‏ فتشبه‏ الأفلام‏ السينمائية‏, قصة‏ حب‏ من‏ النوع‏ المجنون‏, كل‏ العالم‏ يقف‏ ضدها‏ لأنهما‏ ببساطة‏ من‏ ديانتين‏ مختلفتين‏, هو‏ مسلم‏ وهي‏ مسيحية‏, ولكن‏ جيران‏ من‏ شبرا‏, هو‏ لا‏ يري‏ في‏ العالم‏ إلا‏ هي‏, أجمل‏ وأرق‏ مخلوقة‏ وقعت‏ عليها‏ عيناه‏, يتغزل‏ في‏ ملامحها‏, بنت‏ هي‏ تلخيص‏ لتاريخ‏ الجمال‏ المصري‏ منذ‏ نفرتيتي‏ ومعناها‏ الجميلة‏ تتهادي‏, أيضا‏ هي‏ دافئة‏ من‏ نوع‏ غريب‏ لا‏ يطمئن‏ إلا‏ لوجودها‏, حواري‏ شبرا‏ وشوارعها‏ شهدت‏ فصولا‏ مجيدة‏ من‏ هذا‏ الحب‏ , وأيضا‏ مطاردات‏ من‏ عائلتها‏ وعائلته‏ , فليذهب‏ الحب‏ إلي‏ الجحيم‏, لا‏ نريد‏ مشكلات‏, '‏يعني‏ البنات‏ المسلمات‏ خلصوا‏ ', هكذا‏ يقولون‏ له‏. يرد‏ هو‏ لا‏ أري‏ في‏ الحياة‏ غيرها‏, هي‏ تحملت‏ كل‏ صنوف‏ العذاب‏ من‏ أهلها‏ ضربا‏, إهانة‏, حبسا‏ في‏ البيت‏, ومحاولة‏ تزويجها‏ من‏ ابن‏ عمها‏, ولكن‏ هربت‏ وتزوجته‏ , تزوجته‏ في‏ قطر‏, ثم‏ نزحت‏ معه‏ إلي‏ ايطاليا‏ لأنه‏ كان‏ أحد‏ القلائل‏ البارعين‏ في‏ عالم‏ صناعة‏ الأحذية‏, بعد‏ زمن‏ في‏ الغربة‏ وانقطاع‏ أخبارهما‏, فجأة‏ وصل‏ خطاب‏ منها‏ إلي‏ أهلها‏ أريد‏ أن‏ أعود‏ لقد‏ انتهي‏ كل‏ شيء‏.‏
السيدة‏ فاطمة‏ لها‏ تجربة‏ مريرة‏ لأنها‏ اضطرت‏ الي‏ ترك‏ زوجها‏ بعد‏ حب‏ وزواج‏ أكثر‏ من‏ 25 سنة‏, لأن‏ زوجها‏ الذي‏ وقفت‏ بجانبه‏ كل‏ هذه‏ المدة‏ كتاجر‏ أخشاب‏ حتي‏ فتح‏ الله‏ عليه‏, وأنجبت‏ له‏ شابين‏ يعملان‏ معه‏ في‏ التجارة‏, وبنتا‏ علي‏ وشك‏ زواج‏ تركها‏ وتزوج‏ من‏ بنت‏ في‏ عمر‏ ابنته‏, '‏المال‏ لما‏ يكتر‏ في‏ ايد‏ الرجل‏ أول‏ حاجة‏ يفكر‏ فيها‏ الزواج‏' هكذا‏ قالت‏ بحسرة‏ , مضيفة‏ ' باشوف‏ الحاج‏ بس‏ في‏ المناسبات‏, فيما‏ عدا‏ ذلك‏ هو‏ عند‏ مراته‏ الجديدة‏, والغريبة‏ أنا‏ مش‏ قادرة‏ أكرهه‏ لأن‏ هو‏ أول‏ راجل‏ في‏ حياتي‏, وعرفته‏ لما‏ كان‏ بييجي‏ لوالدي‏ عشان‏ يساعده‏ في‏ تجارة‏ الخشب‏, ولما‏ عرفت‏ أنه‏ اتجوز‏ علي‏ مرضت‏ وتعبت‏ قوي‏ وبرضه‏ ما‏ أقدرتش‏ أكرهه‏'!‏
هذه‏ قصة‏ اشتملت‏ علي‏ أسرع‏ حب‏ وأسرع‏ طلاق‏.. تقابلا‏ في‏ حفل‏ شبابي‏, هي‏ تعمل‏ سكرتيرة‏ لوالدها‏ رجل‏ الأعمال‏, وهو‏ مهندس‏ شاب‏ له‏ علاقة‏ بشغل‏ والدها‏ تقابلا‏ في‏ حفل‏ كوكتيل‏ بمناسبة‏ تدشين‏ أحد‏ مشاريع‏ والدها‏, قابلته‏, أعجبها‏ هدوءه‏ وكونه‏ لا‏ يفصح‏ عن‏ مشاعره‏ بسهولة‏, هو‏ اعترف‏ لها‏ بعد‏ ذلك‏ بأنه‏ أعجبه‏ جرأتها‏ وحيويتها‏ وقدرتها‏ علي‏ إدارة‏ كل‏ المحيطين‏ من‏ حولها‏, اخترع‏ الحجج‏ لزيارتها‏ في‏ مكتبها‏ نحو‏ مرتين‏, في‏ المرة‏ الثالثة‏ عبر‏ لها‏ عن‏ اعجابه‏ الشديد‏ بها‏, وهي‏ اعترفت‏ له‏ بطغيان‏ جاذبيته‏ , في‏ المساء‏ وعبر‏ مكالمة‏ موبايل‏ طويلة‏ , أقنعها‏ بأن‏ ذلك‏ كاف‏ ليتقدم‏ اليها‏ ويطلب‏ يدها‏ من‏ والدها‏ الذي‏ فوجئ‏ أن‏ المهندس‏ الشاب‏ الذي‏ لم‏ يمر‏ علي‏ معرفته‏ به‏ شهر‏ يطلب‏ يد‏ ابنته‏ , وفوجئ‏ أكثر‏ بموافقة‏ ابنته‏ التي‏ حكت‏ لوالدها‏ تفاصيل‏ العلاقة‏ بما‏ في‏ ذلك‏ تلبية‏ دعوته‏ لزيارته‏ في‏ شقته‏ باعتبار‏ أن‏ تربيتها‏ متحررة‏, وكان‏ الزواج‏ الذي‏ تم‏ في‏ الفيلا‏ التي‏ يمتلكها‏ الوالد‏ في‏ شرم‏ الشيخ‏ ودعا‏ إليها‏ لفيفا‏ من‏ نجوم‏ البزنس‏, بعد‏ حفل‏ الزواج‏ طار‏ العروسان‏ الي‏ أحد‏ المنتجعات‏ الأوربية‏, هناك‏ اكتشف‏ العريس‏ انه‏ يعشق‏ زوجته‏ الجميلة‏ وإن‏ كان‏ لاحظ‏ بعض‏ الملاحظات‏ الذي‏ حاول‏ أن‏ يقلل‏ من‏ أهميتها‏, مثل‏ أنها‏ مثلا‏ لا‏ تبدي‏ اهتماما‏ لآرائه‏ في‏ اختياراتها‏ في‏ أي‏ شيء‏ بدءا‏ من‏ ملابسها‏ المتحررة‏ جدا‏ إلي‏ طريقة‏ تعاملها‏ المتعالية‏ مع‏ الناس‏, هي‏ أيضا‏ رومانسية‏ ولكن‏ بطريقتها‏, وطريقتها‏ هذه‏ تتلخص‏ في‏ أنه‏ يجب‏ أن‏ يحاصرها‏ بمعسول‏ الكلام‏, ولكن‏ الكلام‏ وحده‏ لا‏ يكفي‏ ولكن‏ لابد‏ من‏ ترجمة‏ هذا‏ الكلام‏ والمشاعر‏ الي‏ هدايا‏, ثم‏ إن‏ هذه‏ الهدايا‏ لابد‏ أن‏ تتناسب‏ مع‏ ذوقها‏ واختياراتها‏ في‏ الحياة‏, وأي‏ فشل‏ في‏ ذلك‏ معناه‏ فشل‏ في‏ العلاقة‏ , ورغم‏ ذلك‏ كان‏ يزداد‏ تعلقه‏ بها‏ وإن‏ كان‏ يعتبر‏ نفسه‏ من‏ عينة‏ أخري‏ تميل‏ إلي‏ تبسيط‏ الأمور‏ أكثر‏ من‏ ذلك‏, ويري‏ أن‏ هناك‏ أمورا‏ أكثر‏ أهمية‏, ولكن‏ كان‏ المريع‏ في‏ الموضوع‏ تدخلها‏ في‏ حياته‏ واختياراته‏ حتي‏ لأصدقائه‏ ومواعيد‏ زيارته‏ لأهله‏ أو‏ زيارات‏ أهله‏ لها‏, كان‏ فخورا‏ بها‏ مثل‏ نجمة‏ في‏ السماء‏ ولكن‏ تألقها‏ الزائد‏ أحيانا‏ يجرحه‏.. بعد‏ فترة‏ قصيرة‏ من‏ الزواج‏ وقبل‏ أن‏ يحتفلا‏ بعيد‏ زواجهما‏ الأول‏ .. صارحها‏ بعشقه‏ لها‏ وصارحها‏ أكثر‏ أنه‏ عاجز‏ عن‏ فهمها‏ ومجاراتها‏ في‏ حياة‏ لا‏ تناسبه‏, وكان‏ يظن‏ أن‏ ذلك‏ سيفاجئها‏, ولكن‏ فوجئ‏ بأنها‏ تصارحه‏ بأنه‏ تحبه‏ وتشعر‏ بدفء‏ واطمئنان‏ إلي‏ قربه‏, ولكن‏ هناك‏ مشكلة‏ بسيطة‏ أنه‏ لا‏ يمثل‏ طموحها‏ في‏ الحياة‏.. وقررا‏ الانفصال‏ في‏ هدوء‏ !‏
‏عندما‏ سألت‏ سيدة‏ مرت‏ بتجربة‏ زواج‏ فاشلة‏ رغم‏ وجود‏ الحب‏ في‏ الموضوع‏ قالت‏ بهدوء‏ لأنه‏ يبدو‏ أن‏ الحب‏ شيء‏ والزواج‏ شيء‏ آخر‏, ونادرا‏ ما‏ يلتقيان‏, بدليل‏ أن‏ أعظم‏ قصص‏ الحب‏ في‏ التاريخ‏ كانت‏ إما‏ بعيدة‏ عن‏ الزواج‏ أو‏ عندما‏ تدخل‏ الزواج‏ تفشل‏, هذه‏ طبعا‏ ليست‏ نظرية‏ ولكن‏ مجرد‏ ملاحظة‏ شخصية‏, وربما‏ يكون‏ الفشل‏ جاء‏ من‏ فرق‏ التوقعات‏ الحب‏ يجعل‏ التوقعات‏ أعلي‏ بكثير‏, فيما‏ يحدد‏ الزواج‏ الأدوار‏ أو‏ أن‏ الأدوار‏ تبدو‏ محددة‏, أنا‏ أحبك‏ أريد‏ منك‏ أن‏ تأتي‏ إلي‏ بالدنيا‏ أما‏ الزواج‏ فإنه‏ يخفف‏ سقف‏ التوقعات‏.‏
وأضافت‏ أن‏ الحب‏ أحيانا‏ يكون‏ مخادعا‏ بمعني‏ الحب‏ لا‏ يجعلني‏ أراك‏ كما‏ ينبغي‏ كشريك‏ في‏ الحياة‏, الحب‏ قد‏ يجعلنا‏ نضفي‏ ميزات‏ علي‏ الآخر‏ هي‏ في‏ الحقيقة‏ لا‏ وجود‏ لها‏, أنا‏ كنت‏ أري‏ زوجي‏ أوسم‏ شخص‏ في‏ التاريخ‏ رغم‏ ندبات‏ وعيوب‏ واضحة‏ في‏ ملامحه‏ لم‏ أرها‏ طوال‏ سنوات‏ الحب‏ والعشق‏.. ولكن‏ ظهرت‏ كل‏ العيوب‏ عندما‏ قررت‏ أن‏ أراها‏ بعيون‏ شريكة‏ الحياة‏, لم‏ أر‏ فقط‏ العيوب‏ في‏ الشكل‏, ولكن‏ العيوب‏ في‏ التركيبة‏ الشخصية‏, فعلا‏ مرآة‏ الحب‏ عمياء‏!
‏الدكتورة‏ نوال‏ سليمان‏ أستاذ‏ صحة‏ المجتمع‏ رأت‏ أن‏ الحب‏ شأنه‏ شأن‏ أي‏ شيء‏ آخر‏ لا‏ يمكن‏ عزله‏ عن‏ ظروف‏ موضوعية‏ أخري‏, فالحياة‏ قبل‏ الزواج‏ ربما‏ تكون‏ مغلفة‏ برومانسية‏ ومحاولة‏ التجاوز‏ عن‏ عيوب‏ الآخر‏ وتبسيط‏ الأمور‏ أحيانا‏ بشكل‏ مخل‏, ويتناسي‏ عوامل‏ أخري‏ هي‏ مثلا‏ طريقة‏ تعامل‏ كل‏ طرف‏ مع‏ الحياة‏ وأن‏ الحياة‏ أساسا‏ صراع‏ مستمر‏ بين‏ حريتين‏ كما‏ يقول‏ سارتر‏ وليست‏ مشاركة‏ فعالة‏ بين‏ ارادتين‏
‏ثم‏ إن‏ هناك‏ اختلافا‏ في‏ مفهوم‏ الحب‏ عند‏ المرأة‏ والرجل‏, ربما‏ يفهم‏ الرجل‏ الحب‏ علي‏ أنه‏ نوع‏ من‏ الاستقرار‏ النفسي‏ والعاطفي‏ بمعناه‏ الجنسي‏ واذا‏ لم‏ يتحقق‏ ذلك‏ تفشل‏ المسألة‏ برمتها‏ بالنسبة‏ له‏ فيما‏ أن‏ الحب‏ يعني‏ عند‏ المرأة‏ السعادة‏ والاستقرار‏ .‏
‏الدكتور‏ عبد‏ المنعم‏ بركات‏ أستاذ‏ التنمية‏ البشرية‏ وإدارة‏ الأفراد‏ جامعة‏ عين‏ شمس‏ يري‏ أن‏ الحب‏ مثل‏ أي‏ شيء‏ يحتاج‏ إلي‏ إدارة‏ ذكية‏, لا‏ يكفي‏ أن‏ يكون‏ موجودا‏ فقط‏ ولكن‏ يحتاج‏ الي‏ رعاية‏ وإحساس‏ بالمسئولية‏ تجاه‏ هذا‏ الإحساس‏, وإلا‏ فإن‏ الحب‏ يموت‏ مثل‏ أي‏ شيء‏, ومع‏ ذلك‏ فإن‏ الموت‏ ليس‏ الخطر‏ الأوحد‏ الذي‏ يهدد‏ الحب‏, فهناك‏ خطر‏ أكبر‏ هو‏ الإحساس‏ بالوحدة‏ حتي‏ في‏ وجود‏ الحب‏, وهناك‏ من‏ يقول‏ إن‏ الحب‏ يحيا‏ دائما‏ علي‏ حافة‏ الموت‏ ولكن‏ دراما‏ الحياة‏ البشرية‏ تضطرنا‏ للحب‏ , أو‏ ممارسة‏ مشاعر‏ الحب‏ لكي‏ تستمر‏ الحياة‏, اذن‏ الحب‏ يحتاج‏ إلي‏ إدارة‏ ذكية‏ بعد‏ الزواج‏ أول‏ شروطها‏ أن‏ ينزل‏ هذا‏ الحب‏ من‏ السماء‏ ويمشي‏ علي‏ الارض‏, أو‏ أن‏ يكون‏ هناك‏ نوع‏ من‏ أنواع‏ الواقعية‏ في‏ الحب‏, حتي‏ لا‏ يكون‏ أحد‏ مثل‏ الشاعر‏ الانجليزي‏ الذي‏ سقطت‏ حبيبته‏ أمامه‏ علي‏ الأرض‏ فصرخ‏ : ربي‏ إن‏ لها‏ قدمين‏ !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.