الجالية المصرية في روما تشارك بانتخابات مجلس النواب    خبير تربوي يضع روشتة لوقف حالات التعدي على الأطفال بالمدارس    الجالية المصرية بإيطاليا تشارك فى المرحلة الثانية بانتخابات مجلس النواب    السفير المصري بنيوزيلندا: انتخابات النواب تسير بسهولة ويسر    تشغيل تجريبي لمجزري الهو والحبيل بمحافظتي الأقصر وقنا    انقطاع المياه عن قرية أشمنت وتوابعها ببنى سويف غدا    بنك كريدي أجريكول يتصدر قيم التداول بالبورصة خلال جلسة نهاية الأسبوع    الكرملين ينصح زيلينسكي بالتفاوض «الآن» لئلا يخسر المزيد من الأراضي    واشنطن تهدد أوكرانيا بقطع الأسلحة وتحدد موعدا نهائيا لتوقيع اتفاق إنهاء الحرب    الحكومة الفرنسية: أطفالنا لن يذهبوا للقتال والموت فى أوكرانيا    فليك يتحدث عن العودة ل "كامب نو"    "اصطدم بالباب" إصابة بالمر بكسر في إصبع قدمه.. والكشف عن مدة غيابه    فليك: ميسي أفضل لاعب في العقد الأخير.. وتدريبه ليس من اختصاصي    كاف يدرس تعديل آلية التصويت في جوائزه لهذا السبب    إصابة رجل من الحماية المدنية في حريق شقة سكنية ببرج بالمنصورة    بعد إحالته للجنايات.. تفاصيل 10 أيام تحقيقات مع المتهم بقتل صديقه مهندس الإسكندرية    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    طفلان يرتكبان جريمة بالأسكندرية.. الداخلية تكشف التفاصيل| فيديو    غلق كوبرى شمال طرة مساء لمدة 15 ليلة واستحداث تحويلات مرورية جديدة    قصور منسية، استراحة الأميرة فوزية بالفيوم تحفة معمارية سقطت من الخريطة السياحية    أكرم القصاص: المشاركة فى المرحلة الثانية من انتخابات النواب ستكون أفضل    تعرف على أذكار المساء ليوم الجمعة.. لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير    ردد الآن| ساعة الاستجابة يوم الجمعة وأفضل أوقات الدعاء    سانوفي تطلق دواء ساركليزا بمصر لتمنح مرضى سرطان المايلوما أملا فى العلاج    "الخدمات البيطرية" تحصن 1.5 مليون طائر بالمحافظات خلال أكتوبر    وزيرة التخطيط: ملتزمون بتمكين المرأة اقتصاديًا بما يتماشى مع رؤية مصر 2030    في عيد ميلادها| قصة أغنية "حبيتك بالصيف" التي تحولت إلى اعتذار رومانسي من عاصي لفيروز    «المقاولون العرب» تُتوّج ب 6 جوائز من «ميد» على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    «الدواء المصرية» تحذر من عبوات مجهولة من مستحضر «Entresto» لعضلة القلب    علاج 3652 مريضا فى 3 قوافل طبية لخدمة أهالي برج العرب    تعاون جديد بين هيئة الكتاب ومكتبات مصر العامة لتوسيع إتاحة الإصدارات في القاهرة    اليابان تعيد تشغيل أكبر محطة نووية بالعالم بعد أكثر من عقد على فوكوشيما    دوري أبطال إفريقيا.. محمد الشناوي: جاهزون لمواجهة شبيبة القبائل ونسعى للفوز باللقب    انتخابات مجلس النواب 2025.. مشاركة واسعة للجالية المصرية بالمغرب في المرحلة الثانية    زيلينسكي يرفض إقالة أقوى مستشاريه رغم تفاقم فضيحة فساد كبرى    ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال بنجلاديش إلى 5 قتلى ونحو 100 مصاب    يوسف شاهين الغائب الحاضر في مهرجان القاهرة السينمائي    جامعة بنها وحياة كريمة ينظمان قوافل طبية وتوعوية بقرية الجلاتمة بمنشأة ناصر    سفير مصر بالسعودية: إقبال ملحوظ وانضباط كامل في المرحلة الثانية للانتخابات    أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة وفضلها العظيم    الاتحاد السكندري يقترب من استعارة يوسف أوباما من بيراميدز في الميركاتو الشتوي    وصول حكام مباراة الزمالك وزيسكو إلى القاهرة    أسعار الفراخ والبيض اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025    إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية في مشاجرة بين عائلتين بقنا    قائمة بنوك تتلقى رسوم حج القرعة 2026.. اعرف التفاصيل    بورسعيد الأعلى، جدول تأخيرات السكة الحديد اليوم الجمعة    "المهن التمثيلية" تحذر من انتحال اسم صناع مسلسل "كلهم بيحبوا مودي"    فيديو| ضحايا ودمار هائل في باكستان إثر انفجار بمصنع كيميائي    وفاة القمص توماس كازاناكي كاهن كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بالإسماعيلية    أهلي جدة يستضيف القادسية لمواصلة الانتصارات بالدوري السعودي    إنشاء محطة الصب الجاف النظيف بميناء الدخيلة.. صور    الرئيس الفنزويلي يأمر بنشر أسلحة ثقيلة وصواريخ على سواحل الكاريبي ردا على تحركات عسكرية أمريكية    تحذير جوي بشأن طقس اليوم الجمعة.. خد بالك من الطريق    محمد منصور: عملت جرسونا وكنت أنتظر البقشيش لسداد ديوني.. واليوم أوظف 60 ألفا حول العالم    خاص| عبد الله المغازي: تشدد تعليمات «الوطنية للانتخابات» يعزز الشفافية    المتحف المصري يفتح أبوابه لحوار بصري يجمع بين العراقة ورؤى التصميم المعاصر    هل التأمين على الحياة حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    هل عدم زيارة المدينة يؤثر على صحة العمرة؟.. أمين الفتوى يوضح بقناة الناس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأنوركسيا‏ الخيط‏ الرفيع‏ بين‏ الريجيم‏ والعناد
نشر في الفجر يوم 08 - 11 - 2011

تظل‏ الرشاقة‏ الدائمة‏ والرغبة‏ في‏ الحفاظ‏ علي‏ قوام‏ متناسق‏ وصحي‏ حلما‏ مشروعا‏ لكل‏ فتاة‏, ولكن‏ ما‏ لا‏ تعرفه‏ الكثيرات‏ وما‏ لا‏ تتنبه‏ إليه‏ العديد‏ من‏ الأسر‏ والعائلات‏ أن‏ هناك‏ خيطا‏ رفيعا‏ للغاية‏ يفصل‏ بين‏ الريجيم‏ والوسواس‏ القهري‏

الذي‏ يفضي‏ ب‏ 12% من‏ الحالات‏ إلي‏ الموت‏ وهن‏ لا‏ يشعرن‏ ولو‏ للحظة‏ واحدة‏ بالجرم‏ الذي‏ يقترفنه‏ في‏ حق‏ أنفسهن‏. لم‏ يعد‏ هناك‏ خيار‏ أمام‏ كل‏ فتاة‏ وكل‏ أم‏ أن‏ تتعرف‏ علي‏ كل‏ ما‏ يتعلق‏ بالأنوركسيا‏ التي‏ ظلت‏ عقودا‏ مجهولة‏ ولا‏ يزال‏ سببها‏ فيه‏ الغموض‏.‏

كل‏ أصابع‏ الاتهام‏ أصبحت‏ الآن‏ تشير‏ إلي‏ الثقافة‏ الغربية‏ التي‏ جعلت‏ الأنثي‏ أسيرة‏ مفاهيم‏ خاطئة‏ تقيد‏ عناصر‏ النجاح‏ والقبول‏ في‏ فكرة‏ المظهر‏, وتمجد‏ في‏ بيوت‏ أزياء‏ وإبداعات‏ مصممين‏ يرون‏ أن‏ الأناقة‏ لا‏ تتحقق‏ سوي‏ علي‏ هياكل‏ عظمية‏ متحركة‏ علي‏ ممشي‏ عروض‏ الأزياء‏ وهم‏ الذين‏ ابتدعوا‏ المقاس‏ صفر‏.. وخلقوا‏ أجيالا‏ من‏ عارضات‏ الأزياء‏ اللاتي‏ يستبدلن‏ الغذاء‏ بتدخين‏ السجائر‏ وينافي‏ قوامهن‏ قواعد‏ الطبيعة‏ وسنن‏ الكون‏ التي‏ لابد‏ وأن‏ تضيف‏ إلي‏ الفتاة‏ شيئا‏ من‏ الوزن‏ وتغير‏ من‏ هيكل‏ جسدها‏ سواء‏ في‏ مراحل‏ النمو‏ أو‏ مع‏ الزواج‏ والحمل‏ والرضاعة‏. ومع‏ الانفتاح‏ علي‏ ثقافة‏ الغرب‏ بدت‏ أمراضنا‏ الاجتماعية‏ تتداخل‏ وتتشابه‏ مع‏ أمراضهم‏, وبدأت‏ حالات‏ الأنوركسيا‏ وهي‏ فقدان‏ الوزن‏ المستمر‏ حتي‏ الهلاك‏ تظهر‏ في‏ مجتمعاتنا‏ وإن‏ ظلت‏ طي‏ الكتمان‏ وداخل‏ إطار‏ التابوهات‏ التي‏ لا‏ يتحدث‏ عنها‏ أحد‏ ولا‏ يتم‏ حصرها‏ حتي‏ الآن‏.‏

ماتت‏ كارين‏ .. فتنبه‏ العالم
في‏ الستينيات‏ والسبعينيات‏ لم‏ يكن‏ أحد‏ ليسمع‏ عن‏ مرض‏ البوليميا‏ أو‏ الأنوركسيا‏ نرفوزا‏ .. سوي‏ قلة‏ من‏ المختصين‏ أو‏ الدوائر‏ المهتمة‏ بالظاهرة‏, حتي‏ جاءت‏ القصة‏ الأليمة‏ لواحدة‏ من‏ أشهر‏ المغنيات‏ في‏ تاريخ‏ الولايات‏ المتحدة‏ الأمريكية‏ وتحولت‏ الأنوركسيا‏ بوفاتها‏ لاسم‏ يعرفه‏ كل‏ بيت‏.‏

قصة‏ كارين‏ كاربنتر‏ تدمي‏ لها‏ القلوب‏ ولكنها‏ كانت‏ جرس‏ إنذار‏ لبقية‏ النساء‏.‏
كان‏ فريق‏ الكاربنترز‏ واحدا‏ من‏ أنجح‏ الفرق‏ الغنائية‏ الموسيقية‏ في‏ تاريخ‏ الولايات‏ المتحدة‏ الأمريكية‏ بلا‏ منازع‏ وأكثرها‏ مبيعا‏, واستطاع‏ عضواه‏ الأخوان‏ ريتشارد‏ وكارين‏ التي‏ تصغره‏ بأربعة‏ أعوام‏ أن‏ يحتلا‏ في‏ الفترة‏ ما‏ بين‏ 1970 و‏1984 قوائم‏ الأكثر‏ مبيعا‏ سبع‏ عشرة‏ مرة‏, ونالا‏ ثلاث‏ جوائز‏ جرامي‏ وتسعة‏ ألبومات‏ ذهبية‏ وألبوما‏ بلاتينيا‏, ووصل‏ إجمالي‏ عدد‏ مبيعاتهما‏ إلي‏ مائة‏ مليون‏ اسطوانة‏. كان‏ صوت‏ الفتاة‏ المخملي‏ وألحان‏ شقيقها‏ نموذجين‏ بالغي‏ التفرد‏ والاختلاف‏ وسط‏ صخب‏ أغاني‏ تلك‏ الفترة‏ وانتشار‏ الهارد‏ روك‏ والهارد‏ ميتال‏.‏
صحيح‏ أن‏ العقل‏ المحرك‏ والمنظم‏ وراء‏ نجاح‏ الفريق‏ كان‏ للأخ‏ ريتشارد‏, إلا‏ أن‏ الأحبال‏ الصوتية‏ بالغة‏ الرقة‏ والعذوبة‏ والقوة‏ في‏ الوقت‏ ذاته‏ للشقيقة‏ كانت‏ هي‏ ما‏ علق‏ في‏ ذهن‏ الناس‏ عن‏ فريق‏ الكاربنترز‏, تلك‏ الفتاة‏ التي‏ بدت‏ سعيدة‏ ومبتهجة‏, ولكنها‏ كانت‏ تعاني‏ سرا‏ من‏ صراع‏ نفسي‏ عميق‏ أفضي‏ بها‏ إلي‏ الإصابة‏ بالأنوركسيا‏ التي‏ لم‏ تشف‏ منها‏ أبدا‏ وتوفيت‏ وهي‏ لا‏ تزال‏ في‏ الثانية‏ والثلاثين‏ من‏ عمرها‏ لتصبح‏ أول‏ اسم‏ شهير‏ في‏ قاع‏ قائمة‏ ضحايا‏ هذا‏ المرض‏ العجيب‏ الذي‏ لا‏ يزال‏ الغموض‏ يحيط‏ بأسبابه‏.‏

ولدت‏ كارين‏ عام‏ 1950 وبدأ‏ تميزها‏ الغنائي‏ يظهر‏ وهي‏ في‏ الرابعة‏ عشرة‏ من‏ عمرها‏ وبدأت‏ الغناء‏ وهي‏ في‏ الخامسة‏ عشرة‏ وكونت‏ فرقة‏ مع‏ شقيقها‏ باسم‏ عائلتهما‏.. بدأت‏ بعد‏ ذلك‏ بعام‏ واحد‏ القلق‏ بشأن‏ وزنها‏ لمجرد‏ بروز‏ بسيط‏ في‏ منطقة‏ البطن‏ وبدأت‏ تجرب‏ حمية‏ وراء‏ أخري‏, كانت‏ مشكلتها‏ التي‏ لازمتها‏ طوال‏ عمرها‏ أن‏ والدتها‏ كانت‏ تفضل‏ شقيقها‏ عليها‏ بشكل‏ مبالغ‏ فيه‏ ولم‏ تشعر‏ الفتاة‏ يوما‏ ما‏ بأنها‏ محبوبة‏ لا‏ من‏ قبل‏ الأم‏ ولا‏ الشقيق‏ الذي‏ لم‏ ير‏ فيها‏ سوي‏ الشريك‏ الغنائي‏ الناجح‏, ولم‏ يلق‏ أحد‏ لشكواها‏ بالا‏, حتي‏ ارتبطت‏ بشاب‏ يدعي‏ توم‏ بوريز‏ استطاع‏ أن‏ يوهمها‏ في‏ البداية‏ بأنه‏ شاب‏ ثري‏ طموح‏ يحبها‏, ثم‏ فوجئت‏ به‏ ليلة‏ الزفاف‏ وهو‏ يخبرها‏ بأنه‏ أجري‏ عملية‏ تعقيم‏ لكي‏ لا‏ ينجب‏ أبدا‏.. فأصابها‏ انهيار‏ وأرادت‏ إلغاء‏ الزفاف‏ في‏ اليوم‏ التالي‏ لتفاجأ‏ بكل‏ من‏ حولها‏ وعلي‏ رأسهم‏ والدتها‏ يدفعونها‏ دفعا‏ لاتمام‏ الزيجة‏ نظرا‏ للتغطية‏ الإعلامية‏ غير‏ المسبوقة‏, حينذاك‏ للمناسبة‏.

‏وبالفعل‏ تزوجت‏ الرجل‏ الذي‏ تبين‏ أنه‏ ليس‏ سوي‏ نصاب‏ محترف‏ تفنن‏ في‏ سلب‏ أموالها‏ دفعة‏ وراء‏ أخري‏ قبل‏ أن‏ يسيء‏ إليها‏ بدنيا‏ ونفسيا‏ ويتركها‏ لتطلب‏ الطلاق‏, ولكن‏ بعد‏ أن‏ ساءت‏ حالتها‏ وتحول‏ شرهها‏ إلي‏ النحافة‏ إلي‏ هوس‏, فبدأت‏ تقلل‏ من‏ الطعام‏ ثم‏ تدفع‏ نفسها‏ إلي‏ القيء‏ في‏ البداية‏.. وتطور‏ الأمر‏ إلي‏ تناول‏ كميات‏ كبيرة‏ من‏ الملينات‏ حتي‏ وصل‏ وزنها‏ إلي‏ 33 كجم‏ عام‏ 1975 وكانت‏ تخدع‏ الجمهور‏ بارتداء‏ ملابس‏ فضفاضة‏, وتخدع‏ من‏ حولها‏ بالذهاب‏ إلي‏ الطبيب‏ للعلاج‏ ثم‏ تناول‏ الملينات‏ حتي‏ اكتشفت‏ عقارا‏ يحتوي‏ علي‏ مادة‏ آيبيكاك‏ التي‏ تستخدم‏ لدفع‏ المعدة‏ إلي‏ القيء‏, ولكن‏ من‏ أعراضها‏ الجانبية‏ أنها‏ تؤدي‏ إلي‏ تآكل‏ عضلة‏ القلب‏ شيئا‏ شيئا‏, حتي‏ توفيت‏ كارين‏ علي‏ أرضية‏ غرفة‏ النوم‏ الخاصة‏ بها‏ في‏ لوس‏ انجلوس‏ عن‏ عمر‏ لم‏ يتجاوز‏ الثانية‏ والثلاثين‏ بما‏ شخص‏ أنه‏ أزمة‏ قلبية‏ ناتجة‏ عن‏ تناول‏ العقار‏ المذكور‏ لمدة‏ ستين‏ يوما‏ متتابعة‏. كل‏ من‏ كتبوا‏ عن‏ الفتاة‏ قالوا‏ إنها‏ نموذج‏ لمن‏ أحبت‏ شيئين‏ في‏ حياتها‏ وهما‏ والدتها‏ وصوتها‏, وكلاهما‏ كان‏ ملكا‏ لتحكمات‏ شقيقها‏, فما‏ كان‏ من‏ عقلها‏ الباطن‏ سوي‏ أن‏ هيأ‏ لها‏ أنها‏ علي‏ الأقل‏ تستطيع‏ أن‏ تتحكم‏ في‏ الحيز‏ الضيق‏ الخاص‏ بجسدها‏.‏

مرض‏ غامض‏ وعلاج‏ معقد
‏‏حول‏ هذا‏ المرض‏ الغامض‏ تحدثنا‏ د‏. رشا‏ الخولي‏ ‏ مدرسة‏ مساعد‏ طب‏ الأسرة‏ بجامعة‏ القاهرة‏:‏
‏" الأنوركسيا‏ نرفوزا‏ هي‏ واحدة‏ من‏ أعقد‏ المشاكل‏ النفسية‏ المرتبطة‏ بالتغذية‏ والدليل‏ أن‏ النسبة‏ العالمية‏ المنصوص‏ عليها‏ والتي‏ يفضي‏ بها‏ الحال‏ إلي‏ الوفاة‏ تصل‏ إلي‏ 12% هي‏ نسبة‏ مرتفعة‏ للغاية‏, فالمريض‏ ‏ والذي‏ في‏ الغالب‏ يكون‏ أنثي‏ ‏ يصل‏ وزنه‏ إلي‏ أقل‏ من‏ 85% من‏ الوزن‏ الطبيعي‏ لسنه‏ وتتدهور‏ لديه‏ الحالة‏ الجسمانية‏ بشكل‏ كبير‏ فتنقطع‏ الدورة‏ الشهرية‏ لدي‏ الفتاة‏ في‏ 95%‏من‏ الحالات‏ ويسوء‏ مظهره‏ وصحته‏ يوما‏ بعد‏ يوم‏ ومع‏ ذلك‏ يظل‏ اسير‏ فكرة‏ مشوهة‏ عن‏ صورته‏ وشكله‏, وكثيرا‏ مايصف‏ نفسه‏ بأوصاف‏ بالغة‏ الدمامة‏ وكأنه‏ يري‏ نفسه‏ في‏ حالة‏ سمنة‏ وقبح‏ مستمرين‏.‏"

هذا‏ المرض‏ منتشر‏ أكثر‏ في‏ المجتمعات‏ الغربيةحيث‏ تصل‏ نسبته‏ إلي‏ 0.3% أغلبهم‏ في‏ الفترة‏ العمرية‏ ما‏ بين‏ خمسة‏ عشر‏ وتسعة‏ عشر‏ عاما‏, وبعد‏ سن‏ الواحدة‏ والعشرين‏ تقل‏ نسبة‏ الإصابة‏ بشكل‏ كبير‏.‏
وتشير‏ د‏. رشا‏ الخولي‏ إلي‏ أنه‏ بالرغم‏ من‏ عدم‏ توافر‏ بيانات‏ وافية‏ ودقيقة‏ عن‏ الحالات‏ المماثلة‏ في‏ مجتمعاتنا‏ والتي‏ تنظر‏ إلي‏ المسألة‏ بوصفها‏ أحد‏ التابوهات‏ المسكوت‏ عنها‏, فإن‏ العدد‏ بل‏ شك‏ في‏ طريقه‏ إلي‏ الازدياد‏ في‏ ظل‏ الانفتاح‏ علي‏ الثقافات‏ الغربية‏ المتأثرة‏ بشكل‏ كبير‏ بفكرة‏ المظهر‏ والقوام‏ واعتبارهما‏ من‏ العناصر‏ الفارقة‏ في‏ نجاح‏ الأنثي‏ وشعورها‏ بالتقبل‏ حولها‏, تزداد‏ نسبة‏ واحتمالات‏ الاصابة‏ بمثل‏ هذا‏ المرض‏ الغامض‏ في‏ الفئات‏ الاجتماعية‏ العليا‏ والثرية‏ ومع‏ وجود‏ مشاكل‏ في‏ النشأة‏ خصوصا‏ بتفكيك‏ الأسرة‏ وفرض‏ تلك‏ الأخيرة‏ قيودا‏ مبالغا‏ فيها‏ علي‏ الفتاة‏ فيصبح‏ التحكم‏ في‏ الوزن‏ بشكل‏ قهري‏ هو‏ الملاذ‏ الوحيد‏ لشعور‏ البنت‏ بأنها‏ قادرة‏ علي‏ الإمساك‏ بزمام‏ أمور‏ حياتها‏.‏

والمشكلة‏ الأساسية‏ هي‏ أنه‏ نادرا‏ ما‏ تأتي‏ المعاناة‏ من‏ مرض‏ الانوركسيا‏ وحده‏, ففي‏ 25% من‏ الحالات‏ تكون‏ مصحوبة‏ بالوسواس‏ القهري‏, وفي‏75% من‏ الحالات‏ تقترن‏ أيضا‏ بالاكتئاب‏ الحاد‏ والذي‏ يفضي‏ إلي‏ الإقدام‏ علي‏ الانتحار‏ في‏ بعض‏ الحالات‏.‏

الوقاية‏ خير‏ من‏ العلاج
السؤال‏ الذي‏ يفرض‏ نفسه‏ هو‏ كيف‏ تنقلب‏ مجرد‏ الرغبة‏ في‏ المحافظة‏ علي‏ الرشاقة‏ وفقدان‏ بعد‏ الوزن‏ إلي‏ مشكلة‏ بهذه‏ الضراوة‏ بحيث‏ تظل‏ الفتاة‏ تري‏ نفسها‏ رغم‏ النحافة‏ المفرطة‏ بالغة‏ السمنة‏ وتظل‏ حريصة‏ علي‏ التخلص‏ من‏ أي‏ غذاء‏ يدخل‏ جسمها‏ سواء‏ بالقيء‏ أو‏ بالعقاقير‏ المدرة‏ والملينة‏.‏

وتؤكد‏ د‏. رشا‏ الخولي‏ أنه‏ في‏ حين‏ يمكن‏ حصر‏ بعض‏ الخصائص‏ التي‏ تجمع‏ بين‏ المرضي‏ إلا‏ أن‏ السبب‏ الحقيقي‏ وكيمياء‏ التحول‏ هذه‏ لايزالان‏ غامضين‏, ويظل‏ العلاج‏ صعبا‏ للغاية‏ خصوصا‏ مع‏ تكرار‏ الانتكاسة‏ مرة‏ بعد‏ أخري‏ ومع‏ لجوء‏ المريضة‏ إلي‏ حيل‏ عديدة‏ لإيهام‏ المحيطين‏ بها‏ أن‏ وزنها‏ في‏ طريقه‏ إلي‏ الازياد‏, ومن‏ ذلك‏ ارتداء‏ ملابس‏ فضفاضة‏ وملء‏ جيوب‏ الملابس‏ بالرمال‏ بما‏ يثقل‏ الوزن‏ علي‏ الميزان‏ إلي‏ غيرها‏ من‏ الخدع‏, لذلك‏ ينصح‏ بأن‏ يتم‏ التنبيه‏ إلي‏ المشكلة‏ في‏ بدايتها‏ حتي‏ تتم‏ السيطرة‏ عليها‏ قبل‏ أن‏ تصل‏ الفتاة‏ إلي‏ مرحلة‏ نكران‏ وجود‏ مشكلة‏ ورفض‏ الخضوع‏ إلي‏ العلاج‏ أو‏ حتي‏ الاعتراف‏ بأن‏ وزنها‏ في‏ تضاؤل‏ مستمر‏, إذا‏ ماشك‏ الأهل‏ في‏ بداية‏ المشكلة‏, يجب‏ علي‏ الفور‏ اللجوء‏ إلي‏ متخصص‏ لكي‏ يضع‏ يده‏ علي‏ بداية‏ الخروج‏ من‏ الازمة‏, وطبيب‏ الاسرة‏ في‏ هذه‏ الحالة‏ يبدأ‏ في‏ إجراء‏ حوار‏ مع‏ الفتاة‏ ويستطيع‏ ان‏ يعرف‏ ما‏ إذا‏ كان‏ الأمر‏ منبئا‏ بحدوث‏ مرض‏ أم‏ لا‏, فمريضة‏ الأنوركيسا‏ تسيطر‏ عليها‏ فكرة‏ التحكم‏ في‏ الوزن‏ وغالبا‏ ما‏ تقوم‏ بتسجيل‏ عدد‏ السعرات‏ الحرارية‏ التي‏ تتناولها‏ وتميل‏ إلي‏ ممارسة‏ التدريبات‏ الرياضية‏ بشكل‏ مفرط‏, ويجب‏ علي‏ الطبيب‏ ألا‏ يشعر‏ الفتاة‏ بأنها‏ منتقدة‏, وأن‏ التضافر‏ والتعاون‏ مع‏ ثلاث‏ جهات‏ هي‏ طبيب‏ التغذية‏ وطيب‏ الأسرة‏ وأفراد‏ العائلة‏ المقربون‏ منها‏, وإذا‏ ما‏ تبين‏ وجود‏ مشكلة‏ حقيقية‏ يتم‏ وضع‏ خطة‏ عمل‏ بحيث‏ تلم‏ بالجوانب‏ الصحية‏ والنفسية‏ للفتاة‏, ويصبح‏ المستهدف‏ الأول‏ هو‏ حصولها‏ علي‏ ألف‏ إلي‏ ألف‏ وستمائة‏ كيلوسعر‏ حراري‏ يوميا‏ ليصل‏ الرقم‏ لاحقا‏ إلي‏ ثلاثة‏ آلاف‏ وخمسمائة‏ بشكل‏ يومي‏.‏

الحالات‏ الحادة‏ يتم‏ علاجها‏ داخل‏ المستشفي‏ وتتطلب‏ تحقيق‏ نتيجة‏ في‏ صورة‏ زيادة‏ أسبوعية‏ في‏ الوزن‏ تتراوح‏ مابين‏ نصف‏ كيلو‏ إلي‏ كيلوجرام‏ ونصف‏, بينما‏ يقل‏ معدل‏ الزيادة‏ المستهدف‏ في‏ الحالات‏ الأقل‏ حدة‏ والتي‏ يتم‏ علاجها‏ من‏ المنزل‏ إلي‏ 0.3 إلي‏ 0.5 كيلوجرام‏ أسبوعيا‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.