البابا تواضروس يكشف كواليس الاعتداء على الكاتدرائية في عهد الإخوان ومبررات مرسي    البابا تواضروس يكشف كواليس لقائه الأول مع الرئيس السيسي    البابا تواضروس: حادث كنيسة القديسين سبب أزمة في قلب الوطن    مصطفي الفقي: هذا مطلبي من الحكومة الجديدة    تراجع سعر الذهب اليوم بالمملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن الأربعاء 5 يونيو 2024    محافظ المنوفية: تفعيل خدمة المنظومة الإلكترونية للتصالح بشما وسنتريس    أفريكسيم بنك يدعو مصر للمساهمة في بنك الطاقة الأفريقي لتمويل النفط والغاز    الخارجية: إسرائيل لا تتعامل بجدية مع المبادرة الأمريكية بغزة.. ومواقفها مترنحة    "شوف مصلحتك وتدخل تركي آل الشيخ".. عبدالله السعيد يكشف كواليس رحيله عن الأهلي    في غياب رونالدو، منتخب البرتغال يضرب فنلندا برباعية استعدادا ليورو 2024    طارق قنديل: جماهير الأهلى تستحق مشروع القرن    «غرامة وقرار جديد».. شوبير يكشف تطورات أزمة أفشة مع الأهلي    منتخب مصر يواصل تدريباته قبل مواجهة بوركينا فاسو الخميس في تصفيات كأس العالم    متى تنتهي الموجة الحارة ؟ الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأربعاء 5 يونيو 2024    سم ليس له ترياق.. "الصحة": هذه السمكة تسبب الوفاة في 6 ساعات    نواب ل قصواء الخلالي: الحكومة المستقيلة مهدت الأرض للجديدة ووزارة النقل مثال جيد    تفاصيل احتفالية مئوية الراحل عبدالمنعم ابراهيم في مهرجان جمعية الفيلم (صور)    البابا تواضروس ل"الشاهد": بعض الأقباط طلبوا الهجرة أيام حكم مرسي    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على وسط وجنوب غزة    جورجيا تعتزم سن تشريع يمنع زواج المثليين    رئيسة برلمان سلوفينيا: سعداء للغاية للاعتراف بدولة فلسطين    أحمد الجمال يكتب: الهجرة والحاوية    منتخب إيطاليا يتعادل سلبيا ضد تركيا فى أولى الوديات قبل يورو 2024    البابا تواضروس: التجليس له طقس كبير ومرسي أرسل رئيس وزراءه ذرًا للرماد    البابا تواضروس: مصر كانت فى طريقها للمجهول بعد فوز مرسى بالرئاسة    «التموين» تكشف احتياطي مصر من الذهب: هناك أكثر من 100 موقع مثل منجم السكري (فيديو)    الأهلي يوقع اتفاق «مشروع القرن»    متى تنتهي خطة تخفيف الأحمال؟ الحكومة تحسم الجدل    الخطيب: سعداء بالتعاون مع كيانات عالمية في مشروع القرن.. وجمهور الأهلي يستحق الكثير    منتخب إيطاليا يتعادل وديا مع تركيا استعدادا ل«يورو 2024»    علي فرج ومازن هشام يتأهلان لربع نهائى بطولة بريطانيا المفتوحة للاسكواش    السكك الحديدية تستعرض الورش الخاصة بقطارات التالجو الفاخرة (فيديو)    رابطة السيارات توضح أسباب ارتفاع الأسعار من جديد    تفاصيل حريق "عين القُضا" وخسائر 10 أفدنة نخيل ومنزل    إعدام 3 طن سكر مخلوط بملح الطعام فى سوهاج    شديد الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    عقار ميت غمر المنهار.. ارتفاع أعداد الضحايا إلى 5 حالات وفاة وإصابة 4 آخرين    "تحريض على الفجور وتعاطي مخدرات".. القصة الكاملة لسقوط الراقصة "دوسه" بالجيزة    للحاصلين على الشهادة الإعدادية .. كل ما تريد معرفته عن مدارس التكنولوجيا التطبيقية وألية التقدم    البابا تواضروس يكشف تفاصيل الاعتداء على الكاتدرائية في عهد الإخوان    "النوّاب الأمريكي" يقرّ مشروع قانون يتيح فرض عقوبات على الجنائية الدولية    مدرب منتخب تونس يشيد بمدافع الزمالك حمزة المثلوثى ويؤكد: انضمامه مستحق    حمو بيكا يهدي زوجته سيارة بورش احتفالا بعيد ميلادها (فيديو)    حظك اليوم برج الجدي الأربعاء 5-6-2024 مهنيا وعاطفيا    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 5-6-2024 مهنيا وعاطفيا    حظك اليوم| الاربعاء 5 يونيو لمواليد برج الثور    "لم يبق حجر أو شجر".. محلل فلسطينى: الحرب على غزة ثمنها كبير    إمام مسجد الحصري: لا تطرد سائلا ينتظر الأضحية عند بابك؟    وزارة الصحة: نصائح هامة يجب اتباعها أثناء أداء مناسك الحج    مع اقتراب عيد الأضحى.. 3 طرق فعالة لإزالة بقع الدم من الملابس    عيد الأضحى 2024 : 3 نصائح لتنظيف المنزل بسهولة    مؤسسة حياة كريمة توقع اتفاقية تعاون مع شركة «استرازينيكا»    افتتاح مشروعات تطويرية بجامعة جنوب الوادي والمستشفيات الجامعية بقنا    وكيل وزارة الصحة بالبحيرة يفتتح ورشة عمل لجراحة المناظير المتقدمة بمستشفى إدكو    موعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة 2024    حكم صيام ثالث أيام عيد الأضحى.. محرم لهذا السبب    محمد علي يوضح صلاة التوبة وهي سنة مهجورة    أول رد من الإفتاء على إعلانات ذبح الأضاحي والعقائق في دول إفريقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأنوركسيا‏ الخيط‏ الرفيع‏ بين‏ الريجيم‏ والعناد
نشر في الفجر يوم 08 - 11 - 2011

تظل‏ الرشاقة‏ الدائمة‏ والرغبة‏ في‏ الحفاظ‏ علي‏ قوام‏ متناسق‏ وصحي‏ حلما‏ مشروعا‏ لكل‏ فتاة‏, ولكن‏ ما‏ لا‏ تعرفه‏ الكثيرات‏ وما‏ لا‏ تتنبه‏ إليه‏ العديد‏ من‏ الأسر‏ والعائلات‏ أن‏ هناك‏ خيطا‏ رفيعا‏ للغاية‏ يفصل‏ بين‏ الريجيم‏ والوسواس‏ القهري‏

الذي‏ يفضي‏ ب‏ 12% من‏ الحالات‏ إلي‏ الموت‏ وهن‏ لا‏ يشعرن‏ ولو‏ للحظة‏ واحدة‏ بالجرم‏ الذي‏ يقترفنه‏ في‏ حق‏ أنفسهن‏. لم‏ يعد‏ هناك‏ خيار‏ أمام‏ كل‏ فتاة‏ وكل‏ أم‏ أن‏ تتعرف‏ علي‏ كل‏ ما‏ يتعلق‏ بالأنوركسيا‏ التي‏ ظلت‏ عقودا‏ مجهولة‏ ولا‏ يزال‏ سببها‏ فيه‏ الغموض‏.‏

كل‏ أصابع‏ الاتهام‏ أصبحت‏ الآن‏ تشير‏ إلي‏ الثقافة‏ الغربية‏ التي‏ جعلت‏ الأنثي‏ أسيرة‏ مفاهيم‏ خاطئة‏ تقيد‏ عناصر‏ النجاح‏ والقبول‏ في‏ فكرة‏ المظهر‏, وتمجد‏ في‏ بيوت‏ أزياء‏ وإبداعات‏ مصممين‏ يرون‏ أن‏ الأناقة‏ لا‏ تتحقق‏ سوي‏ علي‏ هياكل‏ عظمية‏ متحركة‏ علي‏ ممشي‏ عروض‏ الأزياء‏ وهم‏ الذين‏ ابتدعوا‏ المقاس‏ صفر‏.. وخلقوا‏ أجيالا‏ من‏ عارضات‏ الأزياء‏ اللاتي‏ يستبدلن‏ الغذاء‏ بتدخين‏ السجائر‏ وينافي‏ قوامهن‏ قواعد‏ الطبيعة‏ وسنن‏ الكون‏ التي‏ لابد‏ وأن‏ تضيف‏ إلي‏ الفتاة‏ شيئا‏ من‏ الوزن‏ وتغير‏ من‏ هيكل‏ جسدها‏ سواء‏ في‏ مراحل‏ النمو‏ أو‏ مع‏ الزواج‏ والحمل‏ والرضاعة‏. ومع‏ الانفتاح‏ علي‏ ثقافة‏ الغرب‏ بدت‏ أمراضنا‏ الاجتماعية‏ تتداخل‏ وتتشابه‏ مع‏ أمراضهم‏, وبدأت‏ حالات‏ الأنوركسيا‏ وهي‏ فقدان‏ الوزن‏ المستمر‏ حتي‏ الهلاك‏ تظهر‏ في‏ مجتمعاتنا‏ وإن‏ ظلت‏ طي‏ الكتمان‏ وداخل‏ إطار‏ التابوهات‏ التي‏ لا‏ يتحدث‏ عنها‏ أحد‏ ولا‏ يتم‏ حصرها‏ حتي‏ الآن‏.‏

ماتت‏ كارين‏ .. فتنبه‏ العالم
في‏ الستينيات‏ والسبعينيات‏ لم‏ يكن‏ أحد‏ ليسمع‏ عن‏ مرض‏ البوليميا‏ أو‏ الأنوركسيا‏ نرفوزا‏ .. سوي‏ قلة‏ من‏ المختصين‏ أو‏ الدوائر‏ المهتمة‏ بالظاهرة‏, حتي‏ جاءت‏ القصة‏ الأليمة‏ لواحدة‏ من‏ أشهر‏ المغنيات‏ في‏ تاريخ‏ الولايات‏ المتحدة‏ الأمريكية‏ وتحولت‏ الأنوركسيا‏ بوفاتها‏ لاسم‏ يعرفه‏ كل‏ بيت‏.‏

قصة‏ كارين‏ كاربنتر‏ تدمي‏ لها‏ القلوب‏ ولكنها‏ كانت‏ جرس‏ إنذار‏ لبقية‏ النساء‏.‏
كان‏ فريق‏ الكاربنترز‏ واحدا‏ من‏ أنجح‏ الفرق‏ الغنائية‏ الموسيقية‏ في‏ تاريخ‏ الولايات‏ المتحدة‏ الأمريكية‏ بلا‏ منازع‏ وأكثرها‏ مبيعا‏, واستطاع‏ عضواه‏ الأخوان‏ ريتشارد‏ وكارين‏ التي‏ تصغره‏ بأربعة‏ أعوام‏ أن‏ يحتلا‏ في‏ الفترة‏ ما‏ بين‏ 1970 و‏1984 قوائم‏ الأكثر‏ مبيعا‏ سبع‏ عشرة‏ مرة‏, ونالا‏ ثلاث‏ جوائز‏ جرامي‏ وتسعة‏ ألبومات‏ ذهبية‏ وألبوما‏ بلاتينيا‏, ووصل‏ إجمالي‏ عدد‏ مبيعاتهما‏ إلي‏ مائة‏ مليون‏ اسطوانة‏. كان‏ صوت‏ الفتاة‏ المخملي‏ وألحان‏ شقيقها‏ نموذجين‏ بالغي‏ التفرد‏ والاختلاف‏ وسط‏ صخب‏ أغاني‏ تلك‏ الفترة‏ وانتشار‏ الهارد‏ روك‏ والهارد‏ ميتال‏.‏
صحيح‏ أن‏ العقل‏ المحرك‏ والمنظم‏ وراء‏ نجاح‏ الفريق‏ كان‏ للأخ‏ ريتشارد‏, إلا‏ أن‏ الأحبال‏ الصوتية‏ بالغة‏ الرقة‏ والعذوبة‏ والقوة‏ في‏ الوقت‏ ذاته‏ للشقيقة‏ كانت‏ هي‏ ما‏ علق‏ في‏ ذهن‏ الناس‏ عن‏ فريق‏ الكاربنترز‏, تلك‏ الفتاة‏ التي‏ بدت‏ سعيدة‏ ومبتهجة‏, ولكنها‏ كانت‏ تعاني‏ سرا‏ من‏ صراع‏ نفسي‏ عميق‏ أفضي‏ بها‏ إلي‏ الإصابة‏ بالأنوركسيا‏ التي‏ لم‏ تشف‏ منها‏ أبدا‏ وتوفيت‏ وهي‏ لا‏ تزال‏ في‏ الثانية‏ والثلاثين‏ من‏ عمرها‏ لتصبح‏ أول‏ اسم‏ شهير‏ في‏ قاع‏ قائمة‏ ضحايا‏ هذا‏ المرض‏ العجيب‏ الذي‏ لا‏ يزال‏ الغموض‏ يحيط‏ بأسبابه‏.‏

ولدت‏ كارين‏ عام‏ 1950 وبدأ‏ تميزها‏ الغنائي‏ يظهر‏ وهي‏ في‏ الرابعة‏ عشرة‏ من‏ عمرها‏ وبدأت‏ الغناء‏ وهي‏ في‏ الخامسة‏ عشرة‏ وكونت‏ فرقة‏ مع‏ شقيقها‏ باسم‏ عائلتهما‏.. بدأت‏ بعد‏ ذلك‏ بعام‏ واحد‏ القلق‏ بشأن‏ وزنها‏ لمجرد‏ بروز‏ بسيط‏ في‏ منطقة‏ البطن‏ وبدأت‏ تجرب‏ حمية‏ وراء‏ أخري‏, كانت‏ مشكلتها‏ التي‏ لازمتها‏ طوال‏ عمرها‏ أن‏ والدتها‏ كانت‏ تفضل‏ شقيقها‏ عليها‏ بشكل‏ مبالغ‏ فيه‏ ولم‏ تشعر‏ الفتاة‏ يوما‏ ما‏ بأنها‏ محبوبة‏ لا‏ من‏ قبل‏ الأم‏ ولا‏ الشقيق‏ الذي‏ لم‏ ير‏ فيها‏ سوي‏ الشريك‏ الغنائي‏ الناجح‏, ولم‏ يلق‏ أحد‏ لشكواها‏ بالا‏, حتي‏ ارتبطت‏ بشاب‏ يدعي‏ توم‏ بوريز‏ استطاع‏ أن‏ يوهمها‏ في‏ البداية‏ بأنه‏ شاب‏ ثري‏ طموح‏ يحبها‏, ثم‏ فوجئت‏ به‏ ليلة‏ الزفاف‏ وهو‏ يخبرها‏ بأنه‏ أجري‏ عملية‏ تعقيم‏ لكي‏ لا‏ ينجب‏ أبدا‏.. فأصابها‏ انهيار‏ وأرادت‏ إلغاء‏ الزفاف‏ في‏ اليوم‏ التالي‏ لتفاجأ‏ بكل‏ من‏ حولها‏ وعلي‏ رأسهم‏ والدتها‏ يدفعونها‏ دفعا‏ لاتمام‏ الزيجة‏ نظرا‏ للتغطية‏ الإعلامية‏ غير‏ المسبوقة‏, حينذاك‏ للمناسبة‏.

‏وبالفعل‏ تزوجت‏ الرجل‏ الذي‏ تبين‏ أنه‏ ليس‏ سوي‏ نصاب‏ محترف‏ تفنن‏ في‏ سلب‏ أموالها‏ دفعة‏ وراء‏ أخري‏ قبل‏ أن‏ يسيء‏ إليها‏ بدنيا‏ ونفسيا‏ ويتركها‏ لتطلب‏ الطلاق‏, ولكن‏ بعد‏ أن‏ ساءت‏ حالتها‏ وتحول‏ شرهها‏ إلي‏ النحافة‏ إلي‏ هوس‏, فبدأت‏ تقلل‏ من‏ الطعام‏ ثم‏ تدفع‏ نفسها‏ إلي‏ القيء‏ في‏ البداية‏.. وتطور‏ الأمر‏ إلي‏ تناول‏ كميات‏ كبيرة‏ من‏ الملينات‏ حتي‏ وصل‏ وزنها‏ إلي‏ 33 كجم‏ عام‏ 1975 وكانت‏ تخدع‏ الجمهور‏ بارتداء‏ ملابس‏ فضفاضة‏, وتخدع‏ من‏ حولها‏ بالذهاب‏ إلي‏ الطبيب‏ للعلاج‏ ثم‏ تناول‏ الملينات‏ حتي‏ اكتشفت‏ عقارا‏ يحتوي‏ علي‏ مادة‏ آيبيكاك‏ التي‏ تستخدم‏ لدفع‏ المعدة‏ إلي‏ القيء‏, ولكن‏ من‏ أعراضها‏ الجانبية‏ أنها‏ تؤدي‏ إلي‏ تآكل‏ عضلة‏ القلب‏ شيئا‏ شيئا‏, حتي‏ توفيت‏ كارين‏ علي‏ أرضية‏ غرفة‏ النوم‏ الخاصة‏ بها‏ في‏ لوس‏ انجلوس‏ عن‏ عمر‏ لم‏ يتجاوز‏ الثانية‏ والثلاثين‏ بما‏ شخص‏ أنه‏ أزمة‏ قلبية‏ ناتجة‏ عن‏ تناول‏ العقار‏ المذكور‏ لمدة‏ ستين‏ يوما‏ متتابعة‏. كل‏ من‏ كتبوا‏ عن‏ الفتاة‏ قالوا‏ إنها‏ نموذج‏ لمن‏ أحبت‏ شيئين‏ في‏ حياتها‏ وهما‏ والدتها‏ وصوتها‏, وكلاهما‏ كان‏ ملكا‏ لتحكمات‏ شقيقها‏, فما‏ كان‏ من‏ عقلها‏ الباطن‏ سوي‏ أن‏ هيأ‏ لها‏ أنها‏ علي‏ الأقل‏ تستطيع‏ أن‏ تتحكم‏ في‏ الحيز‏ الضيق‏ الخاص‏ بجسدها‏.‏

مرض‏ غامض‏ وعلاج‏ معقد
‏‏حول‏ هذا‏ المرض‏ الغامض‏ تحدثنا‏ د‏. رشا‏ الخولي‏ ‏ مدرسة‏ مساعد‏ طب‏ الأسرة‏ بجامعة‏ القاهرة‏:‏
‏" الأنوركسيا‏ نرفوزا‏ هي‏ واحدة‏ من‏ أعقد‏ المشاكل‏ النفسية‏ المرتبطة‏ بالتغذية‏ والدليل‏ أن‏ النسبة‏ العالمية‏ المنصوص‏ عليها‏ والتي‏ يفضي‏ بها‏ الحال‏ إلي‏ الوفاة‏ تصل‏ إلي‏ 12% هي‏ نسبة‏ مرتفعة‏ للغاية‏, فالمريض‏ ‏ والذي‏ في‏ الغالب‏ يكون‏ أنثي‏ ‏ يصل‏ وزنه‏ إلي‏ أقل‏ من‏ 85% من‏ الوزن‏ الطبيعي‏ لسنه‏ وتتدهور‏ لديه‏ الحالة‏ الجسمانية‏ بشكل‏ كبير‏ فتنقطع‏ الدورة‏ الشهرية‏ لدي‏ الفتاة‏ في‏ 95%‏من‏ الحالات‏ ويسوء‏ مظهره‏ وصحته‏ يوما‏ بعد‏ يوم‏ ومع‏ ذلك‏ يظل‏ اسير‏ فكرة‏ مشوهة‏ عن‏ صورته‏ وشكله‏, وكثيرا‏ مايصف‏ نفسه‏ بأوصاف‏ بالغة‏ الدمامة‏ وكأنه‏ يري‏ نفسه‏ في‏ حالة‏ سمنة‏ وقبح‏ مستمرين‏.‏"

هذا‏ المرض‏ منتشر‏ أكثر‏ في‏ المجتمعات‏ الغربيةحيث‏ تصل‏ نسبته‏ إلي‏ 0.3% أغلبهم‏ في‏ الفترة‏ العمرية‏ ما‏ بين‏ خمسة‏ عشر‏ وتسعة‏ عشر‏ عاما‏, وبعد‏ سن‏ الواحدة‏ والعشرين‏ تقل‏ نسبة‏ الإصابة‏ بشكل‏ كبير‏.‏
وتشير‏ د‏. رشا‏ الخولي‏ إلي‏ أنه‏ بالرغم‏ من‏ عدم‏ توافر‏ بيانات‏ وافية‏ ودقيقة‏ عن‏ الحالات‏ المماثلة‏ في‏ مجتمعاتنا‏ والتي‏ تنظر‏ إلي‏ المسألة‏ بوصفها‏ أحد‏ التابوهات‏ المسكوت‏ عنها‏, فإن‏ العدد‏ بل‏ شك‏ في‏ طريقه‏ إلي‏ الازدياد‏ في‏ ظل‏ الانفتاح‏ علي‏ الثقافات‏ الغربية‏ المتأثرة‏ بشكل‏ كبير‏ بفكرة‏ المظهر‏ والقوام‏ واعتبارهما‏ من‏ العناصر‏ الفارقة‏ في‏ نجاح‏ الأنثي‏ وشعورها‏ بالتقبل‏ حولها‏, تزداد‏ نسبة‏ واحتمالات‏ الاصابة‏ بمثل‏ هذا‏ المرض‏ الغامض‏ في‏ الفئات‏ الاجتماعية‏ العليا‏ والثرية‏ ومع‏ وجود‏ مشاكل‏ في‏ النشأة‏ خصوصا‏ بتفكيك‏ الأسرة‏ وفرض‏ تلك‏ الأخيرة‏ قيودا‏ مبالغا‏ فيها‏ علي‏ الفتاة‏ فيصبح‏ التحكم‏ في‏ الوزن‏ بشكل‏ قهري‏ هو‏ الملاذ‏ الوحيد‏ لشعور‏ البنت‏ بأنها‏ قادرة‏ علي‏ الإمساك‏ بزمام‏ أمور‏ حياتها‏.‏

والمشكلة‏ الأساسية‏ هي‏ أنه‏ نادرا‏ ما‏ تأتي‏ المعاناة‏ من‏ مرض‏ الانوركسيا‏ وحده‏, ففي‏ 25% من‏ الحالات‏ تكون‏ مصحوبة‏ بالوسواس‏ القهري‏, وفي‏75% من‏ الحالات‏ تقترن‏ أيضا‏ بالاكتئاب‏ الحاد‏ والذي‏ يفضي‏ إلي‏ الإقدام‏ علي‏ الانتحار‏ في‏ بعض‏ الحالات‏.‏

الوقاية‏ خير‏ من‏ العلاج
السؤال‏ الذي‏ يفرض‏ نفسه‏ هو‏ كيف‏ تنقلب‏ مجرد‏ الرغبة‏ في‏ المحافظة‏ علي‏ الرشاقة‏ وفقدان‏ بعد‏ الوزن‏ إلي‏ مشكلة‏ بهذه‏ الضراوة‏ بحيث‏ تظل‏ الفتاة‏ تري‏ نفسها‏ رغم‏ النحافة‏ المفرطة‏ بالغة‏ السمنة‏ وتظل‏ حريصة‏ علي‏ التخلص‏ من‏ أي‏ غذاء‏ يدخل‏ جسمها‏ سواء‏ بالقيء‏ أو‏ بالعقاقير‏ المدرة‏ والملينة‏.‏

وتؤكد‏ د‏. رشا‏ الخولي‏ أنه‏ في‏ حين‏ يمكن‏ حصر‏ بعض‏ الخصائص‏ التي‏ تجمع‏ بين‏ المرضي‏ إلا‏ أن‏ السبب‏ الحقيقي‏ وكيمياء‏ التحول‏ هذه‏ لايزالان‏ غامضين‏, ويظل‏ العلاج‏ صعبا‏ للغاية‏ خصوصا‏ مع‏ تكرار‏ الانتكاسة‏ مرة‏ بعد‏ أخري‏ ومع‏ لجوء‏ المريضة‏ إلي‏ حيل‏ عديدة‏ لإيهام‏ المحيطين‏ بها‏ أن‏ وزنها‏ في‏ طريقه‏ إلي‏ الازياد‏, ومن‏ ذلك‏ ارتداء‏ ملابس‏ فضفاضة‏ وملء‏ جيوب‏ الملابس‏ بالرمال‏ بما‏ يثقل‏ الوزن‏ علي‏ الميزان‏ إلي‏ غيرها‏ من‏ الخدع‏, لذلك‏ ينصح‏ بأن‏ يتم‏ التنبيه‏ إلي‏ المشكلة‏ في‏ بدايتها‏ حتي‏ تتم‏ السيطرة‏ عليها‏ قبل‏ أن‏ تصل‏ الفتاة‏ إلي‏ مرحلة‏ نكران‏ وجود‏ مشكلة‏ ورفض‏ الخضوع‏ إلي‏ العلاج‏ أو‏ حتي‏ الاعتراف‏ بأن‏ وزنها‏ في‏ تضاؤل‏ مستمر‏, إذا‏ ماشك‏ الأهل‏ في‏ بداية‏ المشكلة‏, يجب‏ علي‏ الفور‏ اللجوء‏ إلي‏ متخصص‏ لكي‏ يضع‏ يده‏ علي‏ بداية‏ الخروج‏ من‏ الازمة‏, وطبيب‏ الاسرة‏ في‏ هذه‏ الحالة‏ يبدأ‏ في‏ إجراء‏ حوار‏ مع‏ الفتاة‏ ويستطيع‏ ان‏ يعرف‏ ما‏ إذا‏ كان‏ الأمر‏ منبئا‏ بحدوث‏ مرض‏ أم‏ لا‏, فمريضة‏ الأنوركيسا‏ تسيطر‏ عليها‏ فكرة‏ التحكم‏ في‏ الوزن‏ وغالبا‏ ما‏ تقوم‏ بتسجيل‏ عدد‏ السعرات‏ الحرارية‏ التي‏ تتناولها‏ وتميل‏ إلي‏ ممارسة‏ التدريبات‏ الرياضية‏ بشكل‏ مفرط‏, ويجب‏ علي‏ الطبيب‏ ألا‏ يشعر‏ الفتاة‏ بأنها‏ منتقدة‏, وأن‏ التضافر‏ والتعاون‏ مع‏ ثلاث‏ جهات‏ هي‏ طبيب‏ التغذية‏ وطيب‏ الأسرة‏ وأفراد‏ العائلة‏ المقربون‏ منها‏, وإذا‏ ما‏ تبين‏ وجود‏ مشكلة‏ حقيقية‏ يتم‏ وضع‏ خطة‏ عمل‏ بحيث‏ تلم‏ بالجوانب‏ الصحية‏ والنفسية‏ للفتاة‏, ويصبح‏ المستهدف‏ الأول‏ هو‏ حصولها‏ علي‏ ألف‏ إلي‏ ألف‏ وستمائة‏ كيلوسعر‏ حراري‏ يوميا‏ ليصل‏ الرقم‏ لاحقا‏ إلي‏ ثلاثة‏ آلاف‏ وخمسمائة‏ بشكل‏ يومي‏.‏

الحالات‏ الحادة‏ يتم‏ علاجها‏ داخل‏ المستشفي‏ وتتطلب‏ تحقيق‏ نتيجة‏ في‏ صورة‏ زيادة‏ أسبوعية‏ في‏ الوزن‏ تتراوح‏ مابين‏ نصف‏ كيلو‏ إلي‏ كيلوجرام‏ ونصف‏, بينما‏ يقل‏ معدل‏ الزيادة‏ المستهدف‏ في‏ الحالات‏ الأقل‏ حدة‏ والتي‏ يتم‏ علاجها‏ من‏ المنزل‏ إلي‏ 0.3 إلي‏ 0.5 كيلوجرام‏ أسبوعيا‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.