المناخ الذي أخرج فيلما مسيئا للعقيدة الإسلامية يضعف فرص نشر التسامح بين أتباع الديانات السماوية ويرسخ مفاهيم الصراع بين الشعوب. في حقيقة الأمر, هناك باحثون جادون يحاولون فك طلاسم العلاقات بين أفراد وجماعات تعمل علي نشر الكراهية وتروج لعقيدة الخوف من الإسلام في الولاياتالمتحدة ونزع صفة التسامح عن مجتمع تعيش فيه المذاهب والأديان بدرجة عالية من التوافق والحقوق المتساوية. ومن هؤلاء نيثان لين مؤلف كتاب صناعة الإسلاموفوبيا الذي يكشف العلاقات المتداخلة بين المتطرفين من خلفيات متنوعة ويدعو لجهد عالمي لوقف خطر التطرف في حوار خاص مع الأهرام: كيف تقيم الفيلم المسئ للنبي محمد في ضوء العلاقات المتشابكة بين قوي اليمين المتطرف في أمريكا؟ هذا الفيلم يأتي من نفس نوع الأفراد الذين يشكلون قوام صناعة الخوف من الإسلام. هؤلاء الأفراد يشكلون قوام صناعة تتغذي علي الفاشية وخلق مناخ من الذعر وعدم الثقة وتشجيع العنف. قبل عامين, في وقت كان الأمريكيون والعالم يؤبن ضحايا ذكري الحادي عشر من سبتمبر, قامت جماعة أوقفوا أسلمة الأمم بعقد مؤتمرات في نيويورك ظهر فيها رسام الكاريكاتير السويدي لارس فيلكس, الذي صور الرسول في مناظر غير لائقة, وتسبب في حلقات مماثلة من العنف قبل5 سنوات. لقد شاهدنا من يطلق وحش التطرف والعنف من قبل. الآن, نحن نعلم أن قادة الجماعة المعروف اختصارا باسم سيون, روبرت سبنسر وباميلا جيلر, قاما باستضافة ستيف كلاين, مستشار الفيلم الجديد المثير للجدل في مظاهرات الاحتجاج علي إقامة مسجد جراوند زيرو في نيويورك. هل تعتقد أن هناك توظيفا لمهاجرين أقباط في تلك الشبكة المعقدة؟ وهل الهدف هو استخدام الأقليات في الشرق الأوسط لنشر الإسلاموفوبيا؟ من الملابسات الحالية هناك مشاركة من شخص أو أكثر من الجالية القبطية في الولاياتالمتحدة مثل موريس صادق ونيقولا باسيلي ولكن مجرد توظيف اثنين من الأفراد في تقديم الفيلم لا يعني أننا يمكن أو ينبغي أن نفترض أن المسيحيين الأقباط عموما كانوا وراء إنتاج العمل المسئ. كتاباتك توحي أن الجماعات المناهضة للإسلام تكتسب موطئ قدم في الولاياتالمتحدة علي الرغم من عدم حدوث جريمة واحدة إرهابية بعد11 سبتمبر2001 ؟ للأسف, نعم. صناعة الخوف من الإسلام تقدم لكثيرين حوافز مالية لمواصلة السير في هذا الطريق القذر لتعزيز الكراهية. العديد من الأفراد يتكسبون من إثارة هذه الأنواع من الخلافات وتمكنوا من القيام بأعمال تخدم مصالحهم فقط, وفي بعض الحالات يحصد البعض مئات الآلاف من الدولارات كل عام. فلماذا نتوقع أن يقرروا فجأة التخلي عن كل ذلك. ورغم عدم وقوع أحداث كبري مثل11 سبتمبر, هذا لا يهم لصناعة الإسلاموفوبيا, إنهم لا يهتمون بالحقائق أو الأرقام أو الإحصاءات. كيف تري رد الفعل في العالمين العربي والإسلامي تجاه الفيلم؟ من الواضح, رد الفعل في كثير من البلدان ذات الأغلبية المسلمة حيث وقعت احتجاجات مؤسفة للغاية. ولا يوجد عذر لعنف من هذا النوع. للأسف, فإن المتظاهرين الذين ينتهجون العنف في احتجاجهم اليوم والصور التي تبث في جميع أنحاء العالم أري أنهم يخدمون الأهداف نفسها التي يريدها القائمون علي صناعة الإسلاموفوبيا.وأعتقد أيضا أنه من المهم بالنسبة للعالم أن يعرف أن هناك احتجاجات سلمية أيضا خرجت في ليبيا ومصر, وفي أماكن آخري للتعبير عن الحزن علي وفاة السفير كريس ستيفنز. ونحن لا نري تلك المظاهر المتضامنة مع أمريكا لأن وسائل إعلامنا نقلت فقط الصور المثيرة التي تشد الانتباه. علي سبيل المثال, صورة جثمان ستيفنز في شوارع بنغازي التي تنتشر عبر الإنترنت وقدمها بعض الناشطين المناهضين للإسلام علي انها أدلة علي وحشية المسلمين لم تكن تمثل الحقيقة, فالصورة كانت لمواطنين ليبيين تسرع بحمل السفير إلي المستشفي. إلي أي مدي يشارك المعسكر المؤيد لإسرائيل في حركة الإسلاموفوبيا؟ وهل تعتقد أن وسائل الإعلام هي جزء من آلة الدعاية السلبية؟ الاثنان يسيران يدا بيد. اللوبي المؤيد لإسرائيل له نفوذ مالي غير عادي. انه يقود السياسيين في اتجاه سياساته المفضلة, ولسوء الحظ, في مناسبات عديدة ترسم تلك السياسات المسلمين في شكل سلبي. ودون دعم مالي من هذا القبيل, فإن بقاء السياسيين في مواقعهم سيكون قصيرا جدا وهو ما يدفعهم لتبني تلك الروايات وبيع أخلاقهم. وبالمثل, وسائل الإعلام التي تدعم تلك الإتجاهات. من المقولات القوية في كتابك الأخير أنه من أجل أن تواصل إسرائيل تقدمها إلي الأمام في المناطق المحتلة والمتنازع عليها وسرقة المزيد من الأراضي دون استهجان أكبر من الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي, فإنه سيتعين عليها بناء صورة تساوي الفلسطينيين بالارهابيين. إسرائيل وحكومتها تلعبان علي تصوير أنفسهم علي أنهم ضحايا. وكلما اتسع نطاق كراهية الإسلام أكثر في العالم, وإثارة مشاعر معادية أكبر تجاه المسلمين, فسيكون من السهل أن تقدم نفسها الضحية وتوسيع انتشارها في الضفة الغربية وخارجها. إن ما يسمي ب الحرب علي الإرهاب التي أطلقها الرئيس جورج دبليو بوش في أعقاب11 سبتمبر2001, حرضت علي الإسلاموفوبيا إلي حد كبير. هل هناك سياسة حكومية نشيطة لتعميق حالة الكراهية في الولاياتالمتحدة؟ أعتقد أن الأمور تحسنت في بعض النواحي وساءت في مناطق أخري. سعي الرئيس أوباما لإعادة العلاقات مع الدول ذات الأغلبية المسلمة, وانطباعي العام هو أنه استعاد بعضا من الثقة والاحترام التي فقدت مع سياسات جورج دبليو بوش. من ناحية أخري, لا يبدو أن هناك سياسة نشيطة للوقوف ضد المشاعر المناهضة للمسلمين. وبالتأكيد, طالما أن الولاياتالمتحدة تواصل تقديم الولاء الأعمي لإسرائيل دون نقد إلي حد ما, ودون توجيه لوم للسياسات الجائرة والصارخة ضد المسلمين والفلسطينيين, علي وجه خاص, ستظل هناك انقسامات. هذه الانقسامات, بدورها, سوف تعزز وتطيل من أمد الشعور بالخوف من الإسلام بين الأمريكيين.