بعد حرب 1967 آمنت إسرائيل أن جيشها هو الجيش الذى لايمكن هزيمته ووصلت الثقة إلى حد الغرور حتى إن الجنرال اسحق رابين صرح بقوله (بواسطة قواتنا الجوية نستطيع أن نصل إلى أى مكان فى العالم حتى لو كان القطب الشمالي). وفى المقابل رفضت مصر شعبا وحكومة الهزيمة ولم ترضخ سياسيا لإسرائيل. وأصبح شعارنا مواطنين وقوات مسلحة (ما أخذ بالقوة.. لايسترد إلا بالقوة) وكان القرار لا مفاوضات ولا صلح مع إسرائيل مادام هناك أرض مصرية محتلة وبدأت حرب الاستنزاف. تم تدعيم القوات الجوية الإسرائيلية خلال شهر أكتوبر 1967بعدد خمسين طائرة فانتوم وخمسين طائرة سكاى هوك وتعتبر هذه الطائرات أحدث طائرات مقاتلة فى ذلك التوقيت وفى 9 أكتوبر 1968 أعلن جونسون (رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية) انه تقرر دعم إسرائيل بعدد 50 طائرة فانتوم أخرى وذلك بعد عام واحد من الدعم السابق، هذا بالإضافة الى أعداد كبيرة من الطيارين المتطوعين من ذوى الخبرة فى حرب فيتنام واعتبارا من يونيو69 بدأت إسرائيل فى سياسة الردع الجسيم باستخدام القوات الجوية وتحولت حرب الاستنزاف الى حرب جوية..وقد بدأت العمليات الجوية بقصف مواقع القوات المسلحة المصرية غرب القناة مع التركيز ضد كتائب الصواريخ وعناصر المدفعية المضادة للطائرات ولم تتمكن قوات الدفاع الجوى فى هذا التوقيت من التصدى لهذه الهجمات. وقد أعلن إيجال الون فى بداية حرب الاستنزاف أن اسرائيل ستمنع إقامة شبكة صواريخ، لأن السيطرة الجوية فوق منطقة القناة حتمية. وأن خطة إسرائيل هى منع إقامة شبكة صواريخ جديدة أو ترميم الشبكة القائمة. كانت نتيجة الدراسات العسكرية والفنية لقيادات القوات المسلحة المصرية هو أن القوات المسلحة لن تكون قادرة على القيام بعمليات هجومية لتحرير الأرض إلا إذا استطاعت إقامة نظام دفاع جوى قادر على حماية القوات البرية. وصدر قرار جمهورى بتشكيل قوات الدفاع الجوى كأحد الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة. وذلك فى فبراير 68 بقيادة اللواء محمد على فهمى وكان ذلك هو نقطة الانطلاقة الرئيسية لتطوير قوات الدفاع الجوى لمواجهة أقوى أسلحة إسرائيل المسلحة بأحدث طائرات فى العالم ومزودة بأسلحة ونظم تسليح متطورة وكان قرار قيادة قوات الدفاع الجوى هو بناء حائط صواريخ قادر على التصدى لطائرات العدو ومنعها من مهاجمة قواتنا المسلحة والتمهيد لحرب التحرير. وفى شهر أبريل 1970اجتمع الرئيس جمال عبد الناصر ومعه الفريق محمد فوزى واللواء محمد على فهمى مرتين بقادة كتائب وألوية الصواريخ للتعرف على مطالبهم، ولأنه كان متأكدا أن مفتاح النصر هو دخول كتائب الصواريخ إلى الجبهة وفعلا تم ذلك فى 30 يونيو1970 وتم دفع كتائب الصواريخ إلى منطقة القناة وهو اليوم الذى يوافق عيد قوات الدفاع الجوى وهو اليوم الذى استطاعت فيه كتائب الصواريخ التصدى لطيران العدو وكان بناء حائط الصواريخ ملحمة وطنية شارك فيها الجيش والشعب من خلال بناء قواعد الصواريخ فى ظل القصف الإسرائيلى المتواصل. لقد استحق يوم 30 يونيو من كل عام أن يكون عيدا لقوات الدفاع الجوى فهو تجسيد حقيقى لما تم إنجازه من حائط الصواريخ الشهير، الذى كان بمثابة ملحمة كفاح مصرية تستحق أن تدرس عسكريا واجتماعيا للكشف عن إعجاز الشخصية المصرية، حيث تم بناء حائط الصواريخ خلال 40 يوما. تضافرت الجهود ليل نهار للشركات الهندسية المدنية وعناصر المهندسين العسكريين معا تحت وابل من القصف الجوى المستمر. وقد استخدم لإنشاء هذا الحائط 30 مليون متر مكعب فى أعمال الحفر والردم و3 ملايين متر مكعب من الخرسانة بالإضافة إلى 2000 كيلو متر من الطرق والمدقات. وتمكنت كتائب الصواريخ من احتلال المواقع بنظام الوثبات التى تحمى إحداها الأخرى. وفى صباح 30 يونيو 1970 اكتمل بناء حائط الصواريخ. ولم ينته اليوم حتى تم تدمير عدد 2 طائرة فانتوم وعدد 2 طائرة سكاى هوك وأسر 3 طيارين. وتوالى بعدها أسبوع ثقيل على العدو الجوى الإسرائيلى وكان ذلك إيذانا بنهاية التفوق الجوى الإسرائيلى. سيظل المقاتل المصرى صاحب العقيدة الثابتة والمستعد للتضحية والفداء من أجل وطنه الغالى. لمزيد من مقالات فريق/ زاهر عبد الرحمن