في مطار ميونيخ, مثله مثل مطار فرانكفورت, وأظنها في معظم البلدان الأوروبية وكندا, هناك محطة أمنية للمسافرين إلي الولاياتالمتحدة حيث يجري أول لقاء مع السلطات. أصبح ذلك تقليدا منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي قلبت الدنيا رأسا علي عقب, ولا أدري ما الذي جري فقد اكتشف مسئول الأمن أنه لا وجود لي أو لزوجتي, ومن ثم أحالني إلي مسئول آخر. كانت الدقائق تمر وموعد الإقلاع يقترب حتي بقي من الوقت دقيقة, فانفرج الموقف فجأة وظهر علي الشاشات ما يثبت أننا من خلق الله ولدينا ما يثبت الحق في الدخول إلي الولاياتالمتحدة, أرجعت زوجتي التغير المفاجئ إلي قراءتها لسورة الضحي التي تيسر الأمور عندما يضيق الحال. بعد ثماني ساعات تقريبا وصلت إلي مطار لوجان في بوسطن, لم تكن هذه هي الرحلة الأولي فقد بدأت منذ عام 2003 عندما دعاني مركز بلفر في مدرسة جون كنيدي لدراسة الحكومات بجامعة هارفارد لقضاء ثلاثة شهور الصيف لعمل بحث اخترت له موضوع مبادرة السلام العربية, في العام التالي جرت نفس المسألة ولكنها كانت في مركز سابان لدراسات الشرق الأوسط حيث أعددت بحثا عن العلاقات المصرية الأمريكية, ولكن منذ هذا الوقت أصبح مقصدي بوسطن مرة أخري للتدريس في جامعة برانديز سنويا منذ عام 2005 عن الصراع العربي- الإسرائيلي, ورغم أن الموضوع ظل تدريسه محببا لعل وجهة النظر العربية تظهر في محيط من الجامعات الشهيرة والتي يوجد فيها لإسرائيل نفوذ غير قليل, هذه المرة بدا الموضوع علي هامش الأحداث الكثيرة الجارية في المنطقة والتي بدأت بانطلاقة الربيع العربي في يناير 2011, وانتهت بالنسبة لي مع مقتل السفير الأمريكي وعدد من رفاقه في ليبيا, وحدوث المظاهرات في القاهرة ومهاجمتها للسفارة الأمريكية والاعتصام أمامها, وتمزيق العلم الأمريكي أو هكذا جاء في الأنباء. واجهت تلاميذي لأول مرة مع مطلع الأسبوع يوم الاثنين, ولم أكن أعرف عما إذا كان علي أن أدخل مرة أخري في موضوع الصراع, أم أن ما يجري في عقل الجميع هو الأحداث الأخيرة التي لم أستوعبها بعد, ما جري ربما سوف يأتي لاحقا في تقرير خاص, ولكن ما أريد تسجيله عند هذه البداية هو أن الاهتمام بالموضوع الفلسطيني- الإسرائيلي لم يعد علي جدول الأعمال; أما ما هو محط الاهتمام فقد باتت إيران باعتبارها عدوا إستراتيجيا, وسوريا باعتبارها الأزمة الكبري التي لا يعلم أحد عند انفضاضها كيف سيكون الكون؟! [email protected] المزيد من أعمدة د.عبد المنعم سعيد