مجلس الشيوخ يستأنف جلساته العامة اليوم    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    انهيار أسعار الفراخ اليوم نهاية أبريل.. البيضاء نزلت 20 جنيه    بكاء ريهام عبد الغفور أثناء تسلمها تكريم والدها الراحل أشرف عبد الغفور    ختام عروض «الإسكندرية للفيلم القصير» بحضور جماهيري كامل العدد ومناقشة ساخنة    «طب قناة السويس» تعقد ندوة توعوية حول ما بعد السكتة الدماغية    تراجع سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الثلاثاء 30 إبريل 2024    الجيش الأمريكي ينشر الصور الأولى للرصيف العائم في غزة    حقيقة نشوب حريق بالحديقة الدولية بمدينة الفيوم    مقتل 3 ضباط شرطة في تبادل لإطلاق النار في ولاية نورث كارولينا الأمريكية    اندلاع اشتباكات عنيفة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال في مخيم عسكر القديم شرق نابلس    مباراة من العيار الثقيل| هل يفعلها ريال مدريد بإقصاء بايرن ميونخ الجريح؟.. الموعد والقنوات الناقلة    ظهور خاص لزوجة خالد عليش والأخير يعلق: اللهم ارزقني الذرية الصالحة    تعرف على أفضل أنواع سيارات شيفروليه    تعرف على أسباب تسوس الأسنان وكيفية الوقاية منه    حبس 4 مسجلين خطر بحوزتهم 16 كيلو هيروين بالقاهرة    هل أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء؟.. دار الإفتاء تجيب    العميد محمود محيي الدين: الجنائية الدولية أصدرت أمر اعتقال ل نتنياهو ووزير دفاعه    السيطرة على حريق هائل داخل مطعم مأكولات شهير بالمعادي    نيويورك تايمز: إسرائيل خفضت عدد الرهائن الذين تريد حركة حماس إطلاق سراحهم    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة فى قنا    د. محمود حسين: تصاعد الحملة ضد الإخوان هدفه صرف الأنظار عن فشل السيسى ونظامه الانقلابى    لتلوثها ببكتيريا برازية، إتلاف مليوني عبوة مياه معدنية في فرنسا    محلل سياسي: أمريكا تحتاج صفقة الهدنة مع المقاومة الفلسطينية أكثر من اسرائيل نفسها    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    فتوى تحسم جدل زاهي حواس حول وجود سيدنا موسى في مصر.. هل عاصر الفراعنة؟    شقيقة الأسير باسم خندقجي: لا يوجد أى تواصل مع أخى ولم يعلم بفوزه بالبوكر    حماية المستهلك: الزيت وصل سعره 65 جنيها.. والدقيق ب19 جنيها    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30 أبريل في محافظات مصر    تعرف على موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم للعاملين بالقطاع الخاص    نظافة القاهرة تطلق أكبر خطة تشغيل على مدار الساعة للتعامل الفوري مع المخلفات    أستاذ بجامعة عين شمس: الدواء المصرى مُصنع بشكل جيد وأثبت كفاءته مع المريض    مفاجأة صادمة.. جميع تطعيمات كورونا لها أعراض جانبية ورفع ضدها قضايا    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    رسميا.. بدء إجازة نهاية العام لطلاب الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية بهذا الموعد    السجيني: التحديات عديدة أمام هذه القوانين وقياس أثرها التشريعي    بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    حكم الشرع في الوصية الواجبة.. دار الإفتاء تجيب    ميدو: عامر حسين ب «يطلع لسانه» للجميع.. وعلى المسؤولين مطالبته بالصمت    عيار 21 الآن يسجل تراجعًا جديدًا.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 30 أبريل بالمصنعية (التفاصيل)    مصدران: محققون من المحكمة الجنائية الدولية حصلوا على شهادات من طواقم طبية بغزة    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    المتحدث باسم الحوثيون: استهدفنا السفينة "سيكلاديز" ومدمرتين أمريكيتين بالبحر الأحمر    «هربت من مصر».. لميس الحديدي تكشف مفاجأة عن نعمت شفيق (فيديو)    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    ضبط 575 مخالفة بائع متحول ب الإسكندرية.. و46 قضية تسول ب جنوب سيناء    بعد اعتراف أسترازينيكا بآثار لقاح كورونا المميتة.. ما مصير من حصلوا على الجرعات؟ (فيديو)    ليفاندوفسكي المتوهج يقود برشلونة لفوز برباعية على فالنسيا    توفيق السيد: لن يتم إعادة مباراة المقاولون العرب وسموحة لهذا السبب    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    تموين جنوب سيناء: تحرير 54 محضرا بمدن شرم الشيخ وأبو زنيمة ونوبيع    برلماني يطالب بالتوقف عن إنشاء كليات جديدة غير مرتبطة بسوق العمل    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    خليل شمام: نهائى أفريقيا خارج التوقعات.. والأهلى لديه أفضلية صغيرة عن الترجى    تقديم موعد مران الأهلى الأخير قبل مباراة الإسماعيلى    درجات الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء 30/4/2024 في مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أشواق عارمة لنهار منتظم
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 06 - 2019

جاء حفل افتتاح المباريات الإفريقية كوسام واضح على محبتنا للجمال وقدرتنا على صناعته, فلم يكن فى حجز الاماكن اى واسطة او محسوبية ودون قفز على الاسوار. وصار صاحب كل تذكرة يعرف مكانه وكيفية الوصول إليه بهدوء وانتظام.
تساءلت بينى وبين نفسى ألا يمكن ان تنتظم حياتنا كل نهار بهذا الانسجام؟. هنا استيقظت فى ذاكرتى كلمة يوسف إدريس الكاتب العظيم وهو يتحدث إلى من حضروا من أركان الولايات المتحدة ليسمعوه محاضرا قائلا عام1980: اندهشتم لأن المصريين عبروا قناة السويس وهدموا خط بارليف. ولم تلتفتوا إلا لبكائيات البعض، لأن مصر اختارت السلام بعد انتصارها فى الحرب. ونسيتم فى غمرة معايرة البعض لنا بأننا لم نتخذ من الحرب اسلوب حياة، بل طريق إلى السلام. ولم يلتفت الكثير منكم إلى ما سبق واقترحته بعد هزيمة يونيو الصاعقة، بأن قلت لو اجتمع ملايين المصريين على شط القناة وضحكوا بشكل متواصل لهرب الإسرائيليين إلى الاماكن التى جاءوا منها. موقنين أن كسر المصريين للأبد هو المستحيل لأن المصريين صناع حياة، لذلك جاء انحيازهم للسلام بعد النصر.
وبعد انتهاء الاحتفال بيوسف إدريس فى قاعة المحاضرات الملحقة بمكتبة جامعة كولومبيا قلت للكاتب الكبير: لقد ضحك المقاتلون الضحكة التى حلمت بها عندما جعلوا التدريب الجاد والتعاون بين افراد المجتمع حقيقة واقعة من بعد الهزيمة فى يونيو 1967.
ثم تغتال رصاصات التأسلم أنور السادات ليأتى من بعده من حول حلم المجتمع فى الاستقرار إلى ركود وعشق إبقاء الحال على ماهو عليه. ومضت سنوات مبارك الاولى فى محاولة جادة لاستخلاص كيلو متر مربع هو طابا من ايدى محترفى قضم الارض العربية: ويحسب للخارجية المصرية شرف القتال بالتفاوض لاستكمال تحرير تلك البقعة الطاهرة. أتذكر أنى كنت اتابع عن كثب رحلة الخارجية المصرية عبر حوار يومى مع صديقى المقاتل بالحرب والسلام السفير حسن عيسي, هذا الذى بدأ حياته العملية بالنجاح فى الالتحاق بموكب الدبلوماسية ومن خلالها اختارته الرئاسة ليعمل بها منتدبا، وكان عليه مواجهة الإسرائيليين فى مواقع عمله المختلفة بداية من روما ومرورا بموسكو وصولا إلى مركز القنصل فى إيلات. ونال شرف رؤية كيف ينام كثير من الإسرائيليين كل مساء وهو يخبئ الحلم فى العودة إلى البلد الذى هاجر منه ليصبح اسرائيليا يعتمد على بقائه حيا بالتدريب المستمر على القتال ضمن صفوف الجيش ويشرب عمليا وضعه كواحد ضمن الجيش الذى تمده الولايات المتحدة كمقدمة لاستمرار استنزافها لخيرات المواد الخام فى المنطقة العربية, ورصد حسن عيسى بشكل فعال فى عمق العلاقة بين إسرائيل وإيران عبر عديد من سكان إيران المنتمين إلى الديانة اليهودية. ورصد بما لايدع اى مجال للشك فى تغلغل الأنف الاسرائيلية فى صلب الاتحاد السوفيتى ولعله أول من نبه إلى عمق التواصل بين سكان الاتحاد السوفيتى وبين سكان إسرائيل، ورأى موجات الهجرة من الاتحاد السوفيتى إلى إسرائيل. ولا أنسى كلمته: لا تقل لى إن التقارب بين موسكو ومصر هو ابن تفاهم لقيمة المبادئ الإنسانية, بل هو ابن البحث عن موقع قدم على البحر المتوسط، وهناك من يمد إسرائيل بما تحتاجه من معلومات عن مصر.
وآمن حسن عيسى أن عبقرية العسكرية المصرية هى التى انتبهت إلى أن استعدادها العسكرى لتحرير الأرض قد تم بعيدا عن عيون الروس. ولابد أن نشيد ونؤكد أن الدبلوماسية المصرية أسهمت مع العسكرية المصرية فى قراءة ما هو مكتوب بالحبر السرى فى الضمير الإسرائيلي. وكان الفريق سعد الشاذلى وعبد الغنى الجمسى من أكابر العالمين بالدهاليز السرية للتخطيط الإسرائيلي. وعندما خطا السادات إلى السلام كان هناك تواصل محسوب بين المخابرات الإسرائيلية وبين بقايا التأسلم ، فمن صلب عقيدة المتأسلمين أن لا ولاء للوطن بل الولاء للتنظيم.
ولا أنسى المساء الرمضانى الذى جاء فيه عمر التلمسانى المرشد الأسبق للإخوان ومعه المرشد الذى تلاه وهو مصطفى مشهور, وكان على حسن عيسى استقبالهما بحكم عمله كمدير لمكتب منصور حسن وزير الدولة لرئاسة الجمهورية ومنسق الحوار بين التيارات السياسية المصرية. واقتحم حسن عيسى الحوار مع مصطفى مشهور متسائلا: هل هناك انشطة عسكرية للإخوان؟ وارتبك كل من عمر التلمسانى ومصطفى مشهور منكرين وجود انشطة عسكرية فقال حسن عيسى: أجهزة الأمن السيادية ستضرب بيد من حديد على أى تحرك من هذا النوع . ولم تمض سوى أسابيع ليكون اغتيال السادات هو الكاشف لحقيقة تعامل تيار التأسلم كمخلب ثعلب ضد مصر.
وعندما تولى حسنى مبارك مقاليد السلطة لم ينتبه إلى ضرورة حسم هذا الانفصال بين ضرورة يقظة المجتمع ليحسم بنفس براعة التخطيط لحرب اكتوبر, فترك الترهل يتسرسب إلى الشرايين السياسية فكان حرصه الوحيد هو البقاء على رأس السلطة برضوخ الداخل وموافقة الخارج على الترهل. ولم تكن هناك يقظة سوى للعقول التى خاضت حرب أكتوبر وهى التى حافظت ببسالة على تماسك القوات المسلحة فلم تسمح للتفكك الذى أصاب بقية أركان المجتمع أن يصيبها.
وعندما تراكم الخلل والتحلل على مفاصل المجتمع جاء الرفض العملى فى الخامس والعشرين من يناير حاملا السؤال العملى عن المستقبل، وهنا قفز ثعابين التأسلم ليسرقوا ثورة الشباب ثم يستعيد عموم المصريين ثورتهم فى الثلاثين من يونيو ليسلموا القيادة لمن يواصل اكتشاف القدرات المصرية فيحدث نسفا منظما للتعليم القائم على الحفظ لترنو العين المصرية على الحياة المعاصرة, ولتدور قوافل صحية تكتشف أحوال مائة مليون مصرى ثم يحدث اقتحام لسيولة التواصل بين أركان الخريطة المصرية عبر شبكة طرق صالحة لسيولة الحياة. وهاهى دورة الكرة الإفريقية تقدم دليلا حيا على الانضباط . ولأنى لست من عشاق الكرة لذلك لا أحلم بفوز ما؛ فيكفينى هذا الانتظام الدقيق الذى أحلم بأن ينعكس على كل أوجه حياتنا.
لمزيد من مقالات منير عامر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.