تعرف على حدود التحويلات عبر تطبيق انستاباي خلال إجازة العيد    محافظ المنيا: حملات مستمرة على مجازر خلال أيام عيد الأضحى    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على صعود    الأمين العام للأمم المتحدة يدعو إلى وقف تخريب الأرض    مسؤول إسرائيلي يعلق على مصير عشرات الرهائن في غزة    مسئول في الموساد يعكس "صورة قاتمة" حول صفقة التبادل مع حماس    نائب لبناني عن كتلة الوفاء: المقاومة لا تخضع للتهديد وهي مستعدة لكل الاحتمالات    سرايا القدس تعرض مشاهد لقصف عناصرها جنودا وآليات عسكرية إسرائيلية في رفح    إصابة دموية ل مبابي في افتتاح مشوار فرنسا باليورو (صور)    عملية جراحية بانتظاره.. تفاصيل إصابة مبابي في مباراة فرنسا والنمسا    وفاة أول حاج من الوادي الجديد خلال أداء مناسك الحج    حريق يلتهم مقلة لب بطنطا في ثاني أيام عيد الأضحى (صور)    مفاجأة عن الحالة الصحية للطيار المصري قبل وفاته، والشركة تبرر تصرف مساعده    «قضايا الدولة» تهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عودته بعد أداء فريضة الحج    وفاة والد عمرو أدهم عضو مجلس إدارة نادي الزمالك    أحمد حلمي من كواليس "ميمو" ونيللي كريم في طريقها للسعودية ..10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    هيئة الدواء المصرية تسحب عقارا شهيرا من الصيدليات.. ما هو؟    8 أعراض تظهر على الحجاج بعد أداء المناسك لا تقلق منها    عاجل.. لجنة الحكام تكشف عن 4 أخطاء لحكم مباراة الزمالك والمصري    صدمة في فرنسا.. مبابي يخضع لجراحة عاجلة    الأرز ب 34 والسكر 37 جنيهًا.. أسعار السلع الأساسية بالأسواق في ثالث أيام عيد الأضحى الثلاثاء 18 يونيو 2024    محمود فوزي السيد: عادل إمام يقدر قيمة الموسيقى التصويرية في أفلامه (فيديو)    عبد الله غلوش لصاحبة السعادة: عادل إمام مثقف ومتطور ويتحدث بمصطلحات الشارع    عبدالحليم قنديل ل"الشاهد": طرحت فكرة البرلمان البديل وكتبت بيان الدعوة ل25 يناير    إسماعيل فرغلي: ربنا كرمني بعد مرارة سنوات.. وعشت ظروف صعبة لا تنسى    «الأزهر» يوضح آخر موعد لذبح الأضحية.. الفرصة الأخيرة    مرشحو انتخابات الرئاسة الإيرانية فى أول مناظرة يدعون لحذف الدولار.. ويؤكدون: العقوبات أثرت على اقتصادنا.. النفط يُهدر بنسبة 17% والتضخم تجاوز 40%.. ومرشح إصلاحي يعترف: عُملتنا تتدهور والنخب تهرب والوضع يسوء    الزمالك يهدد بمنتهى القوة.. ماهو أول رد فعل بعد بيان حسين لبيب؟    تراجع سعر سبيكة الذهب اليوم واستقرار عيار 21 الآن ثالث أيام العيد الثلاثاء 18 يونيو 2024    من مشعر منى.. ولي العهد السعودي يوجه رسالة للعالم عن غزة    أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس يكشف السيناريوهات المتوقعة عقب حل مجلس الحرب الإسرائيلي (فيديو)    في ثالث أيام العيد.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم في مصر ودرجات الحرارة المتوقعة    وفاة 10 حجاج من أبناء كفر الشيخ خلال أداء مناسك الحج.. اعرف التفاصيل    بيان عاجل من وزارة السياحة بشأن شكاوى الحجاج خلال أداء المناسك    تعليق عاجل من الخارجية الأمريكية بشأن قرار نتنياهو بحل مجلس الحرب الإسرائيلي    بعد الارتفاع الأخير.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 18 يونيو في ثالث أيام العيد    وزراء البيئة بالاتحاد الأوروبي يوافقون على قانون استعادة الطبيعة    «حضر اغتيال السادات».. إسماعيل فرغلي يكشف تفاصيل جديدة عن حياته الخاصة    تهنئة إيبارشية ملوي بعيد الأضحى المبارك    االأنبا عمانوئيل يقدم التهنئة بعيد الأضحى المبارك لشيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب    عاجل.. أميرة نايف تعلن وفاة والدتها: «اللهم ارحم موتانا»    مصطفى عمار: عادل إمام سفير فوق العادة للكوميديا المصرية في الوطن العربي    بعد الفوز على الزمالك| لاعبو المصري راحة    لسبب جسدي.. أنس جابر تعلن غيابها عن أولمبياد باريس 2024    البطريرك يزور كاتدرائية السيّدة العذراء في مدينة ستراسبورغ – فرنسا    التحقيق مع حداد مسلح أشعل النيران في زوجته بسبب خلافات بينهما بالعاشر    قائمة الاتحاد السكندرى لمواجهة الأهلى.. غياب مابولولو وميسى    شقق التضامن الاجتماعي.. تفاصيل تسليم 1023 وحدة سكنية ب 400 مليون جنيه    وكيل «صحة الشرقية» يقرر نقل 8 من العاملين بمستشفى ههيا لتغيبهم عن العمل    الإفتاء توضح حكم طواف الوداع على مختلف المذاهب    مشروع الضبعة.. تفاصيل لقاء وزير التعليم العالي بنائب مدير مؤسسة "الروس آتوم" في التكنولوجيا النووية    شروط القبول في برنامج البكالوريوس نظام الساعات المعتمدة بإدارة الأعمال جامعة الإسكندرية    إطلاق مبادرة «الأب القدوة» في المنوفية.. اعرف الشروط    تعرف أفضل وقت لذبح الأضحية    دعاء يوم القر.. «اللهم اغفر لي ذنبي كله»    ثاني أيام عيد الأضحى 2024.. طريقة عمل كباب الحلة بالصوص    الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر.. الأنواع والشروط    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العنف الأسرى..
يهدد عش الزوجية..تفاصيل وحكايات مأساوية بسبب مصروف البيت والخيانة الزوجية والسفر إلى الخارج
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 06 - 2019

دراسة: زيادة الجرائم الأسرية بنسبة 24% فى عام 2016.. والقاهرة فى المرتبة الأولى
المستشار خالد الشباسى: الجرائم الزوجية آفة مرضية وينبغى ضمها إلى محكمة الأسرة
د. نجوى الفوال: الثقافة السائدة لا تدعو إلى التسامح بين الزوجين ولا تقدس الرباط العائلى
د. سميحة نصر: علينا أن نعلم أولادنا الود والحب فى معاملاتهم مع الآخري
د. محمود البسطاوي: العنف الأسرى ليس ظاهرة وإنما حالات فردية
د. عاصم الدسوقي: التصالح فريضة غائبة ..والعنف ظاهرة قديمة
المستشار عصام رضا أبو ركيبة: الضغوط المادية تهدم كثيرا من البيوت المصرية

سب وقذف، عنف وتعذيب وقهر، حرق وضرب وإحداث عاهات وربما قتل بين بعض الأزواج والزوجات، والبنين والبنات يعيشون حياة مشوهة خلف جدران بيت الزوجية .. لا أحد برئ الكل مدان، فالطمأنينة لا مكان لها، والمودة خرجت ولم تعد، خاصة بعد أن أصبح العنف سيد الموقف والمعاناة لا تتوقف ... للأسف الشديد هذا هو الحال المؤلم لنماذج من الأسر ففى كثير من الأحيان نرى الأب قاتلا مثل أحمد عبدالله من كفر الشيخ الذى سولت له نفسه قتل زوجته وأبنائه بدماء باردة ..ونرى الأم تتخلص من أطفالها الصغار خنقاً وغرقاً وتشوه اجسادهم بمادة كاوية مثل «قاتلة المرج» وغيرها كثيرون.. نسوا الفضل بينهم وهانت عليهم العشرة فى لحظة فاصلة فتحولوا الى أعداء. «الأهرام» تفتح الملف، بعدما استوقفت هذه الظاهرة الخبراء والمحللين ، خاصة فى مركز البحوث الجنائية والاجتماعية، حيث عكفوا على البحث والدراسة، بحثا عن حلول جذرية لقضية ترتبط بأمن الأسرة المصرية بإعتبارها النواة الأولى والكيان الصغير الذى يتشكل منه المجتمع.
بداية نشير الى دراسة مهمة أكدت ارتفاع معدلات جرائم الاعتداء على الحياة وعلى سلامة الجسم والعرض والمال التى تقع فى اطار الأسرة على مستوى الجمهورية، حيث بلغت 641 جناية فى عام 2016 مقابل (515) فى 2015 بزيادة نسبتها 24% وتتركز أعلى النسب فى القاهرة 14% تليها الجيزة 11% ثم اسيوط بنسبة 8% وكانت أبرز الجرائم الأسرية خلال عام 2016 جنايات القتل العمد أو الشروع فيه ،حيث بلغت نسبتها 18% من اجمالى الجرائم الأسرية تليها جنايات الاعتداء الجسدى (ضرب الموت وضرب العاهة)(16%)، ثم الحرق العمد (8%) ثم جنايات هتك العرض والاغتصاب (4%).
دفاع شرعي
ويحتل اضطراب العلاقة الزوجية المرتبة الاولى فى العلاقات داخل الأسرة فى نسبة ارتكاب الجرائم بين طرفيها (الزوج أو الزوجة) ،فعلى سبيل المثال فى عام 2016 بلغت نسبة جنايات القتل العمد أو الشروع فيه 13٫6% من اجمالى الجنايات،
ولكشف تفاصيل أكثر نعرض واحدة من أغرب القضايا التى تنظرها حالياً محكمة جنايات، الجيزة بطلتها دينا محمود عيد المتهمة بذبح زوجها بامبابة ودفنه تحت السرير مع تغطية الجثة بالجبس والأسمنت لاخفاء معالمها. وقد قضت محكمة جنايات الجيزة بتأجيل محاكمتها لجلسة 24 يوليو المقبل وذلك لسماع مرافعة الدفاع النهائية. وأنكرت المتهمة أمام المحكمة التهمة الموجهة اليها وأقرت أنها كانت فى حالة دفاع شرعى عن نفسها لقيام زوجها بمحاولة طعنها، متهما إياها بالخيانة، بيد أنها خطفت السكين من يده وطعنته فى صدره فسقط قتيلا، وعند سؤالها عن سبب محاولة اخفائها الجثة بدفنها تحت سرير حجرة النوم وطمس معالمها بالأسمنت والجبس بررت ذلك قائلة إنها خافت على نفسها من فتك أهل زوجها بها.
مصروف البيت
واقعة ثانية لشيماء التى عانت كثيرا مع زوجها وتحملت معه آلام الخيانة وسوء المعاملة وعدم القدرة على الانفاق عليها وعلى أبنائها الأربعة، وكانت النهاية القتل والحرق على يد الزوج الآثم الذى نسى فضلها فى غفلة منه وتسلط شيطانه عليه. والمؤسف أنها لاقت مصيرها ،لأنها طلبت منه مصروف البيت.
الجرائم تتزايد
الحالات كثيرة وحرجة ولا تخلو صفحات الجرائد بشكل يكاد يكون يوميا من جرائم العنف الأسري، هكذا قال المستشار خالد الشباسى رئيس محكمة جنايات القاهرة ونوه بأن الجرائم الزوجية قد باتت تشكل ظاهرة متزايدة فى المجتمع المصرى وأصبحت آفة مرضية تحتاج لعلاج جذرى ما بين تشريعى واجتماعي.. وقد شاركت ببحث قيد النشر مع مركز البحوث الاجتماعية والجنائية، و أشار هذا البحث الاستقصائى الى أن الجرائم الزوجية فى ازدياد مطرد بشكل لم يشهده المجتمع المصرى فى العقود السابقة وهو ما يتطلب وضع آلية فاعلة ناجزة للاصلاح والتوفيق من خلال مكاتب متخصصة تابعة للشئون الاجتماعية حال كون مكاتب تسوية نزاعات الأسرة لا تنتج غرضها فى هذا الصدد بالتوفيق فى النزاعات قبل تفاقمها ويكون اللجوء اليها وجوبيا. هذه المكاتب موجودة فى كل بلاد العالم الأوروبية والعربية، أما فى مصر فللأسف لا يوجد. هذه المكاتب متخصصة فى حل النزاعات الزوجية قبل تفاقمها. صحيح أن هناك مكاتب تابعة لمحكمة الأسرة لكن دورها محدود ويقتصر على أن تلجأ اليها السيدات فى حال رفع دعوى خلع أو طلاق.
وأكد الشباسى أن الجرائم الزوجية تنقسم الى نوعين، منها ما هو تعد جسدى بين الزوجين بأنواعه ما بين قتل وعاهة وضرب وخطف للصغار والامتناع عن تنفيذ أحكام الأحوال الشخصية بالضم والرؤية وغيرها .. اما النوع الثانى فيمثل جرائم تعد على الأموال بين الزوجين ومنها التبديد للمنقولات والسرقة وخيانة الأمانة والسب والقذف. وللأسف لايوجد فى التشريع المصرى ما يسمى بالجرائم الزوجية الا فى حالة واحدة «الزنى». القتل قتل والعاهة عاهة فى رباط الزوجية والمشرع المصرى لم يعالج هذه النقاط وهذه غلطة محاكم الأسرة التى اهتمت بالأحوال الشخصية وحضانة الطفل والرؤية والنفقة وتركت الخلافات الزوجية وهو ما يتطلب تعديلا تشريعيا واجرائيا وقضائيا لمواكبة تلك الظاهرة بتخصيص دوائر معينة لمعالجة تلك القضايا بصورة فاعلة وناجزة أو دمجها ضمن نطاق محاكم الأسرة والقضايا التى تختص بها. ويبرر ذلك ويدعمه أن تلك الجرائم ذات طبيعة خاصة وتمس كيان الأسرة والمجتمع وتؤثر تأثيراً مباشراً على قوامه، مما يتطلب معاملة تشريعية وقضائية خاصة لها. وللأسف الشديد والكلام للمستشار الشباسى لم يعملها المشرع ولم يفكر فيها الا فى حالة «الزنى». وكلمة «زنى» لا تطبق زنى الا اذا كانت واقعة من زوجة. .ويضيف الشباسى: المثول أمام الجنايات يؤثر على الأطفال، حيث يكون الأطفال شهودا فى حالات كثيرة. لذا ينبغى ضم جرائم الزوجية الى محكمة الأسرة والمعيار المحدد الذى يمكن الارتكاز عليه فى تحديد جرائم الزوجية هو وجود علاقة زوجية قائمة او منفصلة، فضلا عن المعالجة الاجتماعية من خلال الجهات المعنية لتأهيل الشباب قبل الزواج تأهيلاً علمياً وعملياً وصحياً وتفعيل نظام الشروط المحددة المسبقة المثبتة بوثيقة الزواج، مما يحد كثيرا من النزاعات التى يترتب عليها جرائم وهذه الوثيقة يفهم منها كل طرف التزاماته وواجباته.
المستشار خالد الشباسى
الدكتور محمود البسطاوي
الدكتور عاصم الدسوقى
الصلح خير
وعن أسباب العنف الأسرى تقول د. نجوى الفوال مديرة مركز البحوث الاجتماعية والجنائية سابقا: هناك أسباب عامة خاصة بالمجال العام وأخرى خاصة بالظروف الشخصية والتكوين النفسى للفرد. المجال العام لا نستطيع أن نغفل ما مرت به مصر منذ عام 2011 وتأثير ذلك حتى الآن على الشخصية المصرية بصفة عامة.وتراجعت القدرة على التحمل فى السنوات 2011 حتى 2015. هذه الشخصية المصرية التى عايشت العنف فى الشارع المصرى ورأت الدم المصرى يسيل أمام عينها وترك هذا العنف جروحاً صعبةً وجعل ارتكاب العنف شيئا عاديا. ومشاهدة العنف باستمرار حتى لو على شاشة التليفزيون له أثر كبير فى البناء النفسى لشريحة ما من المصريين الأقل تعليماً،و الأصغر سناً، وجزء كبير منهم اعتاد مشاهدة العنف، هذا بالاضافة الى الضغوط الاقتصادية فى المرحلة التى تمر بها مصر حالياً وطول أمد التقاضى وتأخر العدالة الناجزة والظروف العامة التى جعلت العنف مستباحا وعاديا. وان كنا نتكلم عن العنف الأسرى فينبغى علينا تجديد الخطاب الدينى وأولويات التجديد الفكرى الخاص بمعاملة المرأة وبخاصة الزوجة فالثقافة السائدة أنه من حق الزوج أن يربى زوجته وأن ضربها مستباح فى العلاقة الزوجية وهذا فهم خاطئ. وللأسف الثقافة العامة لا تغذى لغة التسامح بين الزوجين ولا تقدس الرباط الزوجى ولا تضع هذه العلاقة المقدسة فى مكانها الصحيح من حياتهما. لقد أصبحنا نسمع كثيراً عن الضرب والقتل وغابت ثقافة الصلح خير والعيش والملح.. المشاهد الآن تدعو للعنف وأصبحنا لا نشاهد العلاقة السوية بين الزوجين أو بين الأبناء والآباء..وكل ما يصدر الينا يعلى من قيمة العنف فى هذه العلاقة وعدم العناية بتربية الأطفال تربية نفسية سليمة والتدليل الزائد خصوصاً فى الشرائح ذات الدخول المرتفعة ، أما الشرائح الدنيا فيعتبرون أولادهم أدوات انتاج ويحرمونهم من التعليم.
لابد من تأكيد أن العنف ظاهرة مرفوضة، وأن يحرص جميع العلماء وصناع القرار على الحد منه ومواجهته حتى لا يرقى الى كونه ظاهرة، خاصة فى المجتمع المصرى بما عرف عنه من سماحة وقدرة على استيعاب التغيرات الاجتماعية المختلفة خلال حضارته العريقة الممتدة لآلاف السنين ..وكما تقول د. سميحة نصر الاستاذة بمركز البحوث الجنائية والاجتماعية: العنف بشكل عام هو أى سلوك يلحق أذى بالآخر سواء كان هذا لفظيا أو بدنيا كالضرب أو الإضرار بالممتلكات ،والعنف أيضا قد يكون سرقة عادية أو بالإكراه أو حرقا. هناك أيضا العنف النفسى والمعنوى كإهمال الطرف الآخر وعدم الاهتمام به وتجاهله وإحباطه .
وتوضح أن العنف الأسرى هو ممارسة كل هذه الأنماط داخل الأسرة بين الزوجين و بين الوالدين او ضد الأبناء وايضا من الأبناء ضد الوالدين، ويتم تبادل الالفاظ النابية بين الشباب، وهو ما جعلهم يتخذون موقفاً مناهضاً ويستخدمون لغة خاصة بهم للخروج عن نطاق السيطرة بعد أن لفظتهم الأسرة وباقى المؤسسات الاجتماعية كالمدرسة والنادي.
وترى د. سميحة نصر أنه على الأسرة أن تحتضن الأبناء كى يحققوا ذاتهم ووجودهم وكيانهم، خصوصا أن عدد الشباب فى مجتمعنا يبلغ نحو 60 مليون شاب، أى ثلثى السكان من الشباب، ولو استثمرنا فيهم واحتضناهم وتم استغلال طاقاتهم لتنمية قدراتهم فسيكونون رجال المستقبل .
ثروة كبيرة
وتضيف: شبابنا لديه ثروة وطاقات كبيرة لم تستغل فاتجهوا الى الهجرة غير المشروعة، وتتساءل: لماذا نفقد شبابنا ولا نساعدهم فى إيجاد فرص عمل لهم ونتركهم فريسة لجماعات محظورة؟.. ولقد أجرينا دراسة عن العنف فى الحياة اليومية وعلاقتها بالضغوط التى تنشأ عن الحياة الأسرية، وتوصلنا إلى أنه ينتج عنه مشاجرات بين الأزواج قد تؤدى الى الطلاق، بالاضافة لغياب القدرة على تنشئة الأبناء وهناك العنف الذى يتعلمه الأطفال من مشاهدة التليفزيون ويكتسبون أشكالاً مختلفة من العنف، لهذا يجب أن نتابع أولادنا ونعلمهم الود والحب فى التعامل مع الآخرين.
حالات فردية
ويختلف الدكتور محمود البسطاوى الاستاذ بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية مع وجهات النظر السابقة، مؤكداً أن جرائم العنف الأسرى ليست ظاهرة وانما هى حالات فردية تحدث بين الحين والآخر ويركز عليها الاعلام بشكل قوى ويضخمها، ونلاحظ تدنى المستوى الأخلاقى وتراجع منظومة القيم فى كل الأطر الاجتماعية المختلفة وكثير من المؤسسات الاجتماعية لا تقوم بدورها بجدية واختلف دور الأسرة عن الشكل المعروف وتراجع دورها فى نقل القيم تحت ضغط الحاجة الاقتصادية، فأصبح الأب والأم فى العمل والأولاد فى الشارع، كما أن المدرسة تراجع دورها التربوى والتعليمى واختلف الشكل الأساسى للعلاقة بين الطالب والمدرس ولم تعد نظرة الرهبة والاحترام للمدرس موجودة بسبب الدروس الخصوصية التى جرأت الطالب على المدرس.
كذلك لعب الاعلام دورا فى هز صورة رجل الدين الذى كان الملاذ الآمن وحامل أسرار الأسرة، ولعب تراجع وتدنى مستوى التعليم الدينى الى انتاج نوع من رجال دين ليسوا على قدر المسئولية، فقديما كان رجل الدين يمارس رسالة أما الآن فمجرد وظيفة، كما أسهم فى تكريس صورة العنف ونحن بحاجة الى المشروع القومى الكبير لاعادة الثقة فى مجتمعنا واستعادة مقومات الشخصية المصرية القديمة، كما نحتاج الى خطاب واعى واستراتيجية لمواجهة العنف. ونتمنى أن يعزز نظام التعليم الجديد من قدرة الطفل على اتخاذ قرارات ومواقف وتربية أسرية بها استراتيجية حماية واضحة فى التعامل مع الطفل وكذلك حماية المرأة والطفل لما يفيد المجتمع، والمشكلة الحقيقية تكمن فى أننا لا نركز على النماذج الجيدة وانما نركز على السيئ فقط.
الدكتورة نجوى الفوال
عصام رضا أبو ركيبة
الدكتورة سميحة نصر
الزوج آخر من يعلم
أما المستشار القانونى محمد خلف فيروى لنا من واقع ساحات المحاكم لوناً آخر للعنف متمثلاً فى حالة الأم الشابة اسراء تجاه زوجها وأطفالها فيقول: سافر الزوج لاحدى دول الخليج بحثاً عن لقمة العيش وتوفير حياة أفضل لأسرته بعد أن رزقه الله بولد وبنت، وفى هذه الأثناء استغلت الزوجة وجوده خارج البلاد وأقامت دعوى خلع بعد اربع سنوات زواج وخلعته بالفعل دون علمه فى عام 2014، وظلت تحصل منه على المال حتى وقت قريب الى أن علم بزواجها فى شهر سبتمبر من العام الماضى من خلال نشر صورها عبر وسائل التواصل الاجتماعى ليكون هو آخر من يعلم بما فعلته الزوجة، وللأسف عندما طالبت أم الزوج بحضانة الصغار رفضت المحكمة وأسندت الحضانة الى والدة الزوجة الكفيفة المسنة البالغة من العمر (70 عاماً).
أما المستشار القانونى عصام رضا أبوركيبة فله وجهة نظر أخرى، حيث يرى أن العنف الأسرى هو استخدام واستعرض القوة والاعتداء بكل اشكاله من لفظى وجسدى وجنسى من أى فرد من الأسرة تجاه الآخر، مما يترتب عليه ضرر نفسى أو اجتماعى أو جسدى بكل أشكاله سواء موجها للمرأة أو الطفل أو المسنين.
ويوضح أن تشجيع الأبناء على العنف من جانب الأب والأم والحث عليه يخلق بيئة للمشاكل الدائمة بين الزوجين يترتب عليها التهديد بالطلاق الذى اصبح ظاهرة تحتاج الى حل جذري، والذى أهم أسبابه من وجهة نظرى الحالة الاقتصادية التى لها تأثير كبير وهى تتضح أكثر فى الأسر التى يكون عدد أفرادها كبيرا ويعيشون فى مسكن متواضع أو الصراع على التنكيل لأى طرف سواء الزوج والزوجة وعدم قيام رب الأسرة بتلبية متطلبات الأسرة والتأثير الأكبر إذا كان رب الأسرة ليس له دخل أو دخله محدودا فيكون عليه ضغوط نفسية مما يسهل عليه القيام بالعنف الجسدى أى الإصابة الجسدية للجسم بعد ما يقوم بالعنف اللفظى من تهديد ووعيد.
ويرى أبو ركيبة أن الحل يكمن فى نشر الوعى الثقافى ومعرفة الدوافع التى تؤدى إليه عن طريق تحكم الفرد فى تصرفاته وأهمها توعية النساء بالحقوق والواجبات الزوجية وتعريف الزوجة أن هدم كيان الأسرة ليس بالأمر السهل، وتصحيح بعض العادات والتقاليد والنظر إلى الصفات الجميلة فى كلا الطرفين سواء زوجا أو زوجة ويجب دعم المرأة ومنحها الثقة بالنفس وتعزيز دورها الأسرى.
ويختتم المستشار عصام رضا وجهة نظره قائلاً: إن الحالة المادية تعد القوة المؤثرة فى العنف الأسرى بين الزوجين وإن العامل المادى هو السبب الأكبر فى هدم كثير من البيوت ويجب تدخل الأهل والمساعدة اذا أمكن وتطبيق الآية الكريمة «وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين» صدق الله العظيم.
ظاهرة قديمة
ويقول د. عاصم الدسوقى أستاذ التاريخ بجامعة حلوان: إن العنف مصطلح ظهر منذ سبعينيات القرن العشرين، والعنف فى التاريخ بشكل عام ظاهرة قديمة جدا منذ أن أقدم قابيل على قتل أخيه هابيل، واللجوء للعنف يعبر عن حالة من اليأس فى علاج الموقف أو المشكلة بدلا من التفاهم بين أفراد الأسرة وسبب اللجوء إليه هو محاولة طرف فرض رأيه وسلطته على الآخر وغالبا ما يكون هذا الطرف هو الأب، ويجب علينا ألا نغفل بعض الدراسات التى تربط بين الوضع الاقتصادى الاجتماعى القائم وبين معدل الجريمة، فالأزمة الاقتصادية تفرض سطوتها على العلاقات بين أفراد الأسرة، خاصة أن التسامح أصبح فضيلة غائبة، وكلما زادت الأزمة الاقتصادية وضيق ذات اليد زاد العنف، والوضع الاقتصادى يزداد ضيقا، فالسكان يزدادون بمقدار مليون نسمة سنويا ومن يحتاجون للعمل يقدرون بنصف مليون.
ويؤكد الدسوقى أن العوامل السابق ذكرها تغذى العنف خاصة عندما لا ترى الأسرة فى الرجل قيمة الا أن يكون صاحب مال، وقديما قال الشاعر بيرم التونسي: آل ايه مراد ابن آدم قلت له طقه. آل ايه يكفى منامه قلت له شقة. قال ايه يعجل بعمره قلت له زقة. قال حد فيها مخلد قلت له لأ.
أخيراً بعد عرض كل وجهات النظر، القضية تبدو شائكة وخطيرة وتحتاج الى كل الجهود لإيجاد حلول لمواجهتها بشكل عاجل.

د. إسماعيل شاهين: الدين يدعو إلى بناء مجتمع سليم يرفض القسوة لبناء الأسرة
يقول الدكتور اسماعيل شاهين استاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر: إن الدين يدعونا الى التسامح والمودة والرحمة بدليل أن أول بناء للأسرة قال فيه المولى جل جلاله:«ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة»، والحق أن الشريعة الاسلامية هى الوحيدة التى أقرت حقوقا كثيرة للمرأة وجعلتها على قدم المساواة مع الرجل ورسمت الطريق لعلاقة سليمة فى حالة وجود نزاعات زوجية واذا دعت الظروف لضرب الزوجة فلا بد أن يكون غير مبرح، وأيضا دعت لتدخل أطراف من الأسرتين للاصلاح بين الزوجين، كل هذا من أجل بناء مجتمع سليم يرفض استعمال القسوة والعنف وبناء الأسرة المصرية السليمة ويؤمن ببناء مجتمع سليم كنتيجة لروح الود والتسامح بين أفراد الأسرة وكذلك المجتمع، ونهى الدين عن العنف والقصاص أو أن يضرب شخصً من ضربه، بل يترك الأمر الى ولى الأمر حتى يستتب الأمن ويكون المجتمع متكاملا متراحما قابلا للتنمية ويتبوأ أفراده أرقى مكانة اذا حافظ أفراد الأسرة على القيم والمبادئ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.