شريف الغمري : ظلت الولاياتالمتحدة ومؤسساتها السياسية وقياداتها العسكرية لسنوات عديدة تعلن للشعب الأمريكي وللعالم أن حربها في أفغانستان تدور أساسا مع حركة طالبان وتنظيم القاعدة, وفجأة ودون مقدمات ظهر اسم تنظيم عائلة حقاني الذي لم يكن متداولا سياسيا أو إعلاميا في الولاياتالمتحدة كتنظيم إرهابي تخوض الولاياتالمتحدة حربا معه. وأثار هذا القرار المفاجيء العديد من التساؤلات التي تقول, إذا كانت هذه المنظمة إرهابية ومتحالفة مع تنظيم القاعدة كما تقول الحكومة الأمريكية وأنها تضم قوة مقاتلة من خمسة ألاف مقاتل موزعون بين أفغانستانوباكستان, ومسئولة عن مقتل وإصابة أكثر من1300 جندي أمريكي, فلماذا كان التركيز في الحرب الدائرة في أفغانستان ولماذا كان هناك تجاهل سياسي وإعلامي لمنظمة عائلة حقاني؟. تقول التقارير الأمريكية التي تقصت أوضاع هذه المنظمة أن تنظيم حقاني يشبه المافيا في الجمع بين الجريمة متمثلة في تهريب المخدرات وعمليات القتل, أعمال مشروعة مثل المقاولات وبيع العقارات وتجارة السيارات.وبدأت عائلة حقاني التي تضم مجموعة من المقاتلين كواحدة من جماعات المجاهدين التي ظهرت في أفغانستان أثناء الإحتلال السوفيتي لها في السبعينيات, وكانت تربطها علاقة وثيقة بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية التي كانت تدعمها وتمولها وتتولي تدريب أفرادها, وكانت تربطها كذلك علاقة وثيقة بالجهاز التابع لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية في باكستان. ومؤسس هذه المنظمة هو جلال الدين حقاني الذي أسس هذه المنظمة بهدف مقاومة القوات السوفيتية التي كانت تحتل أفغانستان. وتركز أفراد المنظمة في باكستان في إقليم وزيرستان الملاصق للحدود مع أفغانستان. وفي عام2005 تقاعد جلال الدين حقاني مؤسس المنظمة وتولي قيادتها ولداه بدر الدين وسراج الدين, وتوسعت المنظمة ولكنها ظلت تضم أفرادا يرتبطون بصلة قرابة مع حقاني بحيث أصبحت تعرف علي بأنها تنظيم عائلي.وتقول المصادر القريبة من هذا التنظيم في باكستان أن منظمة حقاني مسئولة عن تنفيذ عدد من التفجيرات الإنتحارية, وإنها تقوم بتجنيد أفراد جدد من جماعة طالبان باكستان للإنضمام إليها. وإستطاعت تنفيذ عدد من العمليات في مناطق مهمة في أفغانستان من بينها تفجير إنتحاري وقع في العاصمة الأفغانية كابول وبالقرب مقر حلف الأطلنطي في وسط العاصمة, أدي إلي مقتل ثمانية من المدنيين وإصابة عدد أخر.وبالرغم من المواجهة التي تصاعدت من جانب الولاياتالمتحدة ضد تنظيم حقاني, فإن ذلك لم يمنع من وجود مفاوضات تجري بين المنظمة وبين الأمريكيين للتوقف عن الهجمات التي تتم ضد الأمريكيين. وقد أبدي عدد كبير من المصادر أن هذا التصعيد يمكن أن يوقف هذه المفاوضات خصوصا بعد أن تردد أن الغارة التي شنتها المخابرات الأمريكية الشهر الماضي علي أهداف تابعة لجماعة حقاني, وأدت إلي مقتل بدر الدين ابن مؤسس هذه الجماعة, وإن كانت مصادر أخري من جماعة حقاني نفت مقتله وقالت أنه مازال علي قيد الحياة. في نفس الوقت ذكر تقرير أمريكي نشرته صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية أن الخطوة الأمريكية لتصنيف جماعة حقاني كتنظيم إرهابي أجنبي يسمح للحكومة الأمريكية بالضغط علي الشركات الأمريكية أو علي أي دولة أخري لوقف التعامل التجاري والإقتصادي مع جماعة حقاني, وهو ما لم تكن تفعله الولاياتالمتحدة من قبل أي أنها كانت تتغاضي عن وجود علاقات مالية وإقتصادية اتنظيم حقاني مع شركات في الولاياتالمتحدة لذلك فإن تغيير الولاياتالمتحدة لموقفها يؤكد التساؤلات التي أثيرت عن التجاهل الذي كانت الولاياتالمتحدة تبديه نحو إسم ووجود جماعة حقاني وتركيزها علي طالبان وتنظيم القاعدة فقط, رغم علم الأمريكيين بتحالف حقاني مع طالبان وقيامها بأعمال إرهابية علي حد وصف الأمريكيين ضد قواتها في أفغانستان. و أن هذا التغيير من أهم أسبابه تصعيد تنظيم حقاني لأعماله الإرهابية ضد القوات الأمريكية. ويقول المحللون أن الولاياتالمتحدة ربما كانت قد إخترقت التنظيمات الإرهابية في أفغانستان من خلال علاقة خاصة بجماعة حقاني وإلا ما معني أن تسمح لشركات أمريكية بالتعامل معها, وربما يشير ذلك إلي أن خلافا شديدا وقع بينهما أدي إلي تغيير الموقف الأمريكي من هذه المنظمة. وهذا الشكل المتغير في العلاقة بين الولاياتالمتحدة ومثل هذه المنظمات ليس بالأمر الجديد فقد كانت للولايات المتحدة أثناء الوجود السوفيتي في أفغانستان علاقة قوية بتنظيم القاعدة, وكان عدد من أفراد القاعدة قد زاروا الولاياتالمتحدة وتلقوا تدريبات عسكرية في قواعد عسكرية أمريكية, وما أن إنتهي الإحتلال السوفيتي لأفغانستان حتي قامت الولاياتالمتحدة بوقف دعمها للقاعدة وإنقلبت العلاقة إلي عداء وحرب مستمرة منذ سنوات. من الواضح أن الحرب الأمريكية في أفغانستان لازالت بها كثير من الأسرار التي لم تتكشف ومن بينها إختراق المخابرات الأمريكية لبعض المنظمات الإرهابية هناك وهو جزء رئيسي من عملها, وربما تتكشف خلال الفترة القادمة حقيقة العلاقة التي كانت غامضة بين الولاياتالمتحدة وتنظيم عائلة حقاني.