هدأت العاصفة وسكن الريح وفرح كل أناس بما لديهم فى العيد، ثم ذهب العيد ليعود علينا عيد كبير بعد شهرين بهلال جديد. السؤال: هل ستثور العاصفة من جديد وتثير معها رياح الشك التى كادت تقتلع فرحتنا بعيد الفطر بسبب أناس لا يفقهون لا فى العلم الدينى ولا الحسابات الفلكية ولا يعرفون عن هلال الشهر العربى سوى أنه إذا ولد فقد بدأ الشهر، هذا جهل كشفه الجدال العقيم الذى ملأ صفحات التواصل ولم يجد من يرد عليه بالعلم والدين معا ولا خلاف بينهما أو قطيعة، ولأن للهلال ميلادا شهريا ولأنه حين سأل الناس فى الماضى قبل نزول الآيات عن الهلال يبدو فى أول الشهر دقيقا مثل الخيط ثم يعظم حتى يستوى ويستدير ثم يعود كما كان فلم يتركهم الله وأنزل فى قرآنه: و«يسألونك عن الأهلة قل هى مواقيت للناس والحج»، وقد نزلت الآيات لا لتجيبهم عن الجانب الذى يسألون عنه وهو سبب الظاهرة ولكن نزلت فى الجانب الذى ينفعهم فى حياتهم وهو أنهم يوقِتون بها عباداتهم من صيام وحج ومعاملات وبيوع وغيره. فى هذه المسألة بالتحديد يجب ألا يسمح بأن يشار إلى أن هناك جهتين تتصارعان أو تختلفان فى رؤية الأهلة وهما دار الإفتاء التى تمثل الشرع وهيئة الحسابات الفلكية، لأن هذا الخلاف وهمى وغير صحيح، لأن الحسابات الفلكية وسيلة دقيقة لتطبيق الشرع وليس إلغائه. يعرف الملاحون والجماعة البحرية والفلكيون أن الشفق البحرى أو ما يعرف بالغسق وهو الفترة من وجود الشمس أسفل الأفق بين 6 و12 درجة بعد الغروب بنحو من 25 إلى 30 دقيقة تكون رؤية الأجرام أوضح، ثم لكى نرى أى هلال لا بد أن يبقى بعد ميلاده فى السماء قبل غروبه مدة 25 دقيقة حتى يمكن رؤيته بالعين المجردة أو بالتلسكوب، وهنا مربط الفرس، فليس مجرد ميلاد الهلال يعنى بداية الشهر ولكن مدة بقائه بعد غروب الشمس التى تجعل رؤيته أوضح، وإلا فكما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: وإن غُمَ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوما. حقيقة علمية أخرى يعرفها الفلكيون ورجال الدين وهى وجود ثلاثة شروط إن توافرت تحققت الرؤية وإن غاب أحدها انتفت الرؤية وغُمَ علينا الأول حدوث اقتران القمر بالشمس معلنا دورة جديدة له حول الأرض والثانى غروب القمر بعد غروب الشمس والثالث أن يمكث القمر فى الأفق الغربى بعد غروب الشمس نصف ساعة قبل أن يغيب. يسأل سائل إذا كانت الأمور بهذا الوضوح فلم الاختلاف؟ يأتى الخلاف بسبب أن هناك رأيين فى المسألة، الأول يرى بتحرى الهلال والبحث عنه بالحساب الفلكى وبمجرد ميلاده دون رؤيته بوضوح وأصحاب هذا الرأى يدعون إلى اتباع نفس طريقة حساب مواقيت الصلاة وكذلك بداية الشهر الجديد ويأتى على رأس الدول التى تأخذ بهذا الرأى تركيا ويوافقها مجلس الإفتاء الأوروبى. حديث أخير فى هذه المسألة الكاشفة لعورة فى مجتمعاتنا وخُلُق الشك والتهور والعجلة وعدم التريث وعدم الثقة فى العلماء والنتيجة أننا لا نحسن التعامل مع الآخرين وهى رسالة لايمكن تحاشيها، روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا ينبغى للجاهل أن يسكت على جهله ولا للعالم أن يسكت على علمه. وقيل العلم خزائن مفاتيحه السؤال فإنه يؤجر فيه أربعة :السائل، والعالم، والمستمع، والمحب لهم. إذن لا ننكر السؤال للمعرفة ولكن ننكر السخرية وإحداث البلبلة والهرى والفتى بغير علم، ومن أجل أن يوفقنا الله إلى التفقه فى دينه والاهتداء بهديه فعلى مفتى الديار المصرية أن يغير من الطريقة التقليدية فى ظهوره وراء الميكروفون يلقى بيان دار الإفتاء دون شرح وليصاحبه متخصص فى الفلك ليشرح للناس لماذا اتخذ قرارا بتحقق الرؤية من عدمها وليتأكد الناس أنه لا خلاف بين العلم والشرع فى تحديد أوائل الشهور القمرية. لمزيد من مقالات سهيلة نظمى