يسارع البعض على مواقع التواصل الاجتماعى فى كل مرة تحدث فيها عملية ارهابية بنشر أخبار غير مدققة مجهولة المصدر معدومة الحقيقة عن العملية وعدد الشهداء وظروف تنفيذها وإثارة القلق بين الناس فى ظرف استثنائى لا يتحمل غير الجدية والمسئولية الوطنية وهى أخبار بكل اسف تؤثر سلبيا على المعنويات العامة وتثير البلبة فى أوقات عصيبة، ففى المحن لا مجال للاجتهادات الشخصية أو غيرها. يغيب عن عقل البعض خطورة النشر العشوائى وإعادة نقل مقاطع فيديو أو رسائل صوتية دون التأكد من مصدرها أو توقيتها وعدم تقدير سرعة انتشارها على الشبكة الرقمية فى زمن قياسى قد يخدم اهداف الإرهابيين. العدد الأكبر يتورط دون قصد، والبعض الآخر يفعل بسوء نية للإضرار بسمعة مصر التى تخوض مواجهة شرسة مع جماعات الإرهاب منذ سنوات وهو إرهاب دولى عابر للقارات له أجندة فشل فى تحقيقها على أرض مصر على الرغم من ضخامة المؤامرة. فى مثل هذه اللحظات المؤلمة فى تاريخ الوطن الواجب يحتم على كل مواطن أن يتعبد فى محرابه المهنى ويدعو بالنصر للأبطال من رجال القوات المسلحة والشرطة الذين يواجهون الموت بشجاعة دفاعا عن شرف أمة وكرامة وطن والدعاء بالرحمة للشهداء،وان ينتظر حتى تنتهى القوات من مهمتها فى مسرح الأحداث وتأمين نقل المصابين ومراجعة الموقف، فالوقت ليس لإخبار الناس بالتفاصيل وإنما لمواجهة اللحظة والتغلب عليها وإفشال المؤامرة ورعاية الأبطال المصابين وأسر الشهداء. يتعجب المرء من حالة الإلحاح التى يبدو عليها البعض وهم ينتقدون تأخر صدور بيان عن الحادث ونشر التفاصيل فى الوقت الذى لم تنته فيه العملية والمواجهة تكون مستمرة، وهذا منطق غريب جدا لا يحدث فى العالم شرقه وغربه، كما يظهر البعض الآخر قدرا عاليا من السذاجة جراء إسداء النصح للحكومة وصانع القرار وكتابة توصيات يجب تنفيذها كما لو كانت غائبة عن عقل صانع القرار او الجهات المسئولة، والبعض يبالغ فى كتابة مثل هذه النصائح التى أقل ما توصف به أنها خاوية دون أن تكون لديه اى معلومات أو معطيات عن الحالة الخاصة أو العامة, وبكل قطع ليس لدى هؤلاء أى معلومات أو تقدير موقف، ومن هنا تبدو جملة النصائح غاية فى السذاجة تخلو من العمق ورجاحة العقل، ومن يتابع هذه النصائح قد يحكم على من يكتبها باللوثة العقلية من غرابتها وتهورها فى آن واحد. فى بعض المواقف الشائكة التى لا تحتمل منازلة الهواة أو عبث المراهقين يكون المرء فى قمة الحسرة من هذا السلوك وهو يتابع كم التعليقات التى تملأ سماء شبكات التواصل الاجتماعى عن إحداثيات وأرقام لا تعرف طريق الواقع وعن مقارنات مع الشرق والغرب لا تستند إلى ارضيات متساوية أو قاعدة يحتكم إليها. غاية الأمر هو الابتعاد عن جلد الذات ومراعاة مشاعر الذين يواجهون الموت فى كل لحظة بعزيمة لا تلين وإصرار لا يهدأ، وانتظار البيانات الرسمية المسئولة التى تظهر الحقائق وتكشف ما يمكن ذكره حسب مقتضيات الأمن القومى وهذا طبيعى جدا ومتعارف عليه دوليا.. من الطبيعى أن يتفاعل كل وطنى مع الحدث ويبدى المشاعر التى تدعم وتساند رجال الجيش والشرطة وجموع المصريين وتجعلهم على قلب رجل واحد فى مواجهة خطر الإرهاب، وحالة الحزن كانت كبيرة صباح يوم العيد بعد حادث كمين العريش وكان يوم العيد من أصعب الأيام فهو يوم الفرحة وفى الوقت نفسه كان الحزن عارما على أرواح الشهداء، وما أعاد الطمأنينة إلى القلوب المتألمة هو سرعة القصاص من الارهابيين وتعقبهم فى مخبئهم والفتك بهم .كانت هذه هى الرسالة التى لم تتأخر الأجهزة فى إرسالها وهى القضاء على القتلة ومطاردة ما تبقى منهم وهى رسالة لا تكتب بالكلمات. فى قضايا الامن القومى تكون الاعتبارات الوطنية هى المحدد الرئيسى لعوامل النشر من عدمه، وهى سلطة مطلقة لصانع القرار حسب ضرورات الامن القومى ومصلحة الدولة ومراعاة مشاعر أسر الشهداء. لمزيد من مقالات ◀ ماهر مقلد