اثنان وخمسون عاما مضت على ذكرى الاثنين الحزين الخامس من يونيو 1967 الذى وقع فيه العدوان الاسرائيلى المسلح والمدعوم أمريكيا. وعبر هذا الزمن الطويل لم نركز, نحن العرب, على فقه الانتصار الذى يمحو التجاوز فى حق العرب ويجعل من يحاول النيل من أى دولة عربية أن يفكر بدل المرة ألف مرة. ولمجرد التذكرة فإن أبرز نتائج المواجهة العربية الاسرائيلية تتلخص فى جملة واحدة هي: قدرة الفكر العربى الاستراتيجى وإمكانيات المقاتل العربى غير المحدودة وعناصر القوة الشاملة العربية عسكريا واقتصاديا وثقافيا واعلاميا إلى جانب عبقرية الموقع الذى يحكم عقد مواصلات مهمة فى العالم بالإضافة بالطبع إلى العمق الحضارى لهذه الأمة العربية. ولقد أكدت مراكز الدراسات الاستراتيجية العالمية بعد 1973 أن العرب قد صاروا (القوة السادسة فى العالم) وكان الظن والمتوقع أن يحافظ العرب على هذه القوة وتنميتها فى إطار ما نقول إنه فقة الانتصار ولكن فإن كل دولة عربية انفردت بنفسها ولم تلجأ إلى شقيقاتها إلى فى المحن وبعد فوات الأوان والدليل على ذلك أن كل ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية, بل والاسلامية أيضا، قد عبروا عن العدوان الذى وقع على المملكة العربية السعودية ودولة الامارات وأدانوا ذلك فى قمة مكةالمكرمة منذ أيام. وهذا يعنى أن فقه الانتصار لم يكن موجودا بل كان غائبا مما شجع وحرض جماعات معينة مثل الحوثيين على التحرك ضد المصالح العربية بمساعدة إيران وغيرها فى حين أنه لو كان فقه الانتصار قائما باستراتيجية واضحة محددة تنذر وتخيف وتتوعد من يحاول الاعتداء على أى طرف عربى لما كان ممكنا أن يحدث وحدث. واتصالا فإنه حتى فى قضية فلسطين فكان متوقعا من قمة مكة اعطاء مهلة ثلاثين يوما مثلا لاسرائيل لكى تحدد موقفها من المبادرة العربية فإما أن تقبلها وتشرع فى الاجراءات التنفيذية وإما أن ترفضها وهنا يصبح العرب فى حل من الالتزام بمبادرتهم السلمية ويبدأون نحوا آخر لمعالجة القضية. إن فقه الانتصار ليس وقفا على مواجهة الكوارث والحروب وإنما هو اساسا معنى بإعلاء القيمة العربية والحفاظ على صورة الدين الحنيف ومواجهة (الاسلاموفوبيا) يوميا وبشراسة والتعامل مع كل دول العالم وجمعاته بقدر وبحسب ما يعاملنا به ووفقا لمصالحنا وهذا يتطلب إعداد استراتيجية متكاملة تحسن استثمار امكانيات العرب, وهى عديدة ومتوافرة, وعلاقاتهم بإفريقيا واسيا وأمريكا اللاتينية ومختلف دول العالم فإن للعرب قيمة مهمة ولديهم امكانيات مهمة، ومن الضرورى أن يتكاملوا مع بعضهم البعض حتى يجذبوا الآخر ويحتلوا المكانة اللائقة بهم . لمزيد من مقالات محمود مراد