فى تحقق لتوقعات الخبراء الاقتصاديين منذ بداية العام الجديد بأن تكون إيطاليا أهم بؤر الأزمات السياسية والاقتصادية بمنطقة «اليورو» المالية والاتحاد الأوروبي، يصدر خلال ساعات قرار المفوضية الأوروبية بشأن فرض »عقوبات« على روما إثر الإرتفاع القياسى فى حجم دينها العام. وذلك وسط مساع إيطالية للتعامل مع تجدد أزمتها الاقتصادية ما بين الضغط على بروكسل لتجاوز فكرة العقوبات، والتصويت البرلمانى لإصدار إيطاليا «عملة بديلة» لليورو. وأعلن رئيس وزراء إيطاليا جوزيبى كونتى أنه سيسعى لتجنب العقوبات والإجراءات التأديبية التى أوصت المفوضية الأوروبية بفرضها على روما. ووصفت بروكسل سياسات إيطاليا المالية بأنها تفتقر للتعقل، وتعرض البلاد إلى صدمة محتملة بخسارة ثقة الأسواق العالمية، وذلك وفقا لما ورد فى مسودة خطاب ينتظر صدوره عن المفوضية الأوروبية ويوجه إلى الحكومة الإيطالية. وكانت صحيفة «لا ريبوبليكا» اليومية الإيطالية قد نشرت مقتطفات من الخطاب المزمع، مشيرة فى تعليقها إلى مطالب المفوضية لروما بتقليص ميزانيتها بمقدار يتراوح ما بين 3 و4 مليارات يورو لتجنب مواجهة العقوبات. ونجت الحكومة الإيطالية نهاية العام الماضى من الخضوع لمثل هذه العقوبات، بعد أن توصلت إلى اتفاق مع المفوضية الأوروبية بشأن ميزانية عام 2019. وبموجب هذا الاتفاق، خفضت روما معدل العجز المتوقع لميزانيتها من 2٫4% إلى 2٫04% ولكن حزب «رابطة الشمال»، المحسوب على التيار اليمينى المتطرف والشريك الرئيسى فى الائتلاف الحاكم فى روما، قد طالب برفع مستويات الإنفاق بميزانية عام 2020. وجددت مطالب «رابطة الشمال » صدام الميزانية مع الاتحاد الأوروبي، خاصة عقب دعوة زعيم الحزب ماتيو سالفيني، والذى يشغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزير داخلية إيطاليا، لإجراء دول الاتحاد الأوروبى إجتماع عاجل لمراجعة القواعد المالية للاتحاد. ووصف سالفينى هذه القواعد بأنها سبب رئيسى وراء »إفقار«الإيطاليين والحيلولة دون نمو الاقتصاد لبلادهم. وأوضح سالفينى موقفه من القواعد المالية للاتحاد الأوروبي، مؤكدا: سنبذل كل ما فى وسعنا للالتزام بالقواعد المعمول بها. ولكن إذا كان طفلك يعانى الجوع، فهل تلتزم بالقواعد أم تراجعها من أجل توفير الطعام له؟ طفلك دوما يأتى فى المقدمة. وكشفت صحيفة «كورير ديلا سيرا» الإيطالية عن إجراء سالفينى مكالة هاتفية مع لويجى دى مايو، النائب الثانى لرئيس الوزراء الإيطالى وزعيم حزب «5 نجوم» الشعبوي، بحثا فيها إمكانية انتهاك قواعد عجز الميزانية التى تقرها قوانين الاتحاد الأوروبي. ولم يحسم تقرير ال «كورير» ما إذا كان سالفينى ودى مايو قد اتخذا قرارا فعليا بتجاوز حاجز ال 3% من إجمالى الناتج القومي، والذى تحدده السياسات المالية الأوروبية. وقد سارع حزب «رابطة الشمال» بالضغط على كونتي، مؤكدا ضرورة أن يتخذ توجها متشددا فى التعامل مع المفوضية الأوروبية، وألا يدخر جهدا فى الحيلولة دون تطبيق إجراءات تقشفية فيما يتعلق بمعدلات الإنفاق العام. فى الوقت نفسه، كشفت صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية عن تصويت البرلمان الإيطالى لمصلحة مقترح بإصدار روما عملة محلية جديدة يتوقع أن يكون لها دور أساسى فى تحقيق مساع القوى الإيطالية المناوئة لمشروع الوحدة الأوروبية، بإخراج روما من عضوية منطقة الوحدة النقدية الأوروبية «اليورو». ورغم أهمية التصويت بالنسبة للأجندة السياسة لحزب «رابطة الشمال» ذات التوجهات اليمينية المتطرفة، وما كان له من أصداء مقلقة فى أوساط المستثمرين، فإن بنك إيطاليا سارع برفض المقترح. وأوضح مسئولو البنك أن »العملة البديلة« ستشكل انتهاكا لبنود المعاهدات الأوروبية فيما يتعلق بصك العملة. وسارعت وزارة الخزانة الإيطالية بتأكيد استبعادها اتخاذ أى إجراءات تتم بناء على تصويت »العملة البديلة«.