صحابية كريمة جمع الله لها من المناقب والفضائل ما لم يجتمع لصحابية.. فهى فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف التى فازت بتربية سيد المرسلين والآخرين محمد بن عبد الله بعد وفاة جده عبد المطلب، وهى أم الفارس «على بن أبى طالب»، وهى جدة شباب أهل الجنة الحسن والحسين، وهى أم الشهيد الذى رآه النبى صلى الله عليه وسلم يطير بجناحيه فى الجنة مع الملائكة جعفر بن أبى طالب أحد الأمراء الثلاثة فى سرية مؤتة، وهى أيضا حماة سيدة نساء العالمين فى زمانها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة رضى الله عنها. علينا أن نقف جميعا وقفة تأمل وتدبر أمام هذا الدور العظيم الذى قامت به هذه الصحابية لخدمة هذا الدين العظيم، والنبى عليه السلام قال: «أنا وكافل اليتيم فى الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى» فما ظنكم بامرأة كفلت أعظم وأطهر يتيم فى الدنيا كلها ألا وهو الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم الذى كان يتمه تشريفا لكل يتيم فى الدنيا كلها، وكانت فاطمة بنت أسد تحوطه برعايتها وتشمله برحمتها حتى إنها كانت تخاف عليه أكثر من خوفها على أولادها.. كان أبو طالب فقيرا وكانت زوجته تشعر بأن أولادها لا يشبعون من الطعام، فلما عاش الحبيب محمد بينهم حلت البركة لأول مرة فى هذا البيت الكريم.. وتتوالى الأيام والسنون حتى جاءت اللحظة التى ينتظرها الكون كله وبعث الحبيب صلى الله عليه وسلم ليحمل الخير والنور للدنيا كلها ولما نزل عليه قول الله «وأنذر عشيرتك الأقربين» قام الحبيب يدعو قومه وعشيرته وأقاربه الى خير الدنيا والآخرة، كانت فاطمة بنت أسد من النساء اللاتى سارعن الى الدخول فى الإسلام، وأما زوجها أبو طالب فقد اعتذر اعتذارا لطيفا ولم يدخل فى دين الله.. ولما أذن الحبيب لأصحابه بالهجرة الى المدينة هاجرت فاطمة مع من هاجر لتنال أجر المهاجرين، وهناك فى المدينة ظلت فاطمة تعيش فى ظل الإيمان والتوحيد عابدة صائمة قائمة الى أن جاء اليوم الذى نامت فيه على فراش الموت لتلقى ربها، ودفنت بالمدينةالمنورة وأكرمها الله بأن نزل الحبيب صلى الله عليه وسلم فى قبرها ليدفنها، فرضى الله عنها وجعل جنة الفردوس مثواها.