متى وكيف بدأت الهجمات الانتحارية؟ سؤال يتبادر إلى الأذهان فى كل مرة ترد أنباء هجوم إرهابى جديد. يعود تاريخ الهجمات الانتحارية إلى ثمانينيات القرن ال19 وتحديدا عام 1881، عندما قتل متطرف ألكسندر الثانى قيصر روسيا، فى حين ظهرت أول صورة لسترة ناسفة فى 1930، عندما استخدمتها الصين فى حربها ضد اليابان التى كان لها أيضا تاريخ حافل بالعمليات الانتحارية، حيث حول الطيارون اليابانيون الانتحاريون (الكاميكازي) طائراتهم إلى أسلحة لمواجهة خصمهم. ولكن لم يلتفت الغرب إلى الهجمات الانتحارية سوى فى الثمانينيات من القرن الماضى خلال الحرب الأهلية فى لبنان، ولاسيما بعد أن استهدفت سيارات مفخخة السفارة الأمريكية فى بيروت، مما أسفر عن مقتل 63 شخصا، وثكنات تابعة لمشاة البحرية الأمريكية لقى فيها ما لايقل عن 231 جنديا أمريكيا مصرعهم ، لتصبح أكبر صدمة يتعرض لها الجيش الأمريكى منذ الحرب العالمية الثانية. وفى ذلك الوقت، كانت مجموعة صغيرة من متمردى «التاميل» يتلقون تدريبات على الأسلحة فى لبنان، لينقلوا خبراتهم إلى سريلانكا، حيث وقع أول هجوم انتحارى فى كولومبو عام 1987 مستهدفا ثكنات للجيش السريلانكي، مما أسفر عن مصرع 55 شخصا، كما شن انفصاليو التاميل حربا عنيفة ضد الحكومة السريلانكية بهدف إقامة دولة لهم شمال وشرق الجزيرة اغتالوا فى إحداها رئيس الوزراء السريلانكى راناسينج بريماداسا، وفى أخرى رئيس الوزراء الهندى راجيف غاندي. وعلى مدى 26 عاما من الحرب الأهلية فى سريلانكا، شن نمور التاميل أكثر من 130 هجوما انتحاريا، مما جعلهم أكبر مجموعة مسلحة تشن مثل هذه الهجمات فى ذلك الوقت وانتهت الحرب فى نهاية المطاف عام 2009 بتدمير معاقل التاميل. ومنذ ذلك الوقت انتشرت الهجمات الانتحارية فى الشرق الأوسط. ففى التسعينيات، كان المسلحون الفلسطينيون يلجأون للعمليات الانتحارية، قبل أن يستخدمها تنظيم القاعدة الإرهابى لاستهداف سفارتى الولاياتالمتحدة فى كينيا وتنزانيا، ثم المدمرة الأمريكية «يو. إس. إس. كول» قبالة اليمن ليصل إجمالى الهجمات الانتحارية فى جميع أنحاء العالم حوالى 350 هجوما وذلك منذ ظهورها. وفيما بعد جاءت هجمات سبتمبر والغزو الأمريكى لأفغانستان، تلا ذلك الحرب الأمريكية فى العراق عام 2003 التى أسهمت فى زيادة أعداد الهجمات الانتحارية بشكل حاد، خاصة بعد ظهور تنظيم «داعش» الإرهابي، مما أدى إلى تأجيج العنف الطائفى الدموى الذى وضع العراق على شفا حرب أهلية .