قائمة المنقولات لا تؤمن مستقبل الفتاة.. ومكاتب التزويج «سبوبة» الطلاق والخلافات الزوجية من أبرز المشكلات التي يعانيها مجتمعنا، لدرجة دفعت بعض الشباب أحيانا إلي العزوف عن الزواج أو مقاطعته والهروب منه، وفي التجارب غير الناجحة يردد أصحابها دائما «غلطتي الوحيدة أنني تزوجت»، وكأن الزواج «غلطة» ما كان ينبغي لهم أن يقعوا فيها، وذلك بالطبع من وجهة نظرهم!
هذه الرؤية التشاؤمية يرفضها الدكتور محمد وهدان الأستاذ بكلية الدراسات العربية والإسلامية بنات بجامعة الأزهر مؤكدا أن الزواج نظام عظيم لا يفسده إلا المتزوجون، وقد شرعه الله لأهداف عظيمة وحكمة بالغة، فقال تعالي «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة»، فقال «لتسكنوا إليها» وليس (لتسكنوا عندها)، أي يعود الزوج متعبا فتقابله الزوجة بابتسامة حانية، وقال تعالي «وجعل بينكم مودة ورحمة» ولم يقل «حب ورحمة»، لأن البيوت تبنى على المودة وحسن العشرة والاحترام، وليس الحب فقط، وهذا ما يغيب عن كثير من المتزوجين. هذا بالإضافة إلي غلبة العادات والتقاليد علي الشرع في كثير من أمور الزواج، فالناس تعودوا على أشياء معينة فيفعلوها دون تفكير فالفتاة تنظر لأقاربها الإناث، رغم أن الظروف قد لا تكون واحدة، ورغم أن الأصل أن نتبع الشرع وليس العادات والتقاليد لاسيما إذا كانت تخالف الشرع. فكتاب الله به كل شيء والرسول صلى الله عليه وسلم حسم كل شيء عن الزواج ولم يترك شيئا، فالعيب ليس في الشرع ولا في الزواج، بل العيب في الناس أنفسهم. الطلاق لماذا؟ ارتفاع نسبة الطلاق سببه الأساسي في رأي الدكتور وهدان أن الناس فهمت الزواج بطريقه خاطئة. وذلك لأننا نفتقد الثقافة الدينية الصحيحة، لاسيما في العلاقات الإنسانية، وعلي رأسها الزواج، فالمسجد والكنيسة قصرا في التوعية ووسائل الإعلام تسببت بقصد أو بدون قصد في ارتفاع نسب الطلاق لأنها تقدم نماذج في المسلسلات والأفلام لا تتسق مع الواقع، وما ينبغي أن يكون.. فيترتب على هذا مشكلة كبيرة في المجتمع وانفتحت الدنيا مع تزايد المشكلات الاقتصادية. وقال وهدان إن الزواج في مصر يعانى متاعب كثيرة في مقدمتها المغالاة في المهور، رغم أن الإسلام دعا الى عدم المغالاة فقال صلى الله عليه وسلم (أقلهن مهرا أكثرهن بركة) ولكن للأسف الشديد نحن كمصريين صعبنا طرق الحلال ويسرنا طرق الحرام على الشباب، والواجب ان يحدث العكس، فالشاب حينما يتقدم لخطبة أي فتاة يجد التعقيدات والمطالب التي لا تنتهي، ومعظمها شكلي، ودونما أدني مراعاة لظروفه أو ضغوط الحياة، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم زوج ابنته إلي على ابن ابي طالب بشيء بسيط، العجيب أن يحدث ذلك ونحن عندنا مشكلة العنوسة، فلدينا نحو8 ملايين فتاة عانس والواجب علي ولى الامر اذا جاءه شاب صالح لخطبة ابنته ان يتمسك به وييسر عليه. رفض وهدان الرهان علي قائمة المنقولات بوضعها الحالي كضامن لحفظ حق الفتاة وتأمين مستقبلها، وطالب بإلغائها، وقال إن «القائمة» أفسدت كثيرا من الزيجات وحالت دون إتمامها، وهي سلاح خرب كثيرا من البيوت، فإذا حدثت مشكلة بين الزوجين يسارع أهل الزوجة بمقاضاة الزوج بقائمة المنقولات، فيحكم عليه بالسجن..ومن ثم تغلق أبواب الصلح! وقال إن الحل الأمثل لحفظ حقوق البنت هو حسن اختيار الزوج الذي يحافظ عليها ويتقي الله فيها، وهو ما وضحه لنا النبي صلى الله عليه وسلم في قوله (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه). فاشترط الدين مع الخلق. اما قائمة المنقولات الزوجية فهي مشكلة تواجه المجتمع الآن والجميع يصرخ منها. وطالب بالتوسع في حملات التوعية والدورات التدريبية كالتي يقوم بها الأزهر ودار الافتاء للمقبلين علي الزواج، مع تنوع أساليبها ويقترح تعميمها وجعلها اجبارية بحيث لا يسمح بعقد القران إلا بعد اجتياز الشاب والفتاة هذه الدورات ليتعلم كل منهما كيف يعامل الآخر، لأن لدينا بعض النماذج السيئة التي تخرب البيوت لأسباب تافهة. وبسؤاله عن مواقع ومكاتب التزويج قال وهدان إن هذه المكاتب «سبوبة» تستهدف الحصول على المال ولا تسمن ولا تغنى من جوع، ولا توفر شريك الحياة المناسب كما يروج أصحابها، ومن ثم فإننا ننصح الشباب بألا يعتمدوا عليها. ويري وهدان أن الزواج السعيد لا يحدث مصادفة ولكن له مقومات أساسية، أولها تقوى الله عز وجل فعندما يتقي الانسان ربه يعيش حياة طيبة، وأن يوفي كل طرف حقوقه وواجباته، لكن المشكلة أن الزوج أو الزوجة ينسي واجباته ويطالب بحقوقه. كما طالب كل أم ألا تتدخل في حياة ابنها او ابنتها فتسلط بعض الحموات مشكلة كبيرة جدا، وكثير من السيدات تفسد حياتها بسبب تفاهات. ولا ننسي أن روشتة حل مشكلاتنا الزوجية لخصها القرآن الكريم في قوله تعالى «فاستجبنا له ووهبنا له يحيي وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين». أي عندما تريد السعادة افعل الخير والتزم الدعاء والخشوع لله. وبمناسبة شهر رمضان دعا د. محمد وهدان كل زوجين متنازعين إلي التصالح والتسامح، وإعلاء مصلحة الأسرة فوق المصلحة الشخصية، وبدء صفحة جديدة من الود والصفاء وطي صفحات الألم والخلافات، ولكى ينجح الانسان في التعاملات الاجتماعية لابد ان نغفر الاخطاء ونسامح دائما حتى تسير الحياه وتستمر .