ستظل «الكنافة» إحدى الأكلات الرمضانية لدى المواطن سواء كان غنيا أو فقيرا، ويحرص عليها مع قدوم شهر رمضان المبارك ،وتتفنن ربات البيوت فى إعدادها وإضافة المكسرات لها ..ورغم انتشار الأفران الآلى لتصنيعها لكن تبقى لكنافة الأفران البلدى فرحتها وطعمها المميز عند تناولها فى رمضان. يقول محمود على حسين 33 سنة- صاحب محل لبيع الكنافة - قمت بالحصول على قرض من أحد البنوك لإنشاء مشروع صغير أعيش منه وأسرتى وبعد طول تفكير وجدت ضالتى فى تجهيز محل لبيع الكنافة والقطايف، وبالفعل قمت بتجهيزه وافتتاحه قبيل رمضان مباشرة ، ووجدت الإقبال ضعيفا فى البداية ثم بدأ يتزايد باعتبار أن الكنافة من الوجبات الأساسية فى رمضان، ورغم وجود الفرن الآلى كنت حريصا على إنشاء فرن بلدى بجواره لأن لكل زبون طلبه، وهناك من يفضل الكنافة البلدى وترتسم البسمة على الوجوه خصوصا من الأطفال، وهم يتابعون تحرك الكوب »كوز العجين« لنثر خيوطه على الفرن البلدى . ولفت محمود إلى أنه كان يمارس المهنة منذ نعومة أظافره، ولكن الظروف تغيرت سواء بارتفاع ثمن طن الدقيق الذى وصل لنحو 6 آلاف جنيه، أو إيجار المحل والكهرباء، وارتفاع سعر أنبوبة البوتاجاز لتصل لنحو 135 جنيها بخلاف العمالة المعاونة، لافتا إلى أن حبه للمهنة ونفحات رمضان تجعله يتحمل حرارة الجو والفرن خصوصا أن وقت الذروة فى البيع والشراء يكون عقب صلاة العصر وهو نهاية يوم الصيام. ويقول أحمد رمضان -75 سنة- إنه ينتظر رمضان كل عام ليبنى فرنه البلدى الخاص به خارج قريته، حيث هناك ارتباط روحى بينه وبين فرن الكنافة الذى لا يتذكر بدايته وإن كان يعمل به منذ أن كان فى بداية شبابه وله زبونه الذى يحرص على الشراء منه مع تجدد الأجيال ،مؤكدا أن رمضان قديما كان بسيطا وله نكهته المميزة، أما الآن فقد طغت على الناس الظروف المادية ، لافتا إلى أن طفل القرية لايزال قلبه معلقا بفرن الكنافة ،حيث يحرص على الالتفاف حوله كل يوم. الكنافة ويضيف عزت رشوان "50 سنة" انه حريص على عمل فرن الكنافة البلدى فى منطقته خلال رمضان ، مضيفا أنه تم تطوير الأفران البلدي، فبعدما كانت الصينية "الطبلية" التى تتم التسوية عليها مصنوعة من الطين صارت من الصاج ،وبعدما كنا نستخدم المخلفات الزراعية من البوص والحطب فى إشعال الفرن، صرنا الآن نستخدم أنابيب البوتاجاز وكلها لا شك أثرت فى النكهة الخاصة بالكنافة، كما أن ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج ألقى بظلاله على القوة الشرائية من حيث الكمية المشتراة، وإن كانت زيادة عدد السكان عوضت جزءا منها، لافتا إلى أن بركة رمضان تجعل من الصعب سهلا. بينما تؤكد سارة محمد باحثة بهيئة التنشيط السياحى بأسيوط ان الكنافة حكاية رمضانية سنوية ممتدة عبر القرون، وهى من الأكلات التى تزين المائدة، حيث يقبل عليها الصغار والكبار كطقس رمضانى فقط. مؤكدة أن الكنفانى مهنة عريقة كان يمارسها يدويا صناع مهرة يعدون على أصابع اليد، وبدخول الماكينات بدأت الأفران البلدى تقل، ولكنها موجودة ،كما لا تزال عائلات فى أسيوط تتوارث المهنة. وأضافت سارة أن «كنافة» تعود تسميتها إلى اللغة الشركسية «تشنافة» من «تشنا» وتعنى البلبل و«فة» تعنى لون، وأول من اشتهرت فى عهده كان الخليفة معاوية بن أبى سفيان، حيث قُدمت كطعام فى السحور عندما كان واليا على الشام، ثم بعدها أخذت تنتشر على موائد السحور، وهناك من يقول إنها بدأت تنتشر بين العوام ،وبداية ظهور الأفران فى عهد الخليفة الأموى سليمان بن عبد الملك، وكانت تستخدم مواد من الطبيعة لإشعالها كالبوص والخشب.