في الذكري الحادية عشرة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر, وبعد سنوات طويلة من تنامي ظاهرةالإسلاموفوبيا وما تشكله من تحديات أمام الأقليات الإسلامية بالغرب, وما تزامن معها خلال الأعوام الماضية من محاولات متكررة للإساءة للإسلام والمسلمين, أفاق المسلمون علي موجة جديدة من العداء للإسلام, ودعوة خبيثة لتنظيم ما يمسي ب اليوم العالمي لمحاكمة الرسول!! وفي ظل بيانات الشجب والاستنكار والمظاهرات التي انطلقت في مصر والعديد من دول العالم, وموقف مصر الرسمي التي طالب رئيسها الدكتور محمد مرسي سفارتنا في واشنطن برفع دعوي قضائية ضد القلة المنحرفة من أقباط المهجر والقس الأمريكي تيري جونز وكل من شارك واعد الفيلم المسيء للرسول صلي الله عليه وسلم, والتظاهرات بيانات الشجب والاستنكار التي صدرت الأزهر الشريف والكنائس القبطية والمؤسسات الدينية لتحذر من الانسياق وراء دعاة الفتنة- فإن السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا نحن فاعلون تجاه المحاولات الغربية المتكررة للإساءة للدين الإسلامي ورسوله الكريم ؟ وما هو دور وواجب المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي ؟ وهل قصرنا نحن المسلمين في تعريف الآخر بديننا ونبينا الكريم ؟ والسؤال الأكثر أهمية هو كيف نحفظ هويتنا ووحدتنا الوطنية دون الانسياق وراء تلك الدعوات المغرضة التي تستهدف النيل من وحدة المصريين ؟ وهل قصرنا نحن المسلمين في توضيح معالم ديننا وسماحته ومخاطبة الغرب بلغة يفهمها وتصحيح تلك المفاهيم المغلوطة عن الدين الإسلامي الحنيف ؟! في البداية يرجع الدكتور محمد الشحات الجندي, عضو مجمع البحوث الإسلامية, الدعوات الخارجية التي تسيء للإسلام إلي عدم وجود معالم واضحة لتقديم الإسلام الصحيح أمام العالم الخارجي, وخاصة بعد ثورات الربيع العربي والتي لم تقدم خطابا إسلاميا مناسبا, فلا تزال دول الثورات العربية تعاني من العديد من المشكلات رغم أننا بالإسلام نستطيع أن نقدم حلولا أفضل للمشكلات ورؤية أصح للتعامل مع الواقع الحياتي في الدول العربية, ولكنها تعاني من مشكلات سياسية واقتصادية وبطالة وسوء توزيع للدخول وغير ذلك من الأمور التي تحدث قلقا ومطالب فئوية واحتجاجات ومظاهرات نشاهدها كل يوم, فضلا عن الدعوات إلي تقسيم وتفتيت أوطان باسم الدين والمذاهب المختلفة, وهي إن كانت بفعل مؤامرات خارجية إلا أن العديد من أبناء الدول العربية يشاركون في صنعها إما عن سوء قصد أو جهل وانسياق وراء دعوات وأطماع داخلية وخارجية تسيء قطعا إلي الإسلام والمسلمين, مما يلقي بظلال داكنة, ويطعن الإسلام في رواته ورموزه ومقدساته, ويستغل البعض ممن يضمرون العداوة للوطن ذلك لتنفيذ هذه المؤامرات الغربية لإحداث إنتكاسة ورده عن الإسلام الحق. ويضيف الدكتور محمد الشحات الجندي, إن التحدي الحقيقي الذي يواجه المؤسسة الدينية الإسلامية والمسيحية خاصة في مصر,بالإضافة للمؤسسات الإعلامية وكل المؤسسات الفاعلة في الوطن هو أن تتضافر جهودها معا لإنجاح تجربة الثورات العربية التي تنشد الديمقراطية والشوري والتخلص من الاستبداد والظلم وتطبيق العدالة وعدم التمييز بين أبناء الوطن كرد عملي قوي, ولإثبات أيضا قدرتها علي تقديم صورة جديدة للوطن تقوم علي الحرية والكرامة وتوفير المقومات الأساسية وتفعيل حق المواطنة إنطلاقا من روح الإسلام الصحيح ورؤيته المستنيرة دون ابتزاز ولا إقصاء لأي من أبناء المجتمع, فهذه الدول وخاصة مصر- باعتبار ريادتها التي تنبع من فكر الإسلام الوسطي الذي يقوده الأزهر الشريف, والذي تعايش في ظله المصريون جميعا عبر مسيرة طويلة من خلال اجيال انتمت لمصر وآمنت بهوية هذا البلد ودافعت عنها بلا فرق بين مسلم ومسيحي- وهذه المؤسسات جميعا مطالبة بان ترسخ مفهوم الوحدة ونبذ الطائفية ومساعي التفتيت والفرقة بين أبناء الوطن الواحد, وهذا هو أبلغ رد علي هذه الحفنة الضالة التي تريد الإساءة إلي الرسول صلي الله عليه وسلم, وتنفيذ مؤامرة أجنبية تريد إثارة الإحتقان بين أبناء مصر من المسلمين والمسيحيين. كما طالب الأزهر الشريف- بمعاونة الكنيسة عن طريق بيت العائلة وغيرها من الفعاليات- بقطع الطريق علي هؤلاء الذين يريدون الإساءة للدين الإسلامي ويبغون ويستهدفون وحدة الأوطان العربية وتقسيمها ما بين مسلمين ومسيحيين بدعوة باطلة وهي حماية الأقليات المسيحية المضطهدة وهو بالطبع قول عار من الصحة يروج له خصوم الوطن, ولا ينطلق من فكرة صحيحة عن الإسلام الذي يؤمن بالتعددية وحق كل مواطن في أن يمارس جميع حقوقه علي أرض وطنه. وأوضح أن هذا هو أبلغ رد ينبغي أن يقدم بصورة واضحة المعالم في داخل مصر والأوطان العربية جميعا وللعالم الخارجي حتي يمكن قطع دابر الفتنة وإبطال المؤامرات الأجنبية التي تسيء للدين الإسلامي ولرسوله. التطاول علي الإسلام من ناحية أخري يري الدكتور أحمد عمر هاشم, عضو هيئة كبار علماء الأزهر, إن الغرب ليس في حاجة إلي تصحيح صورة الإسلام ورسوله الكريم,بل هم في حاجة إلي أن يكونوا عادلين وعاقلين. ويضيف أنه طالما تكرر هذا التطاول في أشكال وصور عديدة, وأخيرا هذه الخطوة الخطيرة والمريرة التي قام بها هؤلاء الذين لا يراعون ذمة ولا ضميرا ولا دينا, فلا علاج لذلك إلا بمقاضاتهم دوليا, فلابد أن ترفع قضية في القضاء الدولي لمحاسبة هؤلاء الجناة, لأنه لو ترك الأمر هكذا دون عقوبة دولية حازمة ورادعة فسيتجرأ غيرهم ويستمريء هذا التطاول, بل وسيقابل أيضا بتطاول آخر علي رسل آخرين, ولذلك فحسما للفتنة وقطعا لدابرها أنادي المسئولين والقضاة والزعماء من العرب والمسلمين, والمؤسسات الدينية الإسلامية وغير الإسلامية أن تقف علي قلب رجل واحد لتحريك هذه القضية, والدفاع عن قدسية الأديان, كما اناشد المنظمات العالمية ومنظمات حقوق الإنسان القيام بدورها ورسالتها فورا لإخماد نار الفتنة التي قام بها ليس أعداء الإسلام فقط وإنما أعداء الإنسانية جمعاء. تطبيق تعاليم الدين أما الدكتور طه أبو كريشة, عضو هيئة كبار العلماء, فيطالب المسلمين جميعا في المقابل لمواجهة تلك الأحداث أن يزدادوا تطبيقا لتعاليم دينهم في كل مجالات حياتهم حتي يكونوا جديرين بقوله تعالي: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر. وعلي المسلمين في الخارج أن يكونوا خير دعاة لدينهم وعبادتهم وسلوكياتهم الأخلاقية ومعاملاتهم مع الآخرين.