"كورتا باجاما" وغطاء الرأس.. الزى التقليدي للصلاة يتمسك المسلمون الهنود بتقاليدهم الإسلامية في شهر رمضان؛ لأنه يميزهم عن بقية الطوائف الأخرى التي تمتليء بها الهند. يقول الدكتور أحمد القاضي رئيس قسم اللغة الأردية بجامعة الأزهر إن الاحتفال برمضان يبدأ باستطلاع الرؤية التي تحتل أهمية كبيرة عند الهنود المسلمين، حيث يخرج المسلمون للساحات العامة لاستطلاع هلال شهر رمضان، يرتدون أنظف الملابس، وتُحدد الرؤية من قبل الهيئات الشرعية للمسلمين، سواء كانت رؤية عينية أو حسابات فلكية. وعند ثبوت الرؤية يعانق المسلمون بعضهم بعضاً بكلمتي «رمزان مبارك»، في إشارة إلى «رمضان»، وتطلق الألعاب النارية، وتدق الطبول والدفوف ابتهاجاً ببداية الشهر الكريم خاصة في المناطق النائية. ويسبق بداية رمضان بقليل، وخاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية المسلمة، طلاء المساجد، وإحلال وتجديد لفرش المساجد، وتزيين المساجد والمطاعم بالأنوار، كما تُنظف الساحات المجاورة للمساجد استعداداً لصلاة التراويح، خاصة في مناطق دلهي القديمة وحيدر آباد وكشمير وكيرالا. والمساجد في الهند إما مساجد تاريخية تتبع هيئة الآثار، أو تتبع هيئة الأوقاف المسلمة، أو مساجد أهلية. ولكل طائفة من طوائف المسلمين مساجدها الخاصة لا يصلي فيها إلا أتباع هذه الطائفة. وفي كل مسجد إمام ومقيم شعائر حافظان للقرأن الكريم، والإمام ومقيم الشعائر لا بد أن يكونا ملتحيين ومعممين، ولا يجوز لأي أحد آخر إمامة المصلين في وجودهما، والجميع في الصلاة لابد أن يكون معمماُ. وتتسابق المساجد في ختم القرآن، وتقدم المشروبات والمأكولات الخفيفة بين وقفات صلاة التراويح، وتُقدم هذه الأشياء من أهل الخير بالتنسيق مع إمام المسجد، وحين تحين ساعة الإفطار تنير المساجد مآذنها حتى الانتهاء من صلاة الفجر. ووجبة الإفطار بين المسلمين في الهند تتم على مرحلتين رئيسيتين بعد كسر الصيام بالتمر واللبن وبعض المشروبات الخفيفة، فالكل يذهب إلى المسجد لأداء الصلاة، وإن كان البعض يُفضل أخذ هذه الأشياء من منزله إلى المسجد ويكسر الصيام مع المصلين، ويتناول الجميع هذه الأشياء بعد الأذان مباشرة، ثم تقام الصلاة، وبعدها يذهب كل حسب وجهته لتناول الإفطار. والصلاة غالباُ تكون قاصرة على الرجال، وفي كل أجزاء الهند يمكن مشاهدة المسلمين الذين يرتدون زي «كورتا باجاما» التقليدي وغطاء الرأس في طريقهم إلى أقرب مسجد، ولا سيما صلاة العصر والعشاء. وهذا الإفطار يعتبر الوجبة الخفيفة الأولى. وبالنسبة لما يتناوله المرء عند الإفطار، يختلف الأمر من منطقة لأخرى. أما الوجبة الرئيسية فتكون بعد صلاة التراويح، وهي عبارة عن اللحوم والأرز والخضراوات والخبز، وأطباق المطبخ الهندي الشهية من برياني وقورمة وكباب وكفته وتندوري وغير ذلك من الأطباق الشهيرة، ولوجبة ال«حليم» أهمية خاصة في رمضان؛ وهي عبارة عن اللحم المطهو مع حبات القمح لمدة لا تقل عن ثماني ساعات.. بعدها ينشغل المسلم بالعبادة ثم يستريح لحين موعد السحور، ووجبة السحورأو «سحري» ليست كما عندنا وجبة خفيفة، بل تُطهى فيها الأطعمة الهندية السابقة، حيث تقوم المرأة قبل الموعد بساعة لتجهيز السحور، ثم يذهب المسلمون إلى المساجد لأداء صلاة الفجر، وبعدها ينامون إلي أن يحين موعد أعمالهم، حيث لا توجد ساعات عمل مختلفة في رمضان عن غيره من الشهور، وساعات العمل في الهند طويلة تبدأ من الساعة الثامنة حتى الساعة الخامسة مساء بينها وقفة لمدة ساعة. والمسلمون في الهند يحافظون على سنة الاعتكاف، وخاصة في العشر الأواخر من رمضان؛ وهم يولون عناية خاصة بليلة القدر على وجه أخص، وهي عندهم ليلة السابع والعشرين. وهم يستعدون لإحياء هذه الليلة بالاغتسال والتنظف ولبس أحسن الثياب، وربما لبس بعضهم الجديد من الثياب، احتفاءً بهذه الليلة، وتقديرًا لمكانتها. وتجهز سيارات بميكروفونات للطواف بالأحياء الاسلامية في المدن الكبرى لإيقاظ الناس لتناول السحور، وهذا لا يعني عدم وجود «المسحراتي»، فهو لا يزال يؤدي دوره على أتم وجه في المناطق الريفية؛ وللجمعة الأخيرة «جمعة الوداع» منزلة خاصة، حيث يذهب الجميع إلى المسجد مبكراً، وقد ارتدوا أفضل الثياب.