جو «النعسان» كان الاسم الذي أطلقه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب علي سبيل التهكم والسخرية علي جو بايدن نائب الرئيس السابق باراك أوباما، الذي أعلن أخيرا عزمه خوض سباق الرئاسة العام المقبل. وفي أول جولة انتخابية له قبل أيام، طلب منه أنصاره أن يرد إهانة ترامب له، فقال بايدن إنه وإن كان لايود التدني لهذا المستوي، إلا أن الأسماء الساخرة التي يمكن إطلاقها علي ترامب كثيرة جدا، وأولها «المهرج». ورغم محاولته الظهور كمنافس قوي، فإن بايدن بصفة عامة ليس بالسياسي القوي اللامع المتقد الذكاء، كما أنه معروف بزلات اللسان وسوء التصرف في الكثير من المواقف. من نقاط ضعفه كمرشح رئاسي، أنه سياسي من داخل المؤسسة الحاكمة قضي عقودا طويلة عضوا في مجلس الشيوخ وانتهي نائبا للرئيس أوباما ثماني سنوات، هذا في الوقت الذي تبحث فيه القاعدة الشعبية داخل الحزب الديمقراطي عن وجه جديد وصوت شاب. ومنها أيضا مايشاع عن استغلاله مركزه السياسي لتحقيق مكاسب شخصية لأفراد أسرته، لاسيما ابنه «هنتر» الذي كان يصحبه في الجولات التي قام بها كنائب للرئيس لكي يعزز من مكاسبه رجل أعمال. ورغم نقاط ضعفه الكثيرة، لايزال بايدن -76عاما-الرهان الأفضل للديمقراطيين في انتخابات الرئاسة لبعض الاعتبارات التي تمثل جوانب قوة في ترشحه، منها أنه موهوب في خوض الحملات الانتخابية حيث يظهر دائما متدفق النشاط عند لقاء الجماهير والسلام بالأيدي وتبادل الأحاديث مع الناخبين. كما أنه شخصية سياسية معروفة بما يضمن جذب الكثير من التبرعات لتمويل حملته الانتخابية. ويستفيد بايدن أيضا من ارتباط اسمه باسم باراك أوباما الذي يتمتع بقاعدة عريضة من المؤيدين. يضاف لذلك أنه يمثل تيار اليسار الوسطي، في وقت تزداد فيه قوة اليساريين داخل الحزب الديمقراطي. لذا، كما تقول نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب، فإن مرشحا يمثل الوسط هو سبيل الديمقراطيين لاستعادة البيت الأبيض في 2020. من نقاط قوته أيضا تلك الصورة التي يعززها بايدن دائما في أذهان الناخبين الأمريكيين لنفسه كرجل عادي ونصير للعمال. ويراهن زعماء الحزب الديمقراطي علي هذه الخاصية لمنافسة ترامب في الدوائر الانتخابية التي تسودها أغلبية عمالية في ولايات الغرب الأوسط الصناعية. ويري تشارلز ليبسون أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاغو أن فوز بايدن في انتخابات الرئاسة مرهون بقدرته علي مواجهة عدة تحديات منها أن يقدم تصورا واضحا لسياساته في القضايا التي تهم الأمريكيين لاسيما الهجرة والرعاية الصحية وحيازة الأسلحة والإجهاض والضرائب. ومنها أن يصمد أمام الهجوم الذي سيتعرض له ليس فقط من قبل الجمهوريين، ولكن من داخل حزبه أيضا، وأن يتمكن من استمالة أنصار منافسيه الأكثر ميلا لليسار، لاسيما بيرني ساندرز. من التحديات التي تواجه بايدن أيضا قدرته علي إصلاح الضرر الذي لحق بسمعته بسبب استخدام نفوذه لتحقيق مصالح أسرية شخصية. وبما أنه يقدم نفسه كامتداد لأوباما، فإن علي بايدن أن يتحمل كذلك تبعات إخفاقات وفضائح هذه الحقبة، لاسيما تجاوزات أجهزة المخابرات. ويبقي التحدي الأكبر أمام بايدن لكسب الانتخابات هو قدرته علي التحكم في ردود أفعاله وضبط لسانه والتوقف عن التعليقات الجوفاء التي جلبت له الانتقادات في الماضي، وقد توقعه في الكثير من المتاعب كمرشح رئاسي.