بايدن - راين تماماً، كالزيت والماء لا يمتزجان! أقصد بايدن وراين المتنافسين علي المقعد الثاني في التذكرة الانتخابية لكل من أوباما ورومني علي التوالي. متباينان في كل شيء: الجيل، الشخصية، الرؤية، الأسلوب، وهوة عمرية تبلغ نحو ثلاثة عقود، وربما لا يكون ثمة قاسم مشترك بينهما سوي الصراع علي منصب نائب الرئيس الأمريكي خلال السنوات الأربع القادمة. ملمح آخر يجمع بينهما برغم كل شيء، فكلاهما يعد مخضرماً سياسياً، فإذا كان بايدن قد انتخب ست مرات عضواً في مجلس الشيوخ قبل أن يقفز للبيت الأبيض إلي جوار باراك أوباما منذ 4 سنوات، فإن منافسه راين اجتاز عتبة الكونجرس 7 مرات. جو بايدن »96 عاماً« وبول راين »24 عاماً« إذن الوجه الآخر للمعركة التي احتدمت علي مدي المرحلة القريبة الماضية، واشتد وطيسها خلال الأسابيع الأخيرة، قبل أن يلتقيا معاً في المناظرة اليتيمة بين الرجلين المرشحين لمنصب نائب الرئيس، وإذا كانت الثانية بالنسبة لبايدن الذي جربها في الموسم السابق للانتخابات فإنها كانت الأولي لراين، حتي أن منافسه لم يدع الفرصة تمر دون أن يستثمرها مازحاً بقوله: »أعتقد أنها أول مناظرة لبول، لكن ربما أكون مخطئاً، إنه ربما أجري أول مناظرة في المدرسة، لا أعرف«! وفي زمن يلوح فيه أفول الحلم الأمريكي، كان مثيراً ألا تأتي الانطباعات الإيجابية لصالح الشاب راين، وإنما تصب في خانة شيوخة بايدن! ولعل ذلك يعني في النهاية أن ثمة نقاطاً تدعم أوباما خصماً من رصيد رومني الذي اقترب كثيراً من منافسه في الاستطلاعات الأخيرة. »بايدن حقيقي وراين بلاستيكي«.. ربما كان هذا العنوان أكثر ما يلخص الفروق الشاسعة بين الوصيفين في الانتخابات الرئاسية -التي تشهدها الولاياتالمتحدةالأمريكية اليوم- لاختيار الرجل الذي يحكمها لفترة قادمة يلازمه نائبه كظله، فأيهما يكون صاحب الفضل في دعم فرص صاحبه؟! خبرات بايدن تتفوق علي منافسه راين، فالأول اعتلي سلم مجلس الشيوخ للمرة الأولي حينما كان عمر الأخير عامين، وخاض سباق الترشح للرئاسة مرتين، إلا أن ما يثقل كفة راين أنه بدأ اهتمامه بالعمل السياسي مبكراً، وسرعان ما سطع نجمه في صفوف الجمهوريين حينما وضع خطة مالية تبناها حزبه في مجلس النواب، باعتبارها »الميزانية البديلة« للطرح الديمقراطي الذي ترعاه إدارة أوباما الديمقراطية. وعملياً، وحين كان الرجلان في موقف المقارنة المباشرة، احتل راين موقع المدافع معظم الوقت خلال مناظرته مع بايدن المثقل بالخبرة، ومن هذه الزاوية فإن الناخب ربما يميل إذا لم يكن قد حسم أمره، أو كان لا ينتمي حزبياً، إن خبرة بايدن -لاسيما في السياسة الخارجية والامن القومي- بمثابة الملاذ الآمن إذا ما قفز إلي مقعد الرئيس حال تعرض الرجل الأول في البيت الأبيض لمكروه أو قضي نحبه، بينما تنخفض أسهم راين في هذا السباق. »العم چو« كما يدلل بعض الأمريكيين چوزيف بايدن صاحب رصيد أكبر بين الطبقات الوسطي والعمالية كمدافع عن البرامج الاجتماعية وحقوق الممثلين، فضلاً عن لغة خطاب مؤثرة في جنوبالولاياتالمتحدة ووسطها، إذا ما قورن برصيد أقل يحوزه راين في تلك الدوائر، بسبب إنحيازه للاغنياء ورجال الاعمال، وإن كانت وسامته جاذبة للشباب والنساء! عموماً، فإن الاختيار في المحصلة النهائية لن يكون بين بايدن وراين، لكنه في أحسن الاحتمالات سيكون بين الثنائي »أوباما بايدن« و»رومني راين« لكن يبقي التحدي: أي النائبين يثقل ميزان صاحبه؟ ومن يصبح الورقة الرابحة علي التذكرة الانتخابية لرفيقه؟ في المحصلة النهائية، من يقدر علي المساهمة في إقناع الناخب أنه ورئيسه المحتمل الأكثر تعبيراً عن الحلم الأمريكي في طبعته القادمة؟