أسامة الباز.. ثعلب الدبلوماسية المصرية    ترامب: تشرفت بلقاء الرئيس السوري أحمد الشرع وبحثنا سبل إحلال السلام في الشرق الأوسط    نجاح زهران ممداني حدث عالمي فريد    استعدادًا للتشغيل.. محافظ مطروح يتابع تأهيل سوق الخضر والفاكهة بمدخل المدينة    وزير الخارجية: نتوقع من المنتدى المصري الخليجي الاتفاق على صفقات كبرى لضخ استثمارات في مصر    أسعار العملات العربية والأجنبية أمام الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الكبير.. سعر الذهب يقفز 640 للجنيه اليوم الثلاثاء بالصاغة    سوريا توقع على إعلان تعاون مع التحالف الدولي لمواجهة "داعش"    نفسنة أم نصيحة، روني يشن هجوما جديدا على محمد صلاح    «في مبالغة».. عضو مجلس الأهلي يرد على انتقاد زيزو بسبب تصرفه مع هشام نصر    انهيار جزئي من عقار قديم بالمنيا دون خسائر بشرية    أمطار على هذه المناطق.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    وزارة الداخلية تكشف ملابسات واقعة السير عكس الاتجاه بالجيزة    انهيار جزئي لعقار قديم قرب ميدان بالاس بالمنيا دون إصابات    التعليم تعلن خطوات تسجيل الاستمارة الإلكترونية لدخول امتحانات الشهادة الإعدادية    بعد طلاقها من كريم محمود عبد العزيز.. رضوى الشربيني داعمةً آن الرفاعي: «المحترمة بنت الأصول»    وداعا إسماعيل الليثى.. كاريكاتير اليوم السابع يرثى المطرب الشعبى ونجله ضاضا    مع دخول فصل الشتاء.. 6 نصائح لتجهيز الأطفال لارتداء الملابس الثقيلة    من البابونج للسلمون.. 7 أطعمة تساعد على تقليل الأرق وتحسين جودة النوم    بعد إثارتها في مسلسل كارثة طبيعية، استشاري يكشف مدى حدوث الحمل بسبعة توائم    استغاثة أم مسنّة بكفر الشيخ تُحرّك الداخلية والمحافظة: «رعاية وحماية حتى آخر العمر»    بعد لقاء ترامب والشرع.. واشنطن تعلق «قانون قيصر» ضد سوريا    النائب العام يستقبل وزير العدل بمناسبة بدء العام القضائي الجديد| صور    محدش يزايد علينا.. تعليق نشأت الديهى بشأن شاب يقرأ القرآن داخل المتحف الكبير    نجوم الفن يتألقون على "الريد كاربت" في العرض الخاص لفيلم السلم والثعبان 2    نيسان قاشقاي.. تحتل قمة سيارات الكروس أوفر لعام 2025    التخضم يعود للصعود وسط إنفاق بذخي..تواصل الفشل الاقتصادي للسيسي و ديوان متفاقمة    بسبب خلافات الجيرة.. حبس عاطل لإطلاقه أعيرة نارية وترويع المواطنين بشبرا الخيمة    سعر الفول والدقيق والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    المغرب والسنغال يبحثان تعزيز العلاقات الثنائية والتحضير لاجتماع اللجنة العليا المشتركة بينهما    قوات الاحتلال الإسرائيلي تصيب فلسطينيًا بالرصاص وتعتقله جنوب الخليل    مفوضية الانتخابات بالعراق: أكثر من 20 مليون ناخب سيشارك في الاقتراع العام    صلاة جماعية في البرازيل مع انطلاق قمة المناخ "COP30".. صور    مشهد إنساني.. الداخلية تُخصص مأمورية لمساعدة مُسن على الإدلاء بصوته في الانتخابات| صور    مروان عطية: جميع اللاعبين يستحقون معي جائزة «الأفضل»    بي بي سي: أخبار مطمئنة عن إصابة سيسكو    اللعنة مستمرة.. إصابة لافيا ومدة غيابه عن تشيلسي    لماذا تكثر الإصابات مع تغيير المدرب؟    تجنب المشتريات الإلكترونية.. حظ برج القوس اليوم 11 نوفمبر    المعهد الفرنسي يعلن تفاصيل الدورة الخامسة من مهرجان "بوبينات سكندرية" السينمائي    اليوم السابع يكرم صناع فيلم السادة الأفاضل.. صور    تقارير: ليفاندوفسكي ينوي الاعتزال في برشلونة    إصابة الشهري في معسكر منتخب السعودية    زينب شبل: تنظيم دقيق وتسهيلات في انتخابات مجلس النواب 2025    خطوة أساسية لسلامة الطعام وصحتك.. خطوات تنظيف الجمبري بطريقة صحيحة    ياسمين الخطيب تعلن انطلاق برنامجها الجديد ديسمبر المقبل    نقل جثمان المطرب الراحل إسماعيل الليثي من مستشفى ملوي بالمنيا لمسقط رأسه بإمبابة    أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    رجال الشرطة يجسدون المواقف الإنسانية فى انتخابات مجلس النواب 2025 بالإسكندرية    أوكرانيا تحقق في فضيحة جديدة في شركة الطاقة النووية الوطنية    لماذا يجب منع الأطفال من شرب الشاي؟    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    نماذج ملهمة.. قصص نجاح تثري فعاليات الدائرة المستديرة للمشروع الوطني للقراءة    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    هبة عصام من الوادي الجديد: تجهيز كل لجان الاقتراع بالخدمات اللوجستية لضمان بيئة منظمة للناخبين    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى الشاذلى.. سلام سلاح
نشر في الأهرام اليومي يوم 11 - 05 - 2019

اصطف الجند لتحية الوداع، ودقت الطبول العسكرية ومر أمامهم الجسد الطاهر مدثرا بعلم مصر، فصاح كبيرهم سلااااام سلاح، فسلمت القلوب والعيون والعقول قبل البنادق والسلاح على القائد الغالى الراحل إلى عالم الخلود.
مر شريط العمر سريعا، منذ ما يزيد على نصف قرن، يوم توقفت امتحاناتنا بالجامعة، فقد تعرضت البلاد لعدوان غادر. استكملنا الامتحانات وتخرجنا فى الجامعة ومرارة الهزيمة تطغى على فرحة التخرج. جاء تكليفنا من كليات الهندسة أقسام الكهرباء وكليات العلوم أقسام الفيزياء لنلتحق بفرع الصواريخ المضادة للطائرات فى مدرسة المدفعية فى سلاح الدفاع الجوي.
قائد المدرسة العميد حلمى عفيفى، وقائد فرع الصواريخ الرائد مصطفى الشاذلى وأركان حرب الفرع النقيب فاروق طوبار ومجموعة متميزة من الضباط المعلمين كانوا فى استقبالنا. دخلنا إلى عالم جديد، حيث شهدنا كيف تتحول العلوم النظرية إلى تطبيقات عملية تحمى سماء الوطن درسنا الدوائر الكهربية، وتعلمنا كيف ندير منظومة الدفاع الصاروخى فى تكامل مدهش.
الدراسة كانت مكثفة والتدريبات متوالية تصل الليل بالنهار,عملا لا قولا، يتابعها مصطفى الشاذلى عن قرب، فعندنا اختبارات أسبوعية يعلن نتيجتها ويناقشها معنا ونحن مجتمعون، يشجع المتفوقين ويحاول مساندة المتعثرين، أحسسنا به جنديا صاحب رسالة قبل أن يكون قائدا عسكريا ينفذ الأوامر، ووجدناه إنسانا مرهفا يشعر بآلام الناس ويعمل على تخفيفها فدخل قلوبنا وسكن بها.
تخرجنا فى فرع الصواريخ لنلتحق بالوحدات المقاتلة ونشتبك فى حرب فعلية، كبدت العدو خسائر فادحة رغم تفوقه فى المعدات، وآمنت بأن الفارس وليس الفرس هو ما يصنع النصر، وظهر جليا أن المقاتل الجامعى قد شكل طفرة نوعية فى أداء الجيش المصري. استشهد منا زملاء أعزاء، أولهم عصام عبد الرحيم، ولحقه آخرون. ودارت ملحمة حرب الاستنزاف التى شارك فيها أبناء مصطفى الشاذلى الذى انتقل قائدا على جبهة القتال وأبناء الفريق حلمى عفيفى الذى أصبح قائدا لقوات الدفاع الجوي.
وأذكر أننى ذهبت يوما لزيارة العميد مصطفى الشاذلى فى غرفة العمليات بموقعه الجديد فى الفرقة التى يقودها، وجاءت لحظة اشتباك، فوجدت أسدا جسورا يصيح فى الضباط والجنود كل يدير مهمته بإتقان، تراجع الهدف منحسرا فكانت اللحظة الوحيدة التى تبادلنا فيها كلمات التحية.
تدور الدنيا ونتباعد فأذهب إلى بريطانيا لاستكمال دراستي، وأتابع أصداء حرب العبور، تدمع عيناى وأنا أشاهد على شاشة التليفزيون الإنجليزى جنودنا البواسل يعبرون القناة ويهتفون الله أكبر.
أعود إلى الوطن وأتسلم العمل بالجامعة، أجد ذات يوم طالبا جالسا فى الامتحان بهندسة الإسكندرية، اسمه أحمد مصطفى الشاذلي، أتابعه عن بعد، وأحمل نتيجة الامتحان إلى الوالد، فيشكرنى ويشدنى إلى صدره ليقبلنى لأول مرة فى معرفتنا الطويلة.
تمر السنون وتتغير الأحوال، ويصبح الفريق مصطفى الشاذلى قائدا لقوات الدفاع الجوي، ثم سفيرا لمصر فى ليبيا، ثم يعود مستقرا فى الإسكندرية، أجلس معه فى شرفة شقته المطلة على حديقة نادى الإسكندرية الرياضى فأسمع منه حكايات عن لقاءات مع رؤساء وحكام ومسئولين فى أوقات حرجة، فأسأله إن كان يفكر أن يكتب شهادته للتاريخ، فينظر إلى دون أن يعلق، فأعلم من نظرة عينيه أنه لن يفعل.
تتقاعد دفعتنا الذين خاضوا الحرب شبابا مقاتلين ورجالا قادة لكتائب الدفاع الجوى وألويته، فقد أصبحوا الآن شيوخا، أو تحولت مساراتهم الوظيفية، ولكنهم يحافظون على روابط المودة، فيلتقون شهريا فى دار الدفاع الجوي، ومرة فى كل رمضان على مائدة الإفطار فى منزل اللواء وائل الخفيف فى حلمية الزيتون، يحكون الحكايات والذكريات والمواقف والطرائف، وأسأل هل يطوى النسيان فرقة الضباط الذين شكلوا يوما العمود الفقرى لكتائب الصواريخ وشكلوا المظلة الواقية لسماء مصر، فالعدد يتناقص فى كل لقاء رمضاني، وتتساقط أوراق الخريف فما بالك بجذع الشجرة القوي. ولكن هذه هى سنة الحياة، فحين أنظر إلى الأبناء والأحفاد لزملاء الدفعة أرى أشجارا جديدة تنبت، وأوراقا جديدة تزدهر على الشجر.
يمضى العمر ويشهد القائد عيد تحرير سيناء قبل رحيله عن الدنيا بثلاثة أيام، ولعله استرجع ذكريات شارك فيها قائدا ومقاتلا ومعلما لكى يرفرف علم مصر على آخر بقعة تم تحريرها من الأرض المصرية قبل ثلاثة عقود.
وينتهى شريط الذكريات لأنادى بصوت المودع :سلااااام سلاح.
------------------
أستاذ بجامعة الإسكندرية
لمزيد من مقالات د . شريف قنديل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.