شهر رمضان ليس شهر متعة، ولا أكل، ولا تسال، ولا سهر، وإنما هو شهر عبادة ونشاط وجد واجتهاد وتوسط فى كل شيء، فلا يصح أن يستدين المسلم فى رمضان للإسراف فى الأكل الذى يؤدى إلى التكاسل عن أداء الطاعات، ويؤدى إلى ضياع المال، وفقد الصحة. فمن العادات والمظاهر السلبية التى تنتشر فى المجتمع، كظاهرة الإفراط فى تناول المكسرات والحلويات فى رمضان، وما تسببه من إسراف، ومن أمراض، وزيادة فى الوزن، فى بلد يئن اقتصاده، ويعانى كثيرا من المشكلات، فى حين يجب توظيف هذه الأموال فى مكانها الصحيح من الإنفاق الخاص والعام. وطالب علماء الدين بالابتعاد عن الاسراف والتبذير فى الاكل والشراب والانفاق على العموم، وبوجه خاص فى شهر رمضان المعظم، وكذلك الكهرباء والطاقة والمياه، مؤكدين ان الشهر الكريم دعوة الى الترشيد فى الاستهلاك، وليس للاسراف، حتى يبلغ المسلم الفائدة والثمرة المرجوة من الصيام، مطالبين بضرورة التوعية المسبقة، بخطورة السلوكيات الخاطئة والمظاهر السلبية حتى يمكن تجنبها والتقليل منها. يقول الدكتور جمال فاروق عميد كلية الدعوة بالقاهرة، إن الاسراف فى شهر رمضان وغيره من الشهور منهى عنه، فانفاق الأموال على هذه المأكولات والمشروبات، دون الاستفادة منها، مخالفة لتعاليم ديننا، وأمر ينكره الشرع ويحرمه ويزيد فى تحريمه الاسراف المنهى عنه، مشيرا الى ان الدين الاسلامى الحنيف قد نهى عن الإسراف والتبذير، ودعا إلى الترشيد فى الإنفاق والاستهلاك، قال تعالى» يا بَنِى آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ»، كما نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن الاسراف فى ماء الوضوء حتى ولو كان الانسان على نهر جار، موضحا انه يجب علينا ونحن فى الشهر الكريم ان نحرص على الالتزام بهدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يظهر علينا أثر نعمة الله - سبحانه وتعالى - ولكن دون سرف، يقول صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح: «كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير مخيلة ولا سرف، فإن الله يحب ان يرى أثر نعمته على عبده»، وما أحوجنا فى هذا الشهر إلى ان نلتفت إلى ما نحن عليه من أمور سلبية وخاطئة فى حياتنا، فنتقى الله، وليكن شهر رمضان منطلقا وبداية لتصحيح هذه الأخطاء وان نحرص على عدم الاسراف والتبذير، وان نبدل هذه العادة السيئة إلى عادة حسنة، فنبقى على ما كان يطهى ويطبخ، ثم نقوم بتوزيعه على المستحقين من الفقراء والمساكين. اعتقاد خاطئ وأشار الى ان الترشيد أصبح من الفضائل الغائبة خلال شهر رمضان المبارك فى معظم البيوت المصرية، حيث نجد كثيرين يبذرون ويسرفون على المأكل والمشرب إسرافا كبيرا، وهى عادات تتنافى مع الحكمة الشرعية التى شرع الصيام من أجلها وهى العبادة، ومن ثم لا يأكلون ما يطهون وتكون سلة المهملات مصيره بعد أخذ الحاجة منه والتى لا تصل للنصف فى أحسن الأحوال، والمؤمن مطلوب منه الاقتصاد فى المعيشة، لما فيه من شكر لنعم الله عليه قال تعالى «ولئن شكرتم لأزيدنكم»، ويعود سبب التبذير فى شهر رمضان إلى الاعتقاد الخاطئ بين الناس بأن رمضان شهر الجود والخيرات والكرم والتلذذ بأصناف الطعام المختلفة وغير المعتادة فى الأيام العادية، فينكب أرباب البيوت على الأسواق يأتون بحاجيات الشهر المتناثرة عند أبواب المحال التجارية بكميات كبيرة، قد لا يستخدمونها طوال الشهر لزحمة المائدة بأصناف الطعام والشراب. توعية إعلامية وفى سياق متصل، يرى الدكتور محمود يوسف أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، ضرورة التوعية المسبقة قبل قدوم شهر رمضان المبارك، بخطورة الاسراف وأهمية الترشيد وفائدته وأثره الطيب فى الفرد والمجتمع، من خلال الاعلام بمختلف وسائله، ودور العبادة وخطب الجمعة والدروس الدينية المتنوعة، وايضا استخدام مواقع التواصل الاجتماعى لما لها من تأثير مباشر فى قطاع عريض من الناس، وذلك حتى يعلم الجميع ما يفعله فى الشهر الكريم، وما يتجنبه من السلوكيات السيئة، مشيرا الى ان الاسراف لم يعد يقتصر حاليا على الأكل والشرب، بل امتد الى الكهرباء من خلال تعليق الزينة الكهربائية فى الشوارع والميادين، والمياه سواء فى الاستخدام الآدمى أو رش الشوارع، وكذلك الوقت وضياعه فيما لا منفعة فيه، حتى البرامج الدينية تتغول عليها الاعلانات، مما يجعل المستمع يتشتت، وينصرف عن الاستماع الى ما يقدم من مادة اعلامية مقطعة، ناهيك عن الدراما المقدمة التى لا تليق بحرمة الشهر وقدسيته، كل هذا حتما يؤدى الى عدم الانتفاع بأوقات ونفحات الشهر الكريم، ويقع فى دائرة الاسراف المنهى عنه، مطالبا كل بيت وأسرة بالتوسط فى الإنفاق، والبعد عن مظاهر الإسراف فى حياتهم.