لأن هذا الفتى أتم الثالثة والعشرين من العمر دون أن تكون له أى خبرة فى أى مجال عمل أو يفلح فى العثور على أى وسيلة للكسب، وسنحت له فرصة العمر بأن يجد عمارة يعمل بها بوابا فى شارع لا يقف به سايس سيارات، قرر احتراف تلك المهنة التى ولدت سفاحا فى شوارع القاهرة نتيجة علاقة آثمة بين الزحام والبلطجة، لكن لأن علاء البواب يعمل فى مدينة نصر ويمكن أن يجد نفسه عائدا رغم أنفه فى ترحيلة أمنية إلى قريته بمركز أطسا بالفيوم، قرر أن يستبدل بملامح البلطجة، ملامح الغلب والمسكنة والتى يصلح لها نفس الوجه بنظرة انكسار مفتعلة وهو يؤدى عمله فى ركن السيارات للسكان حتى اشتهر بأنه «سايس» أكثر من كونه البواب. كثيرون اعتبروا علاء محظوظا، فهو يعمل فى منطقة راقية مكتظة بالسيارات وكغالبية شوارع القاهرة يصعب العثور على مكان لانتظار السيارة، ولذلك يجزل سكانها العطاء له، وقد تكون مهنته بداية طريقه لرحلة صعود لم يعد أحد يستغربها قد تنتهى به مالكا لما هو أكثر فخامة من عمارات وسيارات الشارع الذى يمارس فيه عمله. أفلح علاء فى كسب ثقة السكان فى عمارته أو فى العمارات المجاورة ولأنه كان ماهرا فى تدبير أماكن للانتظار، كانت السيدة «سالى» التى تسكن فى شقة بالطابق الخامس بإحدى عمارات الشارع عندما تجده تتهلل فرحا لأنها لن ترهق نفسها بالبحث عن مكان لانتظار سيارتها. كانت السيدة تعامل علاء، معاملة حسنة وتمدح فيه إخلاصه وأمانته، فتبادره دائما بابتسامة تشجيع بسبب معاناته التى تلمسها كل يوم عند البحث عن مكان للانتظار، لكن صفحة وجه علاء كانت تخبئ الكثير مما يعتمل فى صدره، فقد دبر علاء شيئا عندما سلمته السيدة سالى مفتاح سيارتها ليقوم بركنها ويصعد بعد ذلك ليسلمها المفتاح كالعادة. ولأنه سايس المنطقة وبواب العمارة المجاورة للعمارة التى تقطن بها، فقد كان هذا الإجراء عاديا، ولكن غير العادى هو ما قرره علاء عندما أعطته المفتاح وهى تبشره بأنها أعدت له وجبة غداء شهية كمكافأة إضافية وسوف تعطيها له عندما يصعد إلى شقتها ليسلمها المفتاح. »إلى متى ستظل بواب عمارة وسايس جراج ينظر إليك السكان بازدراء أو حتى بعطف وكأنك مريض لا يرتجى له الشفاء ثم إذا هم يلقون إليك بالفتات؟!». »وهذه السيدة التى لديها طفلان أكبرهما فى الرابعة، ألا يمكن أن يكون هو رجلها؟!.» «ما المانع أن يكون هو الرجل؟!.. ثم إنه شاب فى الثالثة والعشرين بينما هى فى الثلاثين، فليكن فارق السنين مقابلا لفارق الثراء والمستوى الاجتماعى». ألا يمكن أن تحبه كما يحدث فى أفلام السينما والقصص التى يسمعها عن عشق السيدات الجميلات للشباب الأسمر مفتول العضلات شبيه النجم المحبوب أحمد زكي؟!». مثل هذه الأسئلة وردت بصيغ مختلفة وعلاء يتخذ خطواته نحو باب شقة السيدة التى فتحت له الباب بابتسامتها المعتادة وهى تخطو نحو المطبخ لتحضر له الوجبة التى وعدته بها بعد أن قامت بلفها بإحكام، وكانت سالى آمنة لخطواته خلفها، فكثيرا ما كانت تكلفه بأعمال داخل الشقة من حمل أشياء أو نقلها، لكنها فزعت عندما وجدته يحيطها بذراعيه باندفاع مجنون وشهوة شيطان، فالتفتت إليه لتقاومه بكل قوتها حتى أنشبت أظافرها فى جلده وراحت تستغيث بأعلى صوت، لكنه اندفع بجنون نحو سكين فى المطبخ وراح يكيل لها الطعنات حتى سقطت جثة هامدة وسط بركة دماء، وراح كالمجنون يبحث عن أى شيء لسرقته، فقد كان يعلم أنها على درجة عالية من الثراء، فلم يجد غير هاتفى محمول ومبلغ 300 جنيه فقط فازداد جنونا على جنونه وبدأ يعاود البحث عن أى شيء يصلح للسرقة، لكن دقات جرس باب الشقة أفزعته، فلابد أن أحد قد سمع باستغاثتها، فاندفع نحو نافذة دورة المياه بالشقة للهرب وحاول النزول متسلقا مواسير المجارى ولكنه سقط من الطابق الخامس على سطح مبنى صغير خلف العمارة وعندما حاول النهوض، لم يقدر، فقد أصيب بكسر بكلتا ساقيه الاثنتين نتيجة لسقوطه. وفور الإبلاغ بوقوع الجريمة والعثور على السيدة سالى قتيلة، وبها عدد من الطعنات فى أماكن متفرقة من جسدها مع وجود آثار مقاومة وبعثرة فى بعض أركان الشقة، امر اللواء علاء سليم مساعد وزير الداخلية لقطاع الامن العام بتشكيل فريق بحث لسرعة كشف غموض الحادث وعثر على سكين ملوثة بالدم فى دورة المياه التى وجدت نافذتها مفتوحة، ويرجح أن يكون الجانى قد هرب منها ولكن الجانى بعيدا فقد أعجزته إصابته ولم يتمكن حتى من الوقوف على قدميه. وتمكن اللواء محمود أبو عمرة مدير الادارة العامة للمباحث الجنائية بقطاع الامن العام واللواء محمود السبيلى مساعد مدير الادارة العامة للمباحث الجنائية بقطاع الامن العام من القبض على المتهم ليدلى بتفاصيل جريمته التى ظهرت آثارها على عنقه بخدوش صغيرة من جراء أظافر ضحيته لتأمر النيابة بحبسه على ذمة التحقيق بعد ان وجهت إليه عدة تهم فى مقدمتها القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.