هل فكرت أو خطر على بالك فى يوم من الأيام أن تسعد شخصا ولو حتى على سبيل «المحاولة» أعتقد أنك لو فعلت هذا الأمر فإنه وبكل تأكيد سوف ينعكس ذلك بشكل إيجابى على هذا الشخص بل وعليك أنت أيضاً. فبينما كنت أفكر فى موضوع «السعادة» وبث الأمل فى نفوس الآخرين تذكرت حكاية المريض «المسكين» الذى كان يستعد لإجراء جراحة دقيقة وكانت حالته النفسية سيئة للغاية لأنه كان على علم بخطورة تلك العملية.. فدخلت غرفته سيدة أنيقة ترتدى بالطو أبيض وفى يديها تشكيلة من الزهور المبهجة واخبرته بأنها الممرضة المسئولة عن رعايته وفى أثناء قيامها بتنسيق الزهور ظلت «تدردش» معه فسألته عن الطبيب الذى سيقوم بإجراء الجراحة له وما إن أخبرها باسمه حتى اندهشت بشدة وقالت له إن هذا أمر مستحيل لأنها تعلم أن الطبيب مشغول جداً وليس لديه وقت كاف لإجراء تلك الجراحة فهو معروف عنه أنه لم يفشل فى اى جراحة من هذا النوع على مدى تاريخه الطبى الطويل ففرح المريض وظهرت علامات السعادة على وجهه ودخل غرفة العمليات وأجرى جراحة ناجحة بكل المقاييس رغم أن جميع الدلائل كانت تشير الى أنه سوف يموت لا محالة لصعوبة الجراحة من ناحية وبسبب تدهور حالته الصحية والنفسية من ناحية أخرى. وبعد خروجه من غرفة العمليات كانت فى انتظاره مفاجأة من العيار «الثقيل» وهى أن تلك السيدة ليست ممرضة ولا علاقة لها بالتمريض وإنما هى أخصائية نفسية مهمتها الأساسية خلق حالة من السعادة للمرضى ورفع معنوياتهم وبالتالى تصبح لديهم قدرة هائلة على مقاومة المرض وقهر اليأس والتشبث بالحياة. اعتقد أن أعداداً كبيرة من المرضى والأصحاء على حد سواء أصبحوا الآن فى أشد الحاجة لمثل هذه الاخصائية النفسية «حاملة الورد» فكثير منا على وشك السقوط فى بئر اليأس والاستسلام للمرض والانسياق نحو النهاية فى هدوء قاتل وصمت يشبه الى حد كبير «صمت الحملان» الذى جسدته النجمة جودى فوستر فى فيلمها الشهير الذى يحمل نفس الاسم. لمزيد من مقالات أشرف مفيد