" بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو في محافظات مصر    «واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» .. موضوع خطبة اليوم الجمعة    محافظ جنوب سيناء يبحث مع رئيس الجهاز المركزي للتعمير عددًا من المشروعات    مدارس النصيرات بغزة في مرمى نيران الاحتلال ووقوع شهداء    فصائل عراقية تعلن استهدف موقع إسرائيلي حيوي في إيلات بواسطة الطيران المسير    جهاد جريشة: لا بد من محاسبة من تعاقد مع فيتور بيريرا.. ويجب تدخل وزرارة الرياضة والرابطة    وليد عبدالوهاب: نهائي الكونفدرالية سيكون تاريخيا..وجاهزين بالسعة الكاملة لاستقبال الجماهير    سيد عبد الحفيظ ل أحمد سليمان: عايزين زيزو وفتوح في الأهلي (فيديو)    بعد اختفائه 12 يومًا.. العثور على جثة الطفل أدهم في بالوعة صرف بالإسكندرية    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    أحمد السقا يكشف عن مفاجأة لأول مرة: "عندي أخت بالتبني اسمها ندى"    شريف الشوباشي: أرفض الدولة الدينية والخلافة الإسلامية    محافظ الغربية: تقديم الخدمات الطبية اللائقة للمرضى في مستشفيات المحافظة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 17 مايو 2024    كارثة تهدد السودان بسبب سد النهضة.. تفاصيل    تركيب المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلي بمفاعل محطة الضبعة النووية    عاجل - واشنطن: مقترح القمة العربية قد يضر بجهود هزيمة حماس    براميل متفجرة.. صحفية فلسطينية تكشف جرائم إسرائيل في غزة    انقسام إسرائيلي حول غزة يعقد سيناريوهات إنهاء الحرب    الدراسة بجامعة القاهرة والشهادة من هامبورج.. تفاصيل ماجستير القانون والاقتصاد بالمنطقة العربية    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    عيار 21 الآن في السودان وسعر الذهب اليوم الجمعة 17 مايو 2024    برشلونة يعزز وصافة الدوري الإسباني بانتصار على ألميريا    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    حسين الشحات : نحترم تاريخ الترجي ولكننا نلعب على الفوز دائما    بهذه الطريقة.. اضبط تردد قناة كراميش 2024    شروط الحصول على المعاش المبكر للمتقاعدين 2024    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    بعد ساعات من انتشار الفيديو، ضبط بلطجي الإسماعيلية والأمن يكشف ملابسات الواقعة    حالة الطقس اليوم على القاهرة والمحافظات    ماذا قالت نهاد أبو القمصان عن واقعة فتاة التجمع وسائق أوبر ؟    قوات الإنقاذ تنتشل جثة مواطن سقط في مياه البحر بالإسكندرية    سعر الفراخ البيضاء والبيض البلدي بعد ارتفاعه الجمعة 17 مايو 2024    بعد الانخفاض الأخير لسعر كيلو اللحمة البلدي.. أسعار اللحوم اليوم الجمعة 17-5-2024 في الأسواق    ورشة عمل إقليمية تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي مدخلاً لإعادة هندسة منظومة التعليم»    للرجال على طريقة «البيت بيتي».. أفضل طرق للتعامل مع الزوجة المادية    رد ناري من شريف الشوباشي على يوسف زيدان بعد تصريحاته عن طه حسين (فيديو)    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    كلمت طليقى من وراء زوجي.. هل علي ذنب؟ أمين الفتوى يجيب    المظهر العصري والأناقة.. هل جرَّبت سيارة hyundai elantra 2024 1.6L Smart Plus؟    كمال الدين رضا يكتب: الكشرى والبط    اسكواش - خماسي مصري في نصف نهائي بطولة العالم    مصر ترفض مقترح إسرائيلي بشأن معبر رفح    ميلاد الزعيم.. سعيد صالح وعادل إمام ثنائي فني بدأ من المدرسة السعيدية    بعد عرضه في «كان» السينمائي.. ردود فعل متباينة لفيلم «Megalopolis»    «السياحة» تلزم شركات النقل بالسداد الإلكتروني في المنافذ    تعرف على.. آخر تطورات الهدنة بين إسرائيل وحماس    كاميرا ممتازة وتصميم جذاب.. Oppo Find X7 Ultra    بنده السعودية.. أحدث عروض الهواتف المحمولة حتى 21 مايو 2024    الأمير تركي بن طلال يرعى حفل تخريج 11 ألف طالب وطالبة من جامعة الملك خالد    طريقة عمل بيكاتا بالشامبينيون: وصفة شهية لوجبة لذيذة    للحفاظ على مينا الأسنان.. تجنب تناول هذه الفواكه والعصائر    تنظم مستويات السكر وتدعم صحة العظام.. أبرز فوائد بذور البطيخ وطريقة تحميصها    لراحة القلب والبال.. أفضل دعاء في يوم الجمعة «اللّهم ارزقني الرضا وراحة البال»    نتيجة الصف الرابع الابتدائى الترم الثانى.. موعد وطريقة الحصول عليها    لا عملتها ولا بحبها ولن نقترب من الفكر الديني.. يوسف زيدان يكشف سر رفضه «مناظرة بحيري ورشدي»    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمهورية قصر العينى.. التنصُّت أثناء الجراحة
نشر في المصري اليوم يوم 27 - 02 - 2016

حضر رجل فى أوائل الثلاثينيات من عمره إلى عيادة القلب بمستشفى قصر العينى يعانى من هبوط مزمن فى القلب، بدأ حسب وصفه بعد جراحة استئصال البواسير الشرجية فى عيادة خاصة لأحد الأطباء. وكانت مناقشة حالته فى المرور الأسبوعى العلمى لها مسار متشعب وشديد الجدل. فالكشف الطبى والأبحاث اللازمة أثبتت أنه يعانى من جلطة حديثة بالقلب. وعنصر الاهتمام بهذه الحالة أن المريض كان صغير السن ولم يعان من أى شكوى سابقة تدل على أنه كان يعانى من أعراض قصور الشرايين التاجية أو ارتفاع ضغط الدم أو مرض السكر، وكانت نسبة كوليسترول الدم فى حدود المعقول. وهو لم يكن مدخناً، وعمله يستدعى حركة ونشاطاً بدنياً يومياً دائماً. وكانت الأسئلة المتشعبة من الحاضرين من الأطباء هى: هل هذا نوع من أعراض مرض غريب يطلق عليه «مرض الموت المفاجئ»؟ وهو مرض نادر يصيب فى الكثير من الأحيان الشباب، وأعراضه الأولى والأخيرة هى الموت المفاجئ لإنسان سليم تماماً وغالباً أثناء النوم!! ولم تُكتشف أسباب علمية مؤكدة لحدوثه حتى الآن، ويبدو أنه فى حالة هذا المريض لم تكتمل الأعراض إلى آخرها أو الموت المفاجئ، ولكننا فى حالته نشاهدها الآن بشكل جلطة فى الشريان التاجى لم تؤد لحدوث الوفاة. وأثار أحد الأطباء سؤالاً مهماً: ولماذا لم تحدث الجلطة أثناء جراحة البواسير والمريض مخدر وغائب عن الوعى فلم يشعر بأعراضها من ألم شديد بالصدر.. والأعراض الأخرى؟
مقالات متعلقة
* قصر العينى صرح يحتاج إلى دعم عاجل
* «الجنزورى» يعود لقصر العينى
وكان جمع الحاضرين فى هذا المرور العلمى لقسم القلب يتكون من عدة أساتذة، ومدرسين وطلبة الدراسات العليا، فأخذت المناقشة صبغة علمية مطولة عن: ما هى أدوية التخدير التى قد تسبب اختلال ضربات القلب؟.. أثر إقلال نسبة أكسجين الدم، اختلال نبض القلب.. توقف القلب.. علامات الجلطة القلبية.. وخلافه.
وقال المريض إنه كان يشعر بالإرهاق، وذكر ما كان يعانيه من أعراض هبوط القلب التى مر بها، وذلك بعد الجراحة بأيام، وعندما عاد للجراح ليسأله بعد العملية عن أسباب هذه الأعراض فأخبره أنها مجرد عملية جراحية صغرى ويمكن إجراؤها فى العيادات المتخصصة، وأنه لم يتعرض لمشاكل خلالها، وكانت نصيحة الجراح الأخيرة له مقتضبة بأنه يجب أن يستشير طبيباً باطنياً. وتوقف المريض ليفاجئنا بسؤاله: هل كان يكذب ولم يقل لى أى تفاصيل عن حالتى العامة أو أى مشاكل حدثت لى مع التخدير أثناء الجراحة؟ وأكمل: كيف لى أن أعرف، لقد كنت مخدراً، ومهما يكن قد حدث فأعتقد أنهم تنفسوا الصعداء بعد أن تمكنوا من إفاقتى وإرسالى إلى منزلى!!
فقال أحد الأطباء ضاحكاً: يجب أن يكون هناك جهاز تسجيل فى حجرة العمليات، فهو فى هذه الحالة يشابه الصندوق الأسود المتواجد فى كل الطائرات، وهو جهاز تسجيل صوتى مستمر، وفائدته سماع كل ما قيل قبل الكارثة وتحطم الطائرة لمعرفة أسباب هذه الكارثة وإذا كانت من خطأ شخصى من الطيار ومساعده أو من خطأ فنى فى أجهزة ملاحة الطائرة. وتساءل أحد الحاضرين: ولماذا لا يكون هناك جهاز تسجيل «صوت وصورة» فى حجرة العمليات مثل الصندوق الأسود فى الطائرات؟ فنحن كأطباء نهتم بمناقشة الحالات المرضية الصعبة والمشاكل التى صاحبتها أو حتى موت مريض فى حجرة العمليات لنتعلم طرق تلافيها فى المستقبل، ويكون مثل هذا التسجيل مادة علمية دسمة تطرح للمناقشة وأيضاً أن يكون من حق المريض أو أهله أن يطلعوا عليها إذا كانوا يشكُّون فى خطأ مهنى من الطبيب المعالج؟!
فقال أحد الأساتذة: ماذا تقولون؟.. كأنكم تقترحون فتح أبواب جهنم.. قطعاً سيرفض الأطباء تسجيل كل حركاتهم وأقوالهم أثناء الجراحة، ولهم كل العذر، وسيفقد الجميع تركيزهم أثناء الجراحة خوفاً من قول أو عمل أى شىء قد يؤخذ عليهم. وسترفع آلاف القضايا ضد الأطباء بدعوى الإهمال الطبى.. وسيكون رأى الخبراء بعد الكثير من الجدل العلمى وغير العلمى فى 99 بالمائة من هذه القضايا أن حالة المريض الصحية هى السبب فى عدم استفادته القصوى من هذا الإجراء الجراحى.. وهل تعلمون أن القانون لا يسمح بتسجيل الصوت أو الصورة إلا بموافقة الطرفين، ولا يعتد به كقرينة فى أى محكمة إلا إذا تم بموافقة الطرفين، ولكن فى حالات معينة مثل الإبلاغ عن رشوة أو التخطيط لجريمة ما، فيجب موافقة القاضى الجزئى للسماح بالتسجيل الصوتى دون علم الأطراف المعنية.
ولكن الإعلام الأمريكى تابع باهتمام شديد قصة الرجل الذى ربح نصف مليون دولار بعد أن كسب قضية رفعها على الأطباء بناء على تسجيل صوتى لأقوالهم أثناء تخديره. وكان الرجل وعمره 48 سنة قد توجه لعمل منظار للقولون، وحسب تسلسل الأحداث، فإنه رغب فى أن يتذكر تعليمات الطبيب له قبل وبعد التخدير، فقام بوضع تليفونه المحمول فى وضع التسجيل الصوتى داخل ملابسه. وخلع جميع ملابسه ليلبس رداءً خفيفاً من الورق، وتُركت الملابس معلقة فى نفس حجرة المناظير. وتم تخدير المريض ونام عارياً على وجهه على سرير مخصص ليرفع مؤخرته للأعلى لعمل المنظار من فتحة الشرج. وبعد أن تم عمل المنظار بنجاح حضر مساعد الطبيب بعد إفاقته من التخدير ليخبره أنه لم يعان من أى أمراض أو أورام بالقولون ولكنه مصاب بدوالى شرجية لا تستدعى علاجاً الآن.
وعاد الرجل سعيداً بهذه النتيجة إلى منزله، ولكنه تذكر تليفونه المحمول، وتذكر أنه يجب أن يستمع لإرشادات الطبيب التى قد يكون قد ذكرها له ولم تعلق فى ذهنه لصعوبة الموقف الذى تعرض له. ومع بدء سماع التسجيل فوجئ المريض بسيل من التجريح والشتائم موجه إليه وهو فاقد الوعى من أثر التخدير. ودفعته بذاءة الكلمات التى قيلت عنه للتوجه إلى محام لرفع قضية ضد هؤلاء الأطباء تحت أى مسمى يراه، مطالباً بتعويض مالى كبير مساوٍ للإهانات التى تعرض لها دون أى ذنب ارتكبه.
وفى قاعة المحكمة استمع القاضى والمحلفون إلى التسجيل الصوتى الذى بدأ بصوت طبيبة التخدير وهى تقول: انظروا إلى وجه هذا الرجل القبيح.. كم أتمنى أن ألطمه وأبصق عليه! وقبل البدء فى عمل المنظار نظرت إلى مؤخرته وخصيتيه، وكان هناك طفح جلدى بسيط (بسبب السمنة والتعرق) وقالت لزميلتها: احذرى، فهذا النوع من الرجال يصاب عادة بمرض «الزهرى»، وردت زميلتها: أعتقد أن سببها الإصابة بمرض «السل».. ليحذر الجميع من لمس مؤخرته!! وطوال إجراء المنظار كانت تصفه بألفاظ تحقر من شأنه مثل هذا المتخلف عقلياً، القذر، هذا الكائن.. وغيره. وعند انتهاء الاختبار كذب الطبيب عندما قال لمساعده: كل شىء كان طبيعياً ولكن اكتب فى التقرير أنه يعانى من «بواسير شرجية»، لنعطى لأنفسنا مصداقية طلبنا منه إجراء المنظار. ودافع محامى الأطباء بأنه ليس من حق المريض تسجيل أحاديث الأطباء إلا بعد موافقتهم، وأنهم لم يرتكبوا جريمة خطأ مزاولة المهنة فى هذه الحالة. ولكن محامى المريض أثبت حسن نيته فى استخدام جهاز التسجيل، وأنه يطالب بتعويض للسب والتشهير الذى تعرض له المريض، خاصة أن أكثر من ثلاثة من العاملين بالمستشفى قد سمعوا مثل هذه الشتائم ولم يكونوا يعملون بحجرة المناظير. وتعاطف القاضى والمحلفون مع المريض، وأصدر قراره بتعويض نصف مليون دولار تقسم على الأطباء المشاركين فى القضية، وقال: أرجو أن يكون هذا الحكم المشدد عبرة لغيرهم وهو ليس لجريمة «خطأ فى مزاولة المهنة»، ولكنه لخطأ الإهانة والتشهير بمريض استأمنهم على حياته وعاملوه أسوأ معاملة، ولم يكن فى مقدوره الرد أو الدفاع عن نفسه.
وزلزلت هذه القضية المجتمع الطبى بالخارج، حتى إن مجلة The Lancet الأمريكية الطبية وواسعة الانتشار كتبت فى مقالة افتتاحية فى الشهر الحالى وعنوانها: «علامات هذا الزمن: احذر فيما تقوله فى غرفة العمليات»، وملخصها أن طبيب تخدير آخر لاحظ انبعاجاً بسيطاً خلف «شراب» أحد المرضى المخدرين، وكان هناك جهاز تسجيل صغير من النوع الذى يستخدم فى التجسس وكان الجهاز فى وضع التسجيل!! ويرفض كاتب هذه المقالة تواجد أجهزة التسجيل للأسباب التالية (1) هذه الأجهزة قد تتعارض مع الأجهزة المتعددة والموجودة بحجرة العمليات. (2) قد يسجل الجهاز حديث الأطباء عن مرضى آخرين، وهذا يتعارض مع أخلاقيات المهنة. (3) قد يفهم المريض ملاحظات الطبيب عن حالته بطريقة خاطئة.
وأطالب جميع الأطباء، كما يسألون المرضى قبل العملية ألا يرتدوا أى حلى، وخلع الأسنان الصناعية وما يشابهها، بأن يطالبوهم بتسليم تليفوناتهم المحمولة وأى أجهزة تنصت قبل بدء الجراحة!
ولكن، مع كل هذه المحاذير، إذا سألتنى وبصفتى طبيباً هل أرغب فى سماع كل ما قيل أثناء جراحة ستجرى لى شخصياً؟ فأنا آسف أن أقول نعم، وقد أخفى جهاز تسجيل لأعرف حقيقة ما كان يقال ولم يُذكر لى، ولكنى لا أعلم أين سأخفيه وأنا عارٍ تماماً؟!!
* أستاذ القلب – جامعة القاهرة
[email protected]
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.