هل يمكن أن يتساوى القبح مع الجمال.. وأن تتساوى حديقة جميلة تكسوها الظلال مع صناديق القمامة وهل يمكن أن تتساوى حوارات كان فيها العقاد وطه حسين مع مهاترات لا فكر فيها ولا ثقافة ويفرضها علينا إعلام مغرض..وهل يمكن أن يتساوى شعب كان يغنى قصيدة الأطلال بجمالها ورصانتها مع شعب يغنى بحبك يا حمار.. وماذا نقول عن أذواق الناس التى فسدت وأصبحت الآن من اخطر ما يواجه المصريين من المحن والكوارث.. من الذى سمح بتسلل هذه الأمراض إلى جسم مصر بكل ما كان فيه من القدرة والمناعة.. أى إعلام هذا الذى سمح بظهور هذه النكرات بحيث تحولت إلى رموز وقمم وقدوة أمام ملايين الشباب..إن البعض يمر على هذه الظواهر المرضية باستخفاف شديد وكأنها لا تعنى شيئا على الإطلاق ولكنها فى الحقيقة تعكس خللا رهيبا فى انحطاط الذوق العام وأصبح من حق أى إنسان ان يفتى أو يغنى أو يقدم ثقافته الضحلة أمام الناس..كانت هناك قواعد تحمى قدسية الدين فلم يكن احد يستطيع أن يفتى بما لا يفهم فيه.. وكانت لدينا لجان للغناء وللنصوص بحيث يصعب على أى صوت قبيح أن يفسد أذواق الناس وكان من المستحيل أن يصمت المجتمع أمام دعاوى فكرية متخلفة أو مريضة..ولكن هناك الآن بعض الشركات وبعض رجال الأعمال الذين فرضوا وصايتهم على أذواق الناس وأصبحت هناك صراعات ونزاعات ومعارك لفرض أنواع مريضة فى الفن والفكر والثقافة.. لقد تعقدت القضية ووصلت الآن إلى حالة فساد تهدد الثروة البشرية فى مصر وهى أغلى ما تملك. إن هذه الفنون وهذه الأفكار تدمر تاريخا طويلا من الإبداع الجميل فهل نترك عقل هذه الأمة لعدد من التجار الذين يرفعون سعر البطاطس والخيار ويفسدون بأموالهم أذواق هذا الشعب.. هل نترك الإعلام بشاشاته وصفحاته ومنابره وأبواقه ينقل هذا الشعب هذه النقلة المخيفة ويعود به إلى هذه الفنون التى دمرت عقول شبابنا ووقع ضحية بين الفن الهابط والمخدرات.. القضية تحتاج إلى تدخل الدولة لأن رأس المال شديد الضراوة والتفاهات والفوضى أقرب الطرق الآن للثراء السريع والضحية تاريخ مضىء وشعب مبدع.. ومستقبل غامض من يجرم المخدرات عليه أولا أن يجرم الفن الهابط. لمزيد من مقالات فاروق جويدة