أتيليه القاهرة.. أو جمعية كتاب وفناني مصر.. هي جمعية قديمة منذ بداية القرن الماضي.. يتجمع فيها الفنانون التشكيليون والكتاب يعرضون فيها أعمالهم, ويقدمون الندوات الأدبية.. ومكانها وسط البلد.. وتكاد تكون الجمعية الوحيدة في مصر التي تجمع التشكيليين والأدباء.. ومن روادها الراحلون لويس عوض ويوسف إدريس ورمسيس يونان وغيرهم من أعلام الفن والثقافة.. وقد جمعتني ببعضهم من الجيل الجديد وجيل الوسط مما يرتادون المكان جلسة طويلة تبادلنا فيها الحديث عن المستقبل. وكان لابد أن نتطرق إلي دور الفن في المرحلة القادمة.. وكان السؤال: هل حدث في الفن ثورة تتماشي مع الثورتين اللتين حدثتا في مصر؟ وكانت النقطة الأولي هي دور الفن في المجتمع؟ وقد اعترف الجميع ان للفن الدور الأول في التغيير الوجداني والفكري ليس في مصر وحدها ونحن نتكلم عن الفن المصري وإنما في المنطقة العربية كلها ولعلنا نذكر في هذا المجال دور الأفلام المصرية والغناء المصري.. وعلي رأسه أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم حافظ في تشكيل الذوق المصري والعربي حتي إن اللهجة المصرية أصبحت متداولة في المنطقة العربية كلها, الفن المصري اذن هو القوة الناعمة التي نمتلكها.. والتي يجب أن نحرص علي مسارها الصحيح حتي تحقق طموحاتها. هل الفن المصري يعبر عن المرحلة حاليا؟ وهل يتطلع إلي مستقبل يحمل آمال وأمنيات مصر الثورة؟ الاجابة.. لا..فالفن المصري وأعني به السينما والتليفزيون والغناء..هو الآن ومنذ سنوات فن عشوائي.. بل انه قد أصابه الانحطاط والسوقية والابتذال حتي أصبح بلا رقيب أو حسيب فانطلق كالحصان الجامح يجري في كل اتجاه دون مراعاة لأي شيء ولا أي اتجاه.. ونحن نري الأغاني الرخيصة والرقصات الرخيصة والمسلسلات الهابطة والأفلام التافهة التي تعتمد علي الهمجية بداية من عناوينها وحتي محتواها.. وهذه الفنون وعفوا لتسميتها فنونا تتسرب بشكلها ومحتواها إلي نفوس الناس ووجدانهم وخصوصا الأجيال الجديدة والأطفال.. هؤلاء غير القادرين علي الفرز أو النقد أو المناقشة انهم يتشربونها مع اللبن والشيكولاته مبهورين بما تقدمه من أحداث. هذا هو السم الملون.. أو المخدر اللذيذ الذي يتسرب إلي داخلنا ببطء وبتركيز دون أي مقاومة من العقل أو الجسم. مطلوب عملية فرز لما يقدم للناس.. فالذوق العام وليد الجمال..والجمال وليد الفنون الجميلة ويكفي مانراه يوميا في وسائل الاعلام من مناظر دموية عن الحروب التي تدور في المنطقة حتي أصبح شكل الدم معتادا وحتي أصبحت أرقام القتلي لاتثير أحدا وحتي أصبحت الحروب الدائرة لعبة لكل من يملك أو يحمل السلاح. يجب أن تكون هناك مصفاة لما يقدم من فنون وألا نترك المسألة سداح مداح فلا يجب أن تسير الدولة في طريق النمو والتطوير بينما الفن يسير في طريق معاكس.. يجب أن تكون المنظومة واحدة وأن يكون هناك هارموني بين الاثنين.