* ألمانيا شريك أساسى وقوى لمصر فى مجالات التعليم والنقل والطاقة * برلين لديها مواقف جيدة مثل رفض ضم الجولان لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية للقدس أكد بدر عبد العاطى سفير مصر فى ألمانيا أن العلاقات المصرية الألمانية تمر بأفضل حالاتها، بفضل وجود إرادة سياسية من القيادتين لمزيد من دفع العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن هذه العلاقة بين شريكين حقيقيين، وتقوم على أساس المصالح المتبادلة، حيث تحتاج ألمانيا إلى مصر مثلما تحتاج مصر إلى ألمانيا. وقال السفير فى حواره مع «الأهرام» فى برلين إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى الأخيرة لألمانيا ولقاءه قيادات الشركات الألمانية أحدثا نقلة نوعية فى العلاقات بين البلدين، وكانا رسالة قوية للمجتمع الألمانى بأن هناك دولة توفر كل الضمانات والحوافز للمستثمر الألمانى، وأن الشعب هو الذى يضمن الاستقرار فى الدولة المصرية. وفيما يلى تفاصيل الحوار: فى البداية .. كيف ترى العلاقات المصرية الألمانية؟ العلاقات المصرية الألمانية تمر بأفضل حالاتها، ولم يحدث أن وصلت العلاقات لمثل هذا المستوى من التنسيق والتعاون فى المجالات المختلفة، فالتنسيق على المستوى السياسى واضح تماما من العلاقة القوية التى تربط الرئيس السيسى بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وأبسط دليل على قوة ومتانة العلاقات بين البلدين هو أن الزعيمين التقيا أكثر من 9 مرات، حيث زار الرئيس ألمانيا أربع مرات، كما زارت المستشارة الألمانية مصر مرتين، وهذا خلال آخر 4 سنوات، وتحديدا من 2014 إلى 2018، وهو ما يؤكد ويعكس مدى التقدم والتنسيق والتطور الذى تشهده العلاقات المصرية الألمانية، وخاصة مع وجود إرادة سياسية من القيادتين لمزيد من دفع العلاقات بين البلدين. ما مدى انعكاس هذه العلاقات على الشراكه بين البلدين؟ بالتأكيد، يعكس ذلك وجود علاقة شراكة بين شريكين حقيقيين، وأن العلاقة تقوم على مصالح متبادلة، حيث تحتاج ألمانيا إلى مصر مثلما تحتاج مصر إلى ألمانيا، فمصر تحتاج إلى ألمانيا كمصدر رئيسى للتكنولوجيا وكمصدر رئيسى للاستثمار فى عملية التطور الاقتصادى والاجتماعى الذى تشهده مصر حاليا، كما أن ألمانيا تحتاج إلى مصر باعتبارها ركيزة الاستقرار فى المنطقة، ومصر هى الدولة الإقليمية الكبرى والمستقرة والمحورية ليس فقط فى الدائرة العربية والشرق الأوسط وإفريقيا، وحاليا نتكلم عن لغة المصالح بين دولتين كبيرتين ومحوريتين، وألمانيا هى الدولة الأهم داخل الاتحاد الأوروبى، وهى قاطرة الاقتصاد الأوروبى، ومصر هى أكبر دولة عربية وبوابة العالم خاصة العالم الأوروبى إلى القارة الإفريقية، كما أن عضوية ألمانيا فى مجلس الأمن التى تتزامن مع رئاسة مصر الاتحاد الإفريقى تمنح زخما أكبر للعلاقات بين البلدين وللتعاون فى القضايا الدولية والإقليمية، مثل الأوضاع فى الشرق الأوسط وقضايا الإرهاب والهجرة غير المشروعة والأزمات الإقليمية المنتشرة فى السودان وليبيا وسوريا واليمن والقارة الإفريقية، ومصر هى الطرف الرئيسى الذى يبذل الجزء الأكبر والأهم فى التوصل لتسوية سياسية لهذه الأزمات، وألمانيا تستند إلى الدور المصرى، والكل تابع البيانات التى تصدر عن الجانب الألمانى التى يحيى فيها الدور المصرى فى قطاع غزة، فلولا الدور المصرى لانفجرت الأمور فى غزة بين الجانب الإسرائيلى والجانب الفلسطينى، وبالتالى يعول الجانب الألمانى دائما على محورية الدور المصرى. وماذا عن التعاون المشترك على أرض الواقع على المستوى الاقتصادى؟ الشركات الألمانية ترى أن هناك فرصا هائلة للأعمال والاستثمار فى مصر، وأن هذه الفرص أصبحت واقعا، حيث وقعت شركة سيمنز أكبر تعاقد فى تاريخها مع مصر، والطرفان استفادا من هذا التعاقد، حيث استفدنا بتوليد كهرباء ل40 مليون مواطن فى 28 شهرا، وهذا وقت قياسى يدرس فى العالم، ولم يحدث فى تاريخ الشركة أنه تم توليد كهرباء بطاقة 14 ألفا و400 ميجا وات فى 28 شهرا من خلال 3 محطات هى الأكبر فى العالم، ولم يتم إنجاز عمل بهذا الشأن فى مثل هذا التوقيت. هل ترى أن الإرادة السياسية تعد من الأسباب الحاكمة فى تطوير العلاقات الاقتصادية؟ بلا شك أن هذا الأمر يعود لسببين، وهما الإرادة السياسية بقيادة مصرية قوية تنفذ وتصدر كل التوجيهات بإزالة كل المعوقات مع نشاط جميع الشركات ووزارة الكهرباء، بالإضافة إلى التزام شركة سيمنز والكفاءة التكنولوجية للشركات الألمانية، وهناك العديد من النماذج الأخرى فى مجالات مختلفة مثل الأدوية والبتروكيماويات، وهناك تعاون واعد فى صناعة السيارات، والكل تابع البيان الصادر من شركة مرسيدس الذى يمثل نقلة نوعية فى تكثيف وجودها فى السوق المصرية بعد خروجها منذ سنوات، والآن يعودون بقوة للتصنيع فى مصر، ليس فى السيارات العادية وحدها، بل فى وسائل التنقل الحديثة الذكية وتصنيع المركبات الكهربائية أيضا. لقاء الرئيس السيسى و قيادات الشركات الألمانية خلال زيارته الأخيرة لميونيخ.. ما هى الرسائل والنتائج من تلك الزيارة؟ أؤكد أن زيارة الرئيس السيسى أحدثت نقلة نوعية فى العلاقات بين البلدين، والزيارة الأخيرة ميونيخ ولقاؤه قيادات الشركات الألمانية نقل رسالة قوية للمجتمع الألمانى بأن هناك دولة توفر كل الضمانات والحوافز للمستثمر الألمانى، وأن الشعب هو الذى يضمن الاستقرار فى الدولة المصرية، كما تأكدت قوة العلاقة بين مصر وألمانيا بوصفها علاقة شراكة حقيقية، وهناك تعاون الآن يركز على قطاعات بعينها، مثل تحديث النظام التعليمى، وألمانيا شريك به فيما يتعلق بالتعليم الأساسى والفنى، خاصة فيما يتعلق بإنشاء هيئة جودة التعليم وإنشاء أكاديمية لتعليم المدرسين فى مصر، وألمانيا شريك قوى فى مجال التعليم الجامعى، فهناك أول جامعة فى تاريخ العلاقات وهى الجامعة الدولية الألمانية للعلوم التطبيقية، التى سينتظم العمل بها فى العاصمة الإدارية العام المقبل، وهذا تحول كبير جدا، لأن التجربة التنموية الألمانية قامت على دور الجامعات الخاصة بالعلوم التطبيقية بتوفير العمالة الماهرة بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل، وهناك تعاون فى مجالات كثيرة أخرى مثل النقل والطاقة والاستخدامات الجديدة فيما يتعلق بتطبيقات علوم الفضاء والذكاء الصناعى. هل هناك تقارب فى مواقف ألمانيا مع مواقف مصر فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية؟ مباديء الشرعية الدولية قاسم مشترك بين مصر وألمانيا، والموقف الألمانى واضح جدا، ويتوافق مع الجانب المصرى، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة 242 و338 هى التى تنطبق على الأزمة الفلسطينية، لأنه لا يوجد حل سوى حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، كما أن لألمانيا مواقف جيدة، منها رفضها ضم الجولان لإسرائيل، ورفضها نقل السفارة الأمريكية للقدس، وهم يلتزمون دائما بالشرعية. كيف ترصد بالأرقام حجم النمو فى العلاقات بين مصر وألمانيا؟ هناك نمو سريع فى العلاقات بيننا، ففى عام 2018 زادت الصادرات المصرية لألمانيا بنسبة 30%، وفى المقابل، شهدت الواردات الألمانية لمصر تراجعا، وهذا مؤشر جيد للغاية يعكس تقليل الفجوة فى عجز الميزان التجارى، كما حققنا أعلى معدل فى تاريخ السياحة الألمانية المصرية الذى تعدى عام 2010، والذى كان يعتبر من أعلى سنوات السياحة الألمانية فى مصر، فتجاوزنا هذا الرقم بكثير، وشهدت الصادرات نموا كبيرا بعيدا عن الصادرات البترولية مثل الخضراوات والفاكهة الطازجة والكيمياويات والصناعات الغذائية، والسوق الألمانية تشهد الآن انفتاحا أمام المنتجات المصرية، كما زادت الاستثمارات الألمانية فى مصر، ولم تعد تقتصر على المجالات التقليدية، ولكن لا يزال هذا التحسن أقل من حجم ألمانيا كأكبر اقتصاد فى أوروبا ولا يتماشى مع حجم الفرص الهائلة المتاحة للاستثمار فى مصر. ما هو الدور الذى تقوم به السفارة للترويج للاستثمار فى مصر؟ بلا شك، هناك جهد كبير بالسفارة، حيث نقوم بطرق الأبواب، وقمت بزيارة جميع الولايات الألمانية وأبلغناهم بقانون الاستثمار، بالإضافة إلى المنطقة الصناعية بقناة السويس، وكيف أن مصر هى بوابة الدخول إلى إفريقيا، وبالفعل، هناك شركات ألمانية كبيرة بدأت تتخذ مصر مركزا للتصدير إلى إفريقيا من خلال خطوط النقل البحرى والاستفادة من الموقع الاستراتيجى لمصر. كيف يمكن لمصر الاستفادة من نظام التعليم المزدوج المطبق فى ألمانيا؟ نعكف حاليا على تنفيذ ما تم توقيعه من اتفاقيات خلال زيارة الرئيس لبرلين فى أكتوبر الماضى، فهناك اتفاقية خاصة بالتعليم الفنى والتعليم الجامعى، كما أن هناك ترتيبات حاليا لزيارة وزير التربية والتعليم إلى ألمانيا من أجل تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ومع توسع الاستثمارات الألمانية فى مصر لا يوجد أفضل من النموذج الألمانى فيما يتعلق بالتعليم المزدوج الذى يهدف إلي تقسيم الدراسة بين دراسة وعمل معا، حيث تقوم كل شركة ببناء مدرسة قريبة منها لتعليم المهنة بشكل جيد. حدثنا عن الدور الذى تقوم به السفارة المصرية ببرلين لمواجهة الإعلام المغرض؟ قامت السفارة بجهد كبير فى هذا الخصوص، ووفرنا كل المواد التى تعكس التقدم الإيجابى لمصر لأهم إذاعة مسموعة داخل ألمانيا، وكان لدينا أيضا حديث مطول عن حقوق الإنسان، وتحدثت بشكل لا يحتمل اللبس بأنه لابد من احترام القيم الخاصة بشعوب المنطقة ولا يمكن قبول وصاية من أحد كما ذكر الرئيس فى القمة العربية الأوروبية ولا يمكن فرض أى قيم من الخارج، ولا نقبل أى دروس أو عظات من أى دولة. الألمان مهتمون بالحضارة المصرية و السياحة الثقافية.... ماذا عن التعاون المصرى الألمانى فى مجال الآثار؟ وافقت ألمانيا أخيرا على المساهمة فى استكمال متحف تل العمارنة بمحافظة المنيا ذلك المتحف الذى توقف بناؤه أكثر من مرة بسبب نقص التمويل، كما تم الاتفاق مع الجانب الألمانى على إنشاء مدرسة للحرف والفنون التراثية ملحقة بالمتحف للمحافظة على تراث الآباء والأجداد. إلى أى مدى تسهم العلاقات الشبابية فى تعزيز التعاون مع ألمانيا؟ الشباب هو الذى يصنع المستقبل، وهناك تعاون مع وزارتى الخارجية والهجرة للتركيز على الجيلين الثانى والثالث لربطهم بالوطن الأم ونأخذ نماذج للتعاون مع شباب ألمانى من خلال زيارات متبادلة بين مصر وألمانيا فى إطار التفاعل والتعاون المستمر بين البلدين. ماذا عن المنح الدراسية المقدمة للشباب من الجانب الألماني؟ يعد ملف المنح الدراسية من أهم الملفات التى نوليها أهمية، حيث إن هناك هيئة التبادل الأكاديمى «الداد» DAAD التى تقدم منحا عن طريق الحكومة المصرية والتى ترسل بعثات إلى ألمانيا، بالإضافة إلى ذلك، لدينا 25 مدرسة بها تعليم ألمانى تابعة للسفارة وهؤلاء الطلاب حين ينتهون من دراستهم يأتى معظمهم إلى ألمانيا، ويلتحقون بالجامعات مجانا، ومصر هى المستفيدة فى النهاية، حيث لدينا شباب أصبحوا كوادر فى شركات ومؤسسات كبرى منهم مهندسون وأطباء على مستوى راق جدا، ومنهم من عمل براءات اختراع، وأسهم فى عملية التنمية فى مصر، وبالتالى الحكومة المصرية مع هيئة DAAD تقدم تمويلا مشتركا للبعثات ويتركز معظمها فى مرحلة الماجستير والدكتوراة فى التخصصات التى نحددها، ولكن بعد زيارة الرئيس السيسى الأخيرة لألمانيا طالبنا بتخصصات جديدة، خاصة فى مجالات علوم الفضاء والذكاء الصناعى والرقمنة، وهناك تحالف مع أكبر عشر جامعات ألمانية فى مجال العلوم التطبيقية لإقامة جامعة فى العاصمة الإدارية تبدأ الدراسة بها العام المقبل، وهذا يعكس توجه الرئيس السيسى لرفع مستوى وجودة التعليم فى مصر.