فى الأول من أبريل الحالي، تم الإعلان عن «ريوا» كمسمى جديد للحقبة الإمبراطورية، التى ستبدأ مع تولى الأمير ناروهيتو عرش اليابان. ليكون خلفا لوالده الإمبراطور أكيهيتو. استقبل اليابانيون المسمى الجديد بالهتاف والبكاء تأثرا، فيما ارتبك باقى العالم بحثا عن ترجمة متفق عليها لمعناه. وتنوعت التقديرات لترجمة المسمى، على أن يميل أغلبها إلى: «التناغم الجميل». وعلق الإعلام اليابانى موضحا أن المسمى تم استلهامه من شعر القرن الثامن عشر، وتحديدا من قصيدة تناولت صورا جمالية لازدهار ثمار الخوخ. فى تعليقه، اعتبر رئيس وزراء اليابان شينزو آبى أن «ريوا» يدلل على « تقارب قلوب الشعب فى جمال وتطوير الثقافة»، معربا عن أمله أن تشهد هذه الحقبة «ازدهار حياة الشعب اليابانى كما ورد فى القصيدة». والحقيقة أن «ريوا» يعد الأحدث ضمن 250 حقبة شكلت نظام التقويم الإمبراطورى الياباني، أو ما يعرف ب ال «جينجو»، والذى بدأ العمل به فى القرن السابع. وينقسم هذا التقويم إلى شقين، المسمى والذى يبدأ استخدامه مع بداية عهد إمبراطور بعينه وينتهى بنهاية عهده. والشق الثانى عبارة عن رقم يدلل على ترتيب الأعوام المتوالية ضمن الحقبة ذاتها. فالعام الحالى 2019 يعد ال 31 من حقبة «هيسي»، وهو المسمى الذى يعنى «السلام» ويطلق على حقبة الإمبراطور أكيهيتو الذى تولى الحكم عام 1989، ما يجعل العام الجارى رقم 31 من عهده. لكن كيف يتم اختيار المسمى الجديد؟ وما هى أهميته؟ مسمى الحقبة الإمبراطورية يجب أن يكون مزيجا من مفردين ومستمدا من الثقافة اليابانية القديمة. عملية الاختيار تتم على مدار فترة زمنية طويلة، فمسمى «ريوا» بدأت المباحثات حوله مطلع العام الماضي. والتباحث يتم بين أفراد لجنة خاصة من تسعة أشخاص، كان بينهم هذه المرة العالم الحاصل على جائزة نوبل فى الطب لعام 2012 شينايا ياماناكا. تنظر لجنة التسعة فى مقترحات أساتذة الأدب الكلاسيكي، ويتم الاختيار ما بين خمسة ترشيحات رئيسية. يتم عرض الترشيح لاحقا على أعضاء الحكومة والبرلمان للتشاور والتصويت النهائي. ولا يسمح بالكشف عن صاحب مقترح المسمى الفائز. ويتم منح قطاعات المجتمع المختلفة شهر كاملا قبل الإحلال الرسمى والنهائى لمسمى الحقبة الجديدة. وهذه المهلة ضرورية، حيث يتم استخدام المسمى فى المكاتبات الرسمية وضمن بيانات بطاقات الهوية، فضلا عن صكها على العملات النقدية، واستخدامها عبر الأنظمة الإلكترونية المختلفة. وتتسم هذه العملية بالسرية المطلقة، حيث يقسم أعضاء لجنة التسعة على التكتم، وفى المرحلة الأخيرة من المباحثات، تتم مصادرة الهواتف المحمولة وأى أجهزة أخرى يمكن أن تساهم فى تسريب المباحثات. وإذا ما وقعت الواقعة بتسريب المسمى، يتم استبعاده فورا والنظر بشكل عاجل فى البدائل. يسعى القائمون على اختيار مسمى الحقبة الإمبراطورية إلى أن يكون ذو دلالة على الهوية الثقافية والحضارية لليابان، وأن يرمز لمتطلبات المعاصرة. فإطلاق مسمى «السلام» على عهد الإمبراطور أكيهيتو كان جانب منه يتعلق ببداية مساعى اليابان لاكتساب نفوذ إيجابى على الصعيدين الإقليمى والدولي. وفى بعض الحالات النادرة يتم توظيف المسمى للتجديد والدعم النفسى للشعب الياباني، مثل استبداله وتجديده قبل انتهاء حقبة الحكم، وذلك عقب الكوارث الطبيعية أو أزمات بعينها. يستخدم تقويم ال « جينجو» بالتوازى مع التقويم الغربي، ويلاحظ تراجع الحفاظ على هذا التوازي، مع زيادة انخراط اليابان فى النظام السياسى والاقتصادى العالمي. فوفقا لاستطلاع أجرته صحيفة «ميناتشي» اليابانية، لا يزيد أعداد مستخدمى ال «جينجو» منفردا على 34% بتراجع عن نسبة 82% عام 1975.