أكتب عن إشكالية المربع المؤلم، «الجهل والفقر والخوف والفساد»، حيث ينصب تعريف الجهل من اليونسكو على أن الشخص الجاهل هو من لا يستطيع القراءة والكتابة، وهذا التعريف من وجهة نظرى غير دقيق، فقد يمتلك هؤلاء الأشخاص خبرات فنية وحياتية تفوق كثيرين من المتعلمين، كما أن الربط بين الجهل والفقر ليس بقاعدة، فقد تجد من هو غير متعلم، بينما ينعم بالغنى المادى الذى جمعه من خبرات مهنته، لكنه يظل فقيرا معنويا نتيجة معاناته المستمرة مع مستجدات الحياة والتكنولوجيا، ولا نستطيع إنكار أن الجهل هو أحد الأسباب المهمة للفقر، ولا شك أن جريمة إفقار الشعوب من مسببات الجهل ومنميات الخوف ومنبتات الفساد. إن الحالات الأربع السابقة متداخلة فيما بينها، فالفقر يولّد الجهل، والجهل يولد الفساد، والثلاثة تولد الخوف من الحاضر والخوف على المستقبل، وتعود الدائرة بأن الفساد يولد الفقر، والفقر يولد الجهل وجميعها تولد الخوف، وليس الفقر بالضرورة فضيلة، بل قد يكون فى بعض الأحيان رذيلة، وقد يؤدى إلى الرذائل مثل التسول والذل والسرقة والاحتيال من أجل إقامة أود العيش والحفاظ على الحياة، وهنا يقول المولى عز وجل «الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ» البقرة 268، ولقد لعب الاستعمار فى الماضى دوراً أساسيا متعمداً فى إفقار الشعوب العربية والإسلامية لإنجاح معادلة الجهل والفقر والفساد خوفا من قيام النهضة الإسلامية والعربية، وقد فطن على بن أبى طالب إلى دور الفقر فى إسقاط الأمم فقال مقولته الشهيرة «لو كان الفقر رجلا لقتلته» وذلك تعبيرا عن بشاعة شبح الفقر، كما لا ننسى مقولة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر «أنه من لا يملك قوت يومه، لا يملك حرية قراره» منددا بذلك بالعوز والفقر الاجتماعى، وداعيا إلى العمل وزيادة الانتاج، من أجل وأد الجهل والفقر والخوف والفساد. د. رجب إسماعيل مراد الأستاذ بجامعة مطروح