مع سبعينيات القرن الماضى وإحلال قيم الانفتاح النفعية محل القيم الجمالية والأخلاقية.. بدأت أيادى العبث والإهمال تطيح بمفردات التراث المعمارى والتاريخى والمكانى للإسكندرية حتى باتت الصورة الذهنية لدى العقل الجمعى الوطنى لعروس المتوسط تتبدل من تلك الصورة الحالمة التى كانت مفرداتها كورنيشا وقلعة وقصورا ومسارح وسينمات وفنونا وشوارع جلية ومبانى طرازية ومقاعد ترفيهية, الى صورة أخرى مادية ألقى عليها التربص الرأسمالي بنفوذه ونفعيته بعد ان هدموا قصورها الفريدة ومبانيها العريقة واختفت شوارعها النظيفة وميادينها العتيقة. أرصفتها احتلها الجائلون واراضيها بناها المخالفون وبحرها حجبه المنتهكون. وهكذا صرعت العروس كما صرعت هنادى فى رائعة دعاء الكروان لطه حسين الا ان هنادى الاسكندرية كانت بلا خطيئة، ومع ذلك طعنوها بخناجر الإهمال الوطنى والتفريط الحضارى والعبث الانسانى. شوهوها مقابل نافورة هنا ودهان رصيف هناك!. وهكذا تساقطت ملامح العروس من أذهان العاشقين والمحبين والوطنيين، وانحسرت بداخلهم فى ذكريات للماضى القريب!. مريدو العروس وكل من شد لها يوما الرحال او صادف إلهامها اديب او رحال او عابر سبيل يبكون اليوم على عروس مدينة سقطت من ذاكرة الخيال . وعلى الرغم من محاولات القيادة السياسية بعثها من جديد ومنحها قبلة الحياة من خلال مشروعات تنموية يأتى فى مقدمتها محور المحمودية، فإنه مازال محبوها يكتبون على جدران شوارعها: أين العروس التى لم يقهرها الزمان..أين الإسكندرية التى يشد لها الرحال. نعم الكل يرفض مصرع العروس ويتحسسون يوما إليهم تعود! فهل انتظارهم يطول؟. لمزيد من مقالات محمود عبد المقصود