كان في منتهي الغرابة بالنسبة لي أن أجد إدوارد هيث رئيس وزراء بريطانيا يقود الأوركسترا المصري. كان ذلك منذ سنوات بعيدة وكان الحفل في قاعة سيد درويش بالهرم وكان هذا فى عهد وزير الثقافة المصري الأسبق ثروت عكاشة. علمت بعدها العلاقة الوثيقة بين ثروت عكاشة وعدد من فناني الحياة الفنية في بريطانيا فكان أن أحضر ثروت عكاشة رئيس وزراء بريطانيا وكان وقتها إدوارد هيث لكى يقود الأوركسترا في مناسبة افتتاح قاعة سيد درويش بالهرم التي لاتزال في مكانها منذ انشاء أكاديمية الفنون. مع احترامي وحبي للفن لكن لم أكن أستشعر أنه يمكن لرئيس وزراء بريطانيا أن يقود أوركسترا سيمفونيا لكن اتضح لي أن هذه لم تكن أول خطوة غريبة بالنسبة لي وأن عددا من كبار شخصيات بريطانيا كان لبعضهم اهتمام جدي بالفنون وأيضا الآداب. بعد ذلك تصادف أن جاء بعد ثروت عكاشة الفنان التشكيلي فاروق حسني وزيرا لثقافة مصر. عرفت الفنان فاروق حسني كفنان تشكيلي في بدايات مشواره قبل تولي الوزارة ثم كان العديد والعديد من الإنشاءات والأعمال الحضارية التي تولاها وربما كان آخرها وليس أولها هو المتحف الكبير الذي يعد من أهم وأكبر متاحف العالم في القرن الحادى والعشرين. نقلة حضارية احترت كيف خطرت علي باله رغم العديد من المنشآت الفنية التي أشرف عليها. ثم وصلت أو وصلت معهم أي مع وزراء ثقافة مصر إلي الفنانة الكبيرة عازفة الفلوت د. إيناس عبد الدايم التي رغم مشاغلها في محاولة استحداث الجديد في وزارة الثقافة إلا أنها وقفت وسط مجموعة الأوركسترا المصري بدار الأوبرا المصرية لتعزف علي الآلة المحببة لديها الفلوت مع زميليهما راجح داود والمايسترو ناير ناجي اللذين طالما قدما أعمالا متميزة لجمهور دار الأوبرا المصرية. وقفت لتعزف لا لمشاهدة أعمال الفنانين ولكن لتتمتع وتستمتع هي بالفن الذي عشقته بعد تخرجها فى الكونسرفتوار بأكاديمية الفنون ولو أنها قامت بالعزف قبل ذلك وقبل انشاء دار الأوبرا المصرية في مسرح الجمهورية عندما كان بديلا للأوبرا قبل انشائها. كانت معي في الحفل إحدي الزائرات لمصر لكن كل مرة تكلمني فيها عبر التليفون متسائلة كيف حال الفلوتست المصرية التي كان إعجابها بها مثيرا للدهشة عندي بعض الشىء فهي من أوروبا حيث الكثيرات من كبار الفنانين من الفتيات. إستمتعت بالطبع بأداء إيناس عبد الدايم مع الأوركسترا وطوال الوقت وأنا أتخيل ما الذي يدور في ذهنها من خلال الفن لبلدها مصر.