من منا يعرف.. أن أرض مصر الطيبة.. لم ولن تتوقف عن تقديم مواهب كروية فرز أول ماركة محمد صلاح.. وهذا معناه أنه بإمكاننا خلال أعوام أقل من عشر سنوات.. أن نلعب كرة قدم مثل التى نتفرج عليها فى الدوريات الأربعة الكبرى.. بإنجلترا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا!. واحد من حضراتكم يقول: يا سلام.. «وإيه اللى مِعَطّلْنا» فأقول له: لابد أن نعرف.. أن النسبة الأكبر من هذه المواهب لم نشاهدها أصلًا.. لأنها لم تلعب كرة من الأصل.. لأنها لم تجد الملعب الذى تلعب عليه.. رغم أن داخلها موهبة عظيمة.. أما المواهب القليلة التى لعبت وظهرت وعرفناها واكتشفناها.. لم ندرك قيمتها.. فأهملنا إعدادها وصقلها.. لتبقى على حالها.. مثل قطعة الألماس المستخرجة من منجم.. لن يظهر معدنها وبريقها.. إلا بعد مرورها بمراحل صقل مختلفة.. وتلك هى مشكلتنا من زمان وللآن.. فى كرة القدم وغير كرة القدم!. عدم قناعتنا.. بأن مرحلة الطفولة.. هى المرحلة الأهم.. إن أردنا التقدم فى أى مجال!. هناك.. ممارسة الرياضة.. إجبارية فى المدارس.. يعنى كل طفل هناك يمارس الرياضة.. والممارسة هى التى تكشف عن المواهب.. يعنى كل مواهبهم يكتشفونها.. والأهم ما هو قادم!. هذا الناشئ الموهوب.. جهازه العصبى يكتمل نموه فى مرحلة البلوغ (14 سنة تقريبًا).. وإذا كان قانون الطفولة يُجرم عمل الطفل.. لعدم قدرته على تحمل ضغوط العمل العصبية.. فمن باب أولى.. اعتبار أى مشاركة للأطفال فى مسابقات رسمية جريمة.. لأن الضغوط النفسية للمنافسة والمكسب والخسارة.. يستحيل أن يتحملها طفل.. أصلًا جهازه العصبى فى مراحل النمو ولم يكتمل.. وتلك كارثة تضرب الجهاز العصبى.. ليبقى معطوبًا طوال العمر.. لينهار فى أى لحظة بمجرد تعرضه للضغوط العصبية فى المباريات والتى تتضاعف فى اللقاءات الأهم المصيرية!. هنا تتكشف وتظهر نتائج جرائمنا فى حق الناشئين الصغار.. الذين تعرضت أجهزتهم العصبية للتلف.. والتى تظهر آثارها المدمرة عليهم وهم كبار.. يتنافسون.. ما أن يزداد الضغط العصبى.. نتيجة هدف مبكر مثلًا.. يفقد الجهاز العصبى «المعطوب» من السن الصغيرة توازنه.. ليبدأ خطأ.. لأن الجهاز العصبى هو الذى يعطى الإشارات للجهاز العضلى!. من الآخر.. نحن من أجرمنا فى حق مواهبنا الصغيرة.. وسلبنا منهم حق تمتعهم بجهاز عصبى سليم.. قادر على تحمل أى ضغوط عصبية فى مرحلة الكبار!. نعم.. مسابقات الناشئين حتى 14 سنة جريمة فى حق الصغار.. ولابد من وقفها فورًا.. إن كنا نريد الوصول إلى المستوى العالمى وثبات هذا المستوى!. البعض قد يسأل: تريد أن تقول.. إن إلغاء مسابقات الناشئين.. يحل مشكلاتنا.. ويقدم لنا ميسى ورونالدو!. أقول: إلغاء أى منافسة حتى سن 14.. هى الضمانة لجهاز عصبى سليم.. لكن الجهاز العصبى السليم وحده لا يكفى لصناعة نجم عالمى!. ليه؟. لأن النجم العالمى.. أساسه موهبة كروية.. لم يتم تشويهها فى مراحل الصقل!. يعنى لم تتعرض لضغوط عصبية فى السن الصغيرة لضمان سلامة الجهاز العصبى!. يعنى أفضل استغلال هو فى هذه المرحلة.. التى هى فى حدود ست سنوات من سن ال11 و12 سنة وحتى ال17 و18 سنة!. المواهب من سن العاشرة تعلن عن نفسها!. الناشئ الموهوب لأجل أن يصل للمستوى العالمى.. يحتاج إلى تعلم كل مهارات الكرة وإجادتها!. بعد إتقان المهارات الكروية.. تبدأ المرحلة التالية الأهم على الإطلاق.. وهى تحويل المهارة الكروية إلى عادة حركية!. إزاى؟. أضرب مثالًا من حياتنا!.. الطفل عندما يريد التحول من مرحلة الزحف إلى المشى.. أى الوقوف والصمود والتحرك.. يستغرق فترة لأنه مهارة مركبة.. التوازن لأجل الوقوف.. ثم الحركة للمشى!. الطفل يبدأ بمحاولة الوقوف.. ويتعرض للوقوع.. لكنه مرة فى مرة ويوما بعد يوما.. يتمكن من الوقوف.. بعدها يبدأ تحريك القدمين.. ويقع وينهض ويقع وينهض.. إلى أن ينجح فى المشى فترات دون تعثر.. بالتكرار تصبح أمتارًا.. وفى النهاية يصبح المشى.. مهارة يؤديها الإنسان لا إراديًا.. المخ والجهاز العصبى والجهاز العضلى.. باتوا يعملون على تردد واحد!. أقف عند هذه النقطة.. لأن أغلبنا لا يعرف.. أن أى مهارة كروية.. مثل مهارة المشى.. يتم اكتسابها.. وبالتكرار يتم إتقانها.. وبمزيد من التكرار يصبح أداؤها لا إراديًا.. وهذا معناه الوصول لأعلى المستويات فى كرة القدم.. لأن كل المهارات الكروية.. أصبحت عادات حركية تتم لا إراديًا!. وهذا معناه تحرر ذهن اللاعب وتفرغه لتنفيذ النواحى الخططية.. لأنه لا توجد عنده مشكلات أو صعوبات.. فى التمرير والاستقبال والمراوغة والتسديد.. والمثال الأبرز هنا.. ميسى!. هناك.. خصصوا مرحلة الناشئين حتى 14 سنة.. لتعلم المهارات ثم إتقان المهارات ثم تحويل المهارات الكروية إلى عادات حركية وكل ذلك بالصبر والتكرار وإصلاح الأخطاء!. فى هذه المرحلة الناشئ لا يشارك فى مسابقات فيها نتائج ومكسب وخسارة!. الناشئ يلعب مسابقات.. لقياس إتقان المهارات!. هناك.. كرة القدم صناعة.. أهم مرحلة فيها وأعظم مرحلة لها.. مرحلة الناشئين.. لأن أساسيات اللاعب العالمى المستوى.. تتم صناعتها من سن 11 وال12 وحتى ال17 و18 سنة.. حيث نرى اللاعب العالمى فى هذا العمر.. وليس بعد ذلك!. واضح أن أغلبنا لا يعرف.. أننا لا نعرف شيئًا عن هذا.. وأن «الكورة» عندنا.. تبدأ عندما يصل اللاعب إلى الفريق الأول.. ليبدأ الاهتمام «المُفْسِد».. الذى لا يعنيه مستوى.. إنما النقاط الثلاث.. وكأننا نشارك فى كل هذه المسابقات.. لاجل «نغيظ بعض» و«نعاير بعض» و«نكيد بعض».. وعليه العوض فى المستوى!. هذا الوضع الخاطئ المائل.. قائم من سنين طويلة.. لأنه الوضع الأمثل.. الذى تحميه وتدافع عنه.. دوائر كثيرة مستفيدة من استمراره.. وستبقى ما بقى التعصب!. من غير كلام كثير.. نقدر نكون زيهم!. ورب الكعبة وأحسن منهم.. لأن ربنا كرمنا بالمواهب وبالكوادر الفنية والبدنية.. القادرة على صناعة لاعبين عالميين.. نقدر.. بشرط ألا تترك الدولة.. الرياضة كلها للأندية والاتحادات واللجنة الأوليمبية!. تعود الدولة للرياضة بالقانون.. وتتولى هى مسئولية ممارسة كل طفل وشاب للرياضة.. لأجل توازن بدنى نفسى صحى لشعب.. وكلما زادت قاعدة الممارسة.. زادت أعداد المواهب المكتشفة!. تعود الدولة للرياضة.. وتتولى هى قطاع الناشئين فى كل اللعبات.. لأنه لا تقدم لمستوى ولا صناعة لنجوم وأبطال عالميين.. إلا بإصلاح جذرى.. مستحيل أن يحدث.. فى ظل المناخ العام للرياضة بالأندية والاتحادات.. المستحيل تغييره!. لابد أن تتولى الدولة قطاع الناشئين فى مصر.. لأن صناعة النجوم والأبطال.. تبدأ من هذه السن.. وأى شىء خلاف ذلك.. إهدار لوقتنا وضحك على أنفسنا وبعثرة أموالنا!. ................................................. من منا يعرف.. أن ثلث مساحة مصر تقريبًا وأقصد الوادى الجديد.. عطاء من الله إلى مصر!. نعم.. نعمة ربانية أهداها الله للمصريين!. تريد أن تقول صناعة.. قل براحتك.. لأنه فى الوادى الجديد.. ثروات معدنية.. سبحان الله.. لا تحصى!. صحراء رمالها بيضاء وصحراء رمالها سوداء.. والاثنتان أجمل وأغنى وأعظم من بعضهما.. معادن مختلفة.. تخلق صناعات لا حصر لها!. جبال الكريستال.. كافية لصناعات عظيمة!. نترك الصناعة ونذهب للزراعة.. نرى فى شرق العوينات أرضًا زراعية.. تكفى مصر كلها!. ونذهب للسياحة.. نكتشف أن الوادى الجديد قلعة للسياحة بكل ما تحمله الجملة من معانٍ!. سياحة ثقافية لا مثيل أو شبيه لها فى مصر!. مقابر الرومان!. جبل الطير.. أعظم الآثار القبطية.. وهل هناك أعظم من المكان الذى شرف بإقامة السيدة مريم والسيد المسيح؟. السياحة العلاجية فى المياه الكبريتية.. فى الصحراء البيضاء سياحة سفارى خرافية.. ويكفى التمتع بمشاهدة الرمال البيضاء المتكلسة!. باختصار.. الوادى الجديد ليس فقط تاريخًا.. إنما حاضر عظيم ومستقبل أعظم!. فى غرب مصر.. قلعة سياحية أخرى نباهى العالم بها اسمها واحة سيوة!. أفضل تمر.. أفضل زيت زيتون.. أفضل وأفخر أنواع الملح.. ومن الملح.. فى سيوة صنعوا بيوت الملح.. التى تخرج الطاقة السلبية من الإنسان!. فى سيوة العيون الكبريتية الساخنة لعلاج الأمراض الجلدية!. فى سيوة سياحة التزلج على الرمال!. فى سيوة ملاحات للسياح متعتهم العوم فيها!. فى سيوة سياح أجانب يقضون الشتاء كله فيها!. فى جنوبسيناء.. منطقة بِكْر اسمها دهب.. يكفى القول.. إنها أجمل وأفضل وأحسن.. منطقة غطس على الإطلاق فى كل العالم!. فى مصر.. حاجات وحاجات كثيرة.. جميلة ورائعة.. ونحن فقط من لا يعرفها!. ................................................. من منا يعرف.. أن أهم محصول استراتيجى فى العالم كله.. وأقصد القمح.. نجحنا هنا فى إمكانية زراعته ثلاث مرات فى السنة!. عشنا عمرنا لا نعرف عنه.. إلا أنه زرعة شتوية عمرها ستة أشهر من نوفمبر حتى مايو!. يعنى إيه؟. حاليًا تخطينا مرحلة التجارب.. تجارب زراعة تقاوى القمح المبردة.. التى أتاحت الفرصة للفلاح.. أن يضيف عروتين جديدتين لزراعة القمح.. خلاف العروة القديمة!. حاليًا الفلاحون يزرعون العروة الأولى للقمح المبرد.. فى 25 سبتمبر والحصاد فى 15 فبراير.. أى 4 أشهر تقريبًا.. أى حصلنا على محصول بعد 4 أشهر بدلًا من ستة أشهر.. وكسبنا شهرين.. وقت ومياه.. لأن رى الأشهر الأربعة أقل من الستة!. وكسبنا إنتاجًا متوسطه 19 إردبًا للفدان.. وهذا المحصول أكبر من محصول العروة العادية أم ستة أشهر!. العروة الثانية للقمح المبرد.. فى أول فبراير حتى 1 مايو.. أى أربعة أشهر.. أما الزراعة التقليدية للقمح فهى من 15 نوفمبر وحتى أول مايو.. لمدة ستة أشهر.. وتعطينا إنتاجًا أقل!. القمح المبرد.. أتاح للفلاح فرصة زراعة القطن قبل موعده بشهرين.. على نفس الأرض التى كانت مزروعة قمحًا!. هذا الأمر لم يحدث إطلاقًا من قبل فى مصر.. لأن القمح زراعة شتوية عمرها ستة أشهر والقطن زراعة صيفية عمرها ستة أشهر.. ومن ثم استحالة أن تتم زراعتهما فى أرض واحدة.. فى نفس السنة!. هذه الحقائق.. ليست كلامًا مرسلًا.. على ورق فى أبحاث.. إنما هو واقع موجود على الأرض.. حقول يملكها فلاحون.. فى قها والفيوموالمنيا وبورسعيد!. يعنى إيه؟. يعنى هناك فلاحون.. يزرعون فى أراضيهم القمح المبرد.. ويحصدون نتائجه المبهرة.. التى أثبتت أن مصر قادرة على زراعة القمح ثلاث مرات فى السنة.. وهذا معناه أن مصر فى طريقها إلى تقليل.. وإن أردنا.. إنهاء الفجوة ما بين الإنتاج والاستيراد!. من يريد مشاهدة هذا الإنجاز العظيم.. الذى بدأ فى معامل الأبحاث.. والآن الفلاحون يطبقونه من سنوات فى أراضيهم!. من يريد أن يفرح ويسعد ويملأ الأمل صدره وعقله... يخطف رجله إلى قرية منية الحيط.. مركز إطسا.. محافظة الفيوم.. ويسأل عن غِيط القمح اللى بيقعد فى الأرض أربعة شهور ويتحصد.. هيلاقى ألف من يِدِلّه.. على أرض الفلاح العبقرى حمادة على منصور.. الذى حققََ أعلى دخل من زرعة قمح فى تاريخك يا مصر.. وإيه فى أربعة أشهر مش ستة أشهر!. ................................................. من منا يعرف.. معنى الالتزام بِقَسَم إنسان.. أن يقدم روحه فداء للوطن!. حالة استثنائية خاصة جدًا.. الإحساس بها.. يتطلب من كل واحد منا.. أن يختلى بنفسه فى مَرَّة ليفكر مع نفسه مَرَّة.. فيمن هم منا وبيننا.. الذين عاهدوا ربهم أن يقدموا أرواحهم فداء للوطن!. فيمن يضحى بأغلى ما يملك.. روحه.. لحماية أرض وعرض وشرف!. فداء.. لحمايتى.. أنا وإنت وهو وهى!. هؤلاء الرجال الشهداء.. أحياء عند ربهم يرزقون.. فى مرتبة لا نحلم أن نراها فى حلم!. هؤلاء الشهداء فى غنى عن أى مردود بشرى.. لأنهم فوق فوق عند خالقهم!. الذى يُرضِى هؤلاء الشهداء.. أن يبقى امتناننا وتقديرنا وفخرنا العمر كله.. لزوجاتهم وأبنائهم وأمهاتهم وآبائهم!. أتذكر اليوم لنعرف.. البطل الشهيد العقيد مراد فتحى.. قائد كتيبة حرس حدود!. تذكرون حضراتكم حادث الإرهابى ضد أتوبيس يحمل أهالينا فى المنيا.. الإرهابيون هربوا فى الصحراء.. وتم تكليف كتيبة حرس الحدود بمهمة القبض عليهم.. وبالفعل وصلوا إليهم.. ولحظة المداهمة.. فجر الإرهابيون سيارة مفخخة.. وخرجت روح العقيد مراد فتحى إلى بارئها شهيدًا. وهذه حكاية البطل الشهيد الرائد محمد عبده من سلاح المدرعات.. الذى استشهد أول يوليو 2015.. فى يوم خططت له أجهزة مخابرات عدة دول.. لأجل أن يعلنوا فى هذا اليوم.. قيام ولاية إسلامية فى سيناء!. هجوم رهيب على كمين أبوالرفاعى المتحكم فى منطقة الشيخ زويد!. الكمين قوته 22 مقاتلًا وقائدهم الملازم أول أدهم الشوباشى.. فى مواجهة أكثر من 200 سيارة دفع رباعى مجهزة بالرشاشات!. معركة استمرت ساعات.. البطل الشهيد محمد عبده فى هذا اليوم.. كان نازل إجازته.. وعندما سمع بالهجوم على أبوالرفاعى.. قاد حملة خفيفة لنجدة الكمين.. فاشتبك مع وَكْر إرهابيين.. تقريبًا دمر البطل الشهيد كل سياراتهم وأغلب مقاتليهم.. فماذا فعلوا.. ضربوا البطل الشهيد بقذيفة RPG التى يضربونها على الدبابات!. هو ده جيش مصر.. وهمه دُوْل خير أجناد الأرض!. ................................................. من منا يعرف رضا عبد السلام؟. أغلبنا لا يعرفه.. رغم أنه حدوتة مصرية أغرب من الخيال فى قهر المستحيل وزرع الأمل فى أرض اليأس.. بالصبر الجميل والإرادة الحديدية.. وقبلهم وبعدهم.. الإيمان المطلق بقضاء الله!. الأسبوع المقبل بإذن الله نعرف حكايته.. لنعرف أن مصر فيها حاجات حلوة كثيرة!. فيها من يضحون بأرواحهم لنعيش فى أمان.. فيها أماكن.. هبة من الله لنا.. فيها نماذج ناجحة مُبْهِرة لا تحصى.. فيها من لا يعرفون المستحيل.. فيها من يعملون ليل نهار فى المشروعات الجبارة.. فيها من يبنون قواعد مجد هذا الوطن...